قد يضطرك السفر ، للانتقال كثيرًا مستخدمًا القطارات حتى تستطيع اللحاق بموعدك ، ولكن هل يمكنك أن تتخيل بأن القطار قد يضعك في يوم ما في موعد مع جنيّة أو شبح؟
يقول الراوي وهو طالب جامعي ، كثيرًا ما كنت أستقل القطار من بلدتي حتى أذهب إلى الجامعة في المدينة ، الأمر الذي جعلني أعتاد على رؤية بعض الأشخاص بشكل مستمر ، لدرجة وطدت العلاقة بيننا جميعًا وصارت بيننا مودة ، ثم تطورت الرؤية اليومية إلى صداقة لطيفة إلى حد ما ، ووصل الأمر مع بعض الركاب الدائمين إلى إحضار الفطور ، لنا جميعًا كأهل وأصدقاء وصحبة دائمة .
وفي أحد الأيام ، وقف أمامي رجل يبدو أنه في العقد الثالث من عمره ، وظل هكذا وما أن شعرت باقتراب فروغ المقعد المواجه لي ، فأشرت له بأن يجلس ، وياليتني لم أفعل ، فالرجل كانت تنبعث منه رائحة ثوم قوية ، ومثيرة للاشمئزاز أيضًا .
اقتربت منه وسألته عن أمر الثوم! فالأمر لا يطاق وغير معتاد على الإطلاق أن يخرج شخص ما إلى الشارع ، يتجول بمثل تلك الرائحة ، فبكى الرجل ، وما أن توقفت القطار حتى هبط منه وهو لا يلوي على شيء .
أخذني الفضول لأكثر قصته ، فغادرت القطار قبل أن يتحرك وتركت الذهاب للجامعة خلفي ، فلا بأس من التغيب عنها يوم ، في سبيل معرفة السر خلف هذا الرجل ، ركضت خلفه مسرعًا وأنا حتى لا أدري ما اسمه ، إلى أن وصلت إليه ووقفت أمامه مباشرة وطلبت منه أن نجلس للحديث ، أومأ الرجل برأسه موافقًا وجلسنا على إحدى القهاوي القريبة ليسرد لي ما حدث له .
قال الرجل وهو شاب ثلاثيني ، يدعى باسم وعمري اثنان وثلاثون عامًا أعيش بقرية ريفية صغيرة ، وأعمل بهيئة السكك الحديدية ، تحديدًا بنقطة الإسعاف الملحقة بها ، وفي أحد الأيام وقع حادث ضخم لأحد القطارات المارة بقريتي ، وكان الحادث مروع بلا شك وتوافد الكثير من الناس لانتشال الجثث ، في مشهد تدمع له الأعين ويُدمي القلوب ، فالركاب قد صاروا أشلاء ، وقليل منهم من نجى .
ونظرًا لاقتراب منزلي بالقرية ، من موقع الحادث ظللت بالموقع لفحص الحطام ، وإعداد تقرير بشأن ما حدث وعدد الوفيات وفحص المتعلقات الشخصية للركاب وخلافه ، وعرضت أن يبيت بعض الزملاء بمنزلي القريب ، ولكنهم انصرفوا جميعًا ، فظللت أنا أتجول وحدي عقب انتهاء الوردية بين عربات القطار المحطم .
جلست على أحد المقاعد وأنا أحاول أن أتصور بشاعة هذا الحادث ، وفتحت عيناي وأنا أدع الله لهم جميعًا بالرحمة ، وفجأة وقعت عيناي على محفظة جيب صغيرة ، فالتقطتها فإذا هي تخص فتاة ، فتحتها بالطبع لأجد هويتها بالجامعة وبطاقة الرقم القومي ، وكأي رجل تأملت ملامحها ، هي جميلة حقًا .
تمنيت للحظة ألا تكون قد ماتت في الحادث ، وعاهدت نفسي بأن أبحث عنها في الغد ، وبينما أقلب في الأوراق ، وجدت ورقة مطوية أشبه بالخطاب ، قرأتها لأجد الفتاة تتوسل إلى الله أن يرحمها من قسوة والدها ، الذي يريد ألا تذهب إلى الجامعة مرة أخرى ، طويت الورقة مرة أخرى وجلست أتأمل ملامحها وأنا مبتسم وقرأت اسمها ، تدعى سهام .
فجأة ، سمعت صوت خطوات أقدام ورأيت ضوءًا خافتًا يأتي من الخارج ، فاختبأت خوفًا من القادمين ، فقد يكونوا تجار أعضاء أو يعملون بالمدافن ويرغبون في الحصول على بعض الأشلاء والجثث ، وما أن سمعت أصوات الأقدام تقترب حتى نهضت من مكمني فجأة وقلت أنني في المكان ، وتساءلت عمن قدم ؟
هنا انطلق أحد الشخصين مسرعًا إلى الخارج فزعًا ، وسقط الثاني أرضًا ، فتملكتني شجاعة مفاجئة وذهبت راكضًا لأرى من هو ، ولكن ! إنها هي سهام ، صرخت باسمها فاندهشت وقالت هل تعرفني ؟ فسألتها ما الذي أتى بها إلى هذا المكان وحدها ؟ فقالت أنها جاءت لتبحث عن محفظتها فيها كافة أوراقها وأن من انصرف هو شقيقها الصغير .
