نخوض بالحياة العديد من المواقف ، التي يصفها البعض بأنها قد حفرت للأبد بالذاكرة ، ومن بين أكثر المواقف التي قد لا ينساها الإنسان ، هي المواقف المرعبة التي تتسبب في حالة من الهلع والخوف الشديد ، وذلك نظرًا لشعور الشخص في هذا الوقت ، بأنه قد يفارق الحياة في أية لحظة من شدة الخوف ، ولعل هذا ما حدث مع الضابط منير ، خلال فترة خدمته .

يقول الراوي ، جلست مع عمي نتبادل أطراف الحديث ، على إحدى المقاهي بوسط البلد ، وكنا نتحدث بشأن الأفلام والسينما المحلية والعالمية ، وكنت أتحدث وأذكر أن السينما المحلية ، لم تقدم أفلامًا مرعبة بدرجة كافية ، فأنا من محبي أفلام الرعب بشدة ، وأرى أن الإنتاج الغربي منها ، هو الأقوى على الإطلاق ، فضحك عمي بشدة حتى دمعت عيناه ، وهو يدعى منير وقال لي أن الواقع به من القصص المرعبة والحكايات ، ما هو أشد هولاً من السينما .

بالطبع كانت كلماته كفيلة لإثارة فضولي ، فطلبت منه أن يروي ما لديه ، فشرد قليلاً ثم قال لي ، منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا ، كنت ضابطًا صغيرًا بالجيش ، وقد اعتدت دائمًا على التنقل وتغيير أماكن الخدمة من آن لآخر ، وشاء القدر أن أنتقل إلى مدينة كبيرة ، غير البلدة التي كنت أخدم بها ، وبمهاتفه بعض زملائي وقد كانوا أصدقاء لي منذ الدراسة الجامعية ، وجدتهم أيضًا سوف ينتقلون إلى نفس المدينة فاتفقت معهم ، بأن نلتقي في اليوم التالي ونذهب لاستئجار شقة قريبة من المعسكر ، لحين إنهاء بعض إجراءات الانتقال من موقع لآخر ، وقد وافقوا .

في صباح اليوم التالي ، جمعت حقيبتي وانطلقت نحو محطة القطار ، وأثناء جلوسي بالعربة اقترب مني رجل عجوز ، وجلس إلى جواري وتبادل معي أطراف الحديث ، ولما علم أنني أبحث عن شقة صغيرة ، أخبرني أنه يعرف أحد الأشخاص يؤجر شقة في منزله ، عبارة عن غرفتين إذا أردت أن آخذ الشقة كاملة أو غرفة واحدة ، فحصلت على هاتف الرجل ، وشكرت العجوز وهبطت عندما أتت محطة وصولي .

هاتفت صاحب المنزل وقد رحب بي كثيرًا ، وكنت أتواصل مع أحد أصدقائي ، فأخبرني أنهم سوف يتأخرون عني وقد لا يستطيعون المكوث في الفندق برفقتي ، قبل أن يصلوا ، وذهبت إلى العنوان كما أخبرني صاحب العقار ، وتحدثت معه ثم استأجرت منه غرفة واحدة داخل الشقة ، فرحب بي الرجل وصعدت برفقته ، أول شعور دخل إلى قلبي هو أن طقس تلك الشقة ثقيل جدًا ، تشعر معه وكأن هناك من يقبض على عنقك بقسوة .

يبدو أن الرجل شعر بما حدث ، فعرض علي أن أمكث في الغرفة المطلة على الطريق ، وليست الأخرى التي وقع عليها اختياري ، وافقت بالطبع وقد شعرت أنها أخف وقعًا على قلبي ، وطقسها أكثر بهجة وأعطيت الرجل نقوده ، ثم ذهبت لأتمدد فوق الفراش .

لم أدر كم من الوقت غفت عيناي ، ولكني استيقظت على وقع طرقات خفيفة على باب الغرفة ، فنهضت وأنا أهتف من بالباب ؟ فأجابني أحدهم : أنا جارك بالغرفة المجاورة وقد أتيت لألقي السلام عليك ، ثم اختفى صوته ، ففتحت باب الغرفة لأرى الطارق ولكني لم أجد أحدًا .

استمر هذا الوضع لعدة أيام ، أسمع الطرق على باب غرفتي ليلاً ، وصوت أحدهم يلقي السلام ، وفي النهار لا أجد أي أثر لأي شخص ، وكأن الرجل لا يستخدم المرحاض أو غرفة الطهي قط!!

في آخر يوم لي بالمنزل ، نهضت باكرًا ونزلت إلى محل البقالة القريب ، لأبتاع بعض الأغراض قبل أن أغادر ليلاً ، وهناك وجدت صاحب المنزل يشتري بعض الأشياء له ، فتبادلت معه السلام ، وسألته عمن سكن بالغرفة المجاورة لي ، فجأة امتقع وجه الرجل بشدة وسألنني الغرفة المجاورة ؟ فأجبته أن نعم ورويت له ما حدث .

فتغير لون الرجل بشدة ثم انصرف ركضًا نحو منزله ، فاستدرت إلى الصبي الذي يقف بالبقالة ، فقال لي الصبي ، يا سيدي إذا كنت تسكن بالطابق الثالث ، فلابد أنك قابلت أو طرق بابك ، شبح السيد فتحي الذي توفى منذ عدة أعوام ، نحن لا نعلم ما سبب وفاته ، ولكن فتحنا باب الشقة عقب أن اختفى الرجل لعدة أيام ، دون أن يراه أحدنا ، فوجدناه قد توفى وعلى وجهه أعتى آيات الرعب ، ولا ندري ما حدث له ، ومنذ ذلك اليوم وأي شخص يسكن هذا الطابق ، يسمع صوت طرقات الرجل على بابه! لم أشعر بنفسي ، سوى وأنا أحمل حقائبي مسرعًا إلى محطة القطار ، قبل موعدي بثمان ساعات 

By Lars