قد يراود البعض منا خياله بشأن الأشباح والأرواح المنطلقة ، فيظن بعضنا أن كلها أرواح غاضبة ومعذبة لا ترغب سوى بالشر ، ولكن لابد لنا من أن نتفتح عقليًا ونتقبل كافة الأمور خاصة الغيبية منها ، فالروح بالطبع من أمر الله ، ولكن لابد أنه قد مر عليك رواية أو قصة ، سردها أحدهم أمامك بشأن حبيب راحل قد زاره ، وبعث إليه برسالة ما أو حذره من شيء ما ، والنهاية يظل سر الروح وكيفية إرسالها إلى البعض منا بالمنام أو رؤية شخص ما متجسدًا في شبح ، سوف يظل لغزًا غامضًا بالنسبة لنا جميعًا .
الرسام :
يقول الراوي وهو رسام متوسط الشهرة ، إنجليزي الأصل وهو شاب في العقد الثالث من العمر ، أنه يعيش وحده في منزل مكون من غرفتين ، أعد إحداهما لرسم والأخرى كان يعرف بأنها مكانًا لنومه ، ولكنه من شدة الاختلاط بينهما فلا يعرف أين ينام وأين يعمل ، صار الأمر مربكًا خاصة إذا ما زاره أحد الضيوف من العملاء الذين يطلبون صورًا لذويهم .
كانت الفترة التي يقص علينا فيها الراوي قصته ، قبل اختراع الكاميرا الفوتوغرافية ، لذا كان الطلب قويًا إلى حد ما على رسم الأحباب والعائلات العريقة ، وبعض الموديلز أو العارضات ، وفي أحد الأيام قابل هذا الشاب ويدعى مارك إحدى العارضات التي طلبت منه أن يرسم لها صورة ، وبالفعل تم الاتفاق على موعد محدد وذهبت إليه ، وجلست لتحصل على صورة مرسومة لها .
ما أن فرغ مارك من مهمته حتى انصرفت الفتاة تحمل صورتها ، وعقب دقائق سمع مارك طرقًا على بابه ولكنه اندهش عندما فتحه ، فقد وجد أمامه رجلاً وسيدة يبدو عليهما الثراء الشديد ، فاستأذنه الرجل أن يسمح له بالدخول إلى شقته .
جلس مارك إليهما ، وكان الرجل بالفعل ثريًا ومن النبلاء في هذا الوقت ، وأخبره بأنه حصل على عنوان مارك من الفتاة التي تعمل عارضة ، وطلب منه أن يذهب إلى قصره ليرسم العائلة ، فهو يرغب بالحصول على صورة لعائلته ليضعها في القصر .
تم الاتفاق سريعًا وحصل مارك على العنوان ووعدهما بالذهاب إليهما في الموعد المحدد ، وبالفعل مرت أيام قليلة رتب فيها مارك عمله ، ثم انطلق مستقلاً للقطار متجهًا نحو الشمال ، حيث يقطن الثري وعائلته ، بالإضافة إلى أن مارك قد اعتبرها رحلة استرخاء ، فقد كان يرغب في الارتحال منذ فترة ، وقد حانت الفرصة أخيرًا .
حسناء القطار :
لم تمر دقائق حتى أتت سيدة جميلة الملامح ، جلست في المقعد المقابل لمارك ، وأسبلت عينيها بارتياح وهي تبتسم بهدوء وكأنها نائمة .
تأملها مارك هي جميلة حقًا ، ولطالما رغب بشدة في رسم وجه ملائكي مثل هذا ، فتحت المرأة عينيها وابتسمت له ، وسألته عن وجهته وتبادلا أطراف الحديث سريعًا ، ولكنه لم يجرؤ على سؤالها إلى أين هي ذاهبة ، بل همس لها أنه يرغب في رؤيتها مرة أخرى ، فابتسمت ابتسامة لم يدر مارك مغزاها ، وقالت له سوف نلتقي قريبًا جدًا .