فأعطيتها المحفظة فتبسّمت ، وما أجمل ابتسامتها لقد سحرتني وأنا لا أدري كم استغرقت متأملاً ملامحها الجميلة ، وقبل أن تنصرف طلبت منها أن نلتقي بالغد في نفس المكان ، وأنني لا أرغب سوى بالحديث معه وأن كل ما يدور بداخلي نحوها هو أمر شريف ، والغريب أنها وافقت على الفور واتفقنا على اللقاء .
في اليوم التالي ، ظللت واقفًا مكاني أنتظرها ، لساعة واثنين وثلاثة ، حتى أتى زملائي إلى موقع العمل ولم تأتِ هي ، وفجأة مر قطار من أمامي ولمحتها تقف على عتبة إحدى عرباته ، وما أن صحت مناديًا باسمها حتى نظرت لي بامتعاض وأدارت وجهها إلى الناحية الأخرى !
لا أفهم هل تجرأت وأحرجتها بينما هي تقف بين الناس ؟ ذهبت لاستكمال عملي وبالليل ظللت جالسًا في مكاني ، لأجدها قد أتت مبتسمة ابتسامتها الساحرة ، واعتذرت برقة أنها لم تأتِ في الموعد صباحًا كما اتفقنا ، لا أفهم لماذا إذًا تجاهلتني ولكن سحر ملامحها أنساني هذا الغضب ، وطلبت رقم هاتفها فأعطته لي وانصرفت مسرعة .
في اليوم التالي ، لم تأت فاضطررت مع شدة القلق أن أتصل بالرقم ، فإذا برجل غليظ الصوت يرد على اتصالي ، فسألته عن سهام قائلاً أنني أردت الاطمئنان عليها ، فأجاب ساخرًا أنني يمكنني الاطمئنان عليها ، إذا ما وافتني المنية في حادث قطار مثلها!
نعم !! هل ماتت سهام ؟ إذًا من التي تلاقيني تلك ؟ ظلت الأسئلة تدور بخلدي حتى غبت في نوم عميق ، واستيقظت فجأة على صوت كائن مظلم بعيون متوهجة ويقول لي أتيت إليك ، أنا سهام ، فزعت بشدة حتى أتت أمي ، ورويت لها ما حدث .
أخذتني أمي إلى شيوخ كثر ، وقالوا جميعًا أنني ممسوس ، ولكن لا فائدة من العلاج ، فذهبت خفية من وراء والدتي لدجال ، وأنا أعرف أنني لا يجب أن أفعل ذلك ، ولكني فعلت .
قال لي ألا أصلي وأنني ينبغي أن آكل لحم نيئ ، وطلب عدة أمور ووعدني بأن تختفي سهام ، وبالفعل اختفت لم أعد أرها كل ليلة كما سبق ، ولكن فجأة ظلت تأتيني في كل لحظة ، وصرت أراها بالنهار ، وخارج المنزل .
وفي أحد الأيام لمحتها واقفة في القطار أثناء توقفه ، انطلقت نحوها صارخًا دعيني وشأني فالتف الناس حولي وأوسعوني ضربًا ، وإذا بالفتاة تصرخ بأحدهم وتقول له أنني لست الوحيد ، فنهضت وأنا أسألهم هل يرونها مثلي ؟ فقالت الفتاة أنها شقيقة سهام التوءم وأن كثيرون قد قالوا بأنهم قد رأوها ، ولكن سهام توفت بحادث القطار عندما وقع هي وشقيقها الصغير ، وتنازل الوالد عن المحضر في مخفر الشرطة وانصرفنا جميعًا ، ولم أجد بدًا لصرفها عني سوى تناول الثوم !
يقول الراوي عقب أن انتهي باسم من قصته ، هل تتناول الثوم عندما تراها ؟ فأجابه أن نعم ، فسأله الراوي بحذر هل عندما تناولت الثوم قبل أن تجلس أمامي بالقطار كنت تراها ؟ فأجابه بأنها كانت تجلس إلى جواره مباشرة .
فنجان برج الحوت اليوم مع قارئة الفنجان المتميزة لدينا. من خلال تحليل الرموز والإشارات في…
فنجان برج الدلو اليوم الاثنين 28/10/2024 اكتوبر تشرين الاول برج الدلو ماذا يقول فنجانك؟هناك مناسبة…
فنجان برج الجدي اليوم الاثنين 28/10/2024 اكتوبر تشرين الاول برج الجدي ماذا يقول فنجانك؟أنت على…
فنجان برج القوس اليوم مع قارئة الفنجان المتميزة لدينا. من خلال قراءة دقيقة للرموز والإشارات…
فنجان برج العقرب اليوم مع قارئة الفنجان المبدعة لدينا. من خلال تحليل الرموز والإشارات في…
فنجان برج الميزان اليوم مع قارئة الفنجان المميزة لدينا. من خلال تحليل دقيق للرموز والإشارات…