بين جدران المدرسة نتلقى العلم وتسمو أرواحنا لتعلو فوق كل النواقص ، نشعر أننا على وشك الاكتمال ، ونجاهد كي نبقى بين الصفوف ، ولا نصبح رفات ، ولكن في مدرسة ميلتون بإلينوي كان الجهاد مميتًا والبقاء شبه مستحيل ؛ حيث يقال أن في تلك المدرسة التي بنيت عام 1904م شبح لفتاة صغيرة تدعى ماري ، قتلت بالطابق السفلي .
بدأت أحداث تلك القصة المأساوية للمدرسة في أحد الأيام الباردة ، وبالتحديد في فصل الخريف بعد انتهاء الصف الدراسي لذلك اليوم ، حيث غادر الطلاب والمعلمين جميعهم باستثناء فتاة صغيرة تدعى مريم ، كانت تقوم بإنهاء بعض الأعمال المدرسية في صفها .
وحينما أنهت عملها وبدأت في المغادرة ، أوشك الظلام أن يحل وغرقت المدرسة في صمت مطبق ، فلم تشعر ماري بمرور الوقت وحاولت أن تسرع قدر طاقاتها ؛ لأنها كانت تعلم أن والدتها سوف تشعر بالقلق عليها ، لذا جمعت كتبها المدرسية في حقيبتها ، وسارعت تعبر الممرات دون أن تدرى أن هناك من يتبعها .
وبينما كانت ماري تسير في وجهتها ، دخلت ممر مظلم ومرت إلى أسفل الدرج في طريقها للخروج من البوابة ، وفجأة سمعت ضجيجًا غريبًا خلفها ، ومن يومها لم تعد مارى إلى البيت ، وبحثت عنها والدتها في كل مكان ولكن دون فائدة .
فاتصلت بالشرطة وبعد البحث تم العثور على جثتها في صباح اليوم التالي في صالة الألعاب الرياضية بالمدرسة ، كانت مستلقية على أرضية غرفة حمام الفتيات في الطابق السفلى من المدرسة ، كانت ملابسها ممزقة ومتناثرة حول جسدها ، الذي تنتشر به أثار كدمات مبرحة وضرب مميت أدى إلى القتل .
عندما وصلت الشرطة وبدأت التحقيق ، وجدوا على أرضية غرفة الاستحمام الفتاة وهي غارقة في بركة من الدماء ، وقد استطاعت الفتاة قبل أن تموت أن تبعث برسالة للبحث عن قاتلها ، حيث كتبت بدمها ثلاثة أحرف وهى jun .
كانت تلك الأحرف بمثابة خيط للبحث عن الجاني ، فيبدو أنها حاولت في لحظات موتها الأخيرة تسمية قاتلها والإشارة بأصابع الاتهام إليه ، لذا بدأت الشرطة بالبحث عن كل شخص في المدرسة يدعى جين أو جاني أو جانيت ، ولكن بعد التحقيق مع كل هؤلاء الفتيات توصلت الشرطة ، إلى عدم وجود علاقة لهم بقضية القتل ، فحارت الشرطة في أمرها وفقدت الخيط الوحيد الذي كانت تملكه .
مرت بضعة أيام بعدها قبل أن يلاحظ أحدهم أن حارس المدرسة لم يأتي للعمل في الآونة الأخيرة ، فذهب رجال الشرطة إلى منزله للتحقيق معه ، وسألوه عدة أسئلة عن مكان تواجده أثناء وقوع الجريمة ، فأخبرهم أنه كان مريض ويعاني من البرد الشديد ، لذا لم يستطع الحضور للعمل وظل برفقة أمه المسنة بالمنزل .
ولكن أثناء التحقيق لاحظ أحد رجال الشرطة وجود خدش على خده ، ولما سألوه عن ذلك قال أنه خدش من قطته الأليفة ، الأمر الذي لم تقتنع به الشرطة ، ولكنها لم تستطيع القبض عليه لأنها لم تجد دليل قاطع يدينه خاصة أنها وضعته تحت المراقبة لعدة أسابيع .
بعدها بدأت الشائعات تنتشر في جميع أنحاء المدرسة ، واشتبه الجميع في حارس المدرسة ، فصار الكل يتهامس بأنه هو القاتل وبدأت معاملة الجميع له تتغير ، وأخذ الكل يتحدث عن عاداته الغريبة وسلوكه المريب .
حتى جاء أحد الأيام التي تم فيها العثور على حارس المدرسة معلقًا من رقبته في سقف غرفة أسفل المدرسة ، ويبدو أنه انتحر والعجيب هو ما كان مثبتًا على صدره ؛ ورقة مكتوبًا عليها بخط يده (أعتقد أنني فعلت ذلك) .
هل كان هذا اعتراف لرجل يشعر بالذنب ؟ أم أنها كانت رواية رجل بريء شعر أن الجميع يخافونه ويخشون التقرب منه ؟ لا أحد يعرف على الإطلاق لما انتحر هذا الحارس ؟
ومع مرور السنوات جاء طلاب جدد للمدرسة وغادر الطلاب القدامى ، ولكن ظلت الأشباح مقيمة في تلك المدرسة ، فقد تحدث العديد منهم عن سماع أصوات غير مفسرة ، وظلال غريبة تظهر في أروقة المدرسة ، ورفض المعلمون الالتفات لتلك القصص باعتبارها أغرب من الخيال .
وأغلقت المدرسة بعد سنوات طويلة ، إلى أن تحولت إلى مبنى مكاتب للموظفين العاملين بالولاية ، وكان بعض الموظفون يحكون أشياء غريبة تحدث لهم ؛ حيث كانوا يسمعون صوت خطوات تمشى في الطرق المظلمة ، وأشياء تختفي من المكاتب وأصوات غريبة في الممرات ، حتى أن أحد الموظفين قال : إنه رأى شبح فتاة في دولابه بالمكتب يظهر من وقت لأخر .
وحكي أخر أنه رأى شبح رجل معلقًا من رقبته بسقف الغرفة ، وقد ظهر له هذا الشبح أكثر من مرة مهددًا إياه بالقتل ، الأمر الذي جعل الموظف يطلب نقله إلى مكان أخر بأي ثمن ، ويعتقد الموظفون أن هذا الشبح هو شبح حارس المدرسة القديمة ؛ الذي انتحر بها قديمًا ، ورغم موته ظل هذا المكان يتحدث عنه ويجسد وجوده لكل قاطني المكان .