القصر :
وصل مارك إلى وجهته عقب أن نزل في محطته ، وبسؤال واحد عرف مكان القصر الشهير وانطلق صوبه فورًا ، استقبله أحد الخدم وأجلسه بغرفة استقبال الضيوف ، ولم تمر دقائق حتى أتته السيدة التي كانت بالقطار معه ! نهض وقال لها أنت تعيشين هنا ؟ قالت له ألم أقل لك أننا سوف نلتقي قريبًا ، ابتسم مارك فقالت له أريدك أن ترسم لي صورة ، هل تتذكر ملامحي ؟ قال لها مارك أظنها قد حُفرت في خيالي ولن تمحى قط .
ابتسمت المرأة في رضا ، ونزعت كتابًا من بين الكتب ، وأعطته إياه وقالت له ، انظر لتلك الملكة هل أشبهها ، نظر مارك سريعًا وقال لها بالفعل أنتِ تشبهينها كثيرًا ، فقالت له إذًا ارسم لي لوحة وإذا ما نسيت أية تفاصيل ، عد إلى تلك الصورة في الكتاب ، ثم انصرفت إلى خارج الغرفة .
أتى الرجل الثري وزوجته وسلما على مارك ، وجلسا معه يعرفونه بأفراد العائلة من أبنائهما ، كان مارك شديد التلهف لمعرفة صلة القرابة بينهم وبين الحسناء ، ولكنه خشي إغضابهم فتراجع عن سؤاله ، واستأذن منهم ليصعد إلى غرفته لينعم ببعض الراحة ، مرت عدة أيام كان مارك يعمل فيها على طلب العائلة ، ولكنه لم ير الحسناء مرة أخرى ، ولطالما أراد أن يسألهم عنها ولكنه كان خائفًا بشدة من رد الفعل ، فآثر الصمت .
العم لوقا :
أثناء عودة مارك بالقطار إلى مدينته ، توقف القطار لعطل ما قد يستمر لعدة ساعات ، ونصح القائد الركاب بأن ينطلقوا لتناول الطعام والشراب والراحة ، حتى يتم إصلاح العطل إن أرادوا ذلك .
هبط مارك وكان يعلم بأنه له صديقًا في تلك المنطقة ، فسأل البعض عنه ، وعقب دقائق أتاه رجلًا في الخمسين من عمره ، قال له مارك أنه ليس صديقه الذي يبحث هو عنه ، فأجابه الرجل بأنه هو من يبحث عنه ! اندهش مارك وسأله أنت تبحث عني ؟ لم ؟
استأذنه الرجل ليذهب معه إلى منزله ، وهناك قابل طفلة في الثانية عشرة من عمرها تدعى ماريا ، سلمت عليه ببرود فقال له الأب أن ابنته تتحمل المسئولية رغم صغر سنها كالرجال ، وقد أصبحت باردة ولا تخش شيئًا عقب وفاة أختها ، فهي لن تحزن على فراق أحد ، ولن يحزن أحد على فراقها .
جلس الأب إلى جواره ، وقال له أنه يريد منه أن يرسم صورة لابنته الراحلة ، والتي تدعى كارولين ، كانت حسناء جميلة ولكن توفت أمها وهي تلد أختها الصغيرة ، فصارت كارولين هي سيدة المنزل ، وكانت تخفي معاناتها وهي تحتضن ثياب أمها وتبكي كل ليلة ، وما أن أصل إلى المنزل حتى تجفف دموعها الحارة وتستقبلني بحفاوة .
وفي أحد الأيام علمت بأن القطار قد دهس كارولين الجميلة وتركني وحدي دونها ، وتمنيت من يومها أن أمتلك ولو حتى صورة لها ، تعينني على الحياة ، وفي أحد الأيام بينما أنا جالس أبكيها ، لاح لي طيفها وقالت لي بأنها سوف تمنحني صورة لها ، ولن يطل الأمر ، وأنا أريد منك أن ترسمها لي.
جلس مارك برفقة ماريا ، حتى تصف له شقيقتها الراحلة ولكنه علم أنها طريقة فاشلة ، ففي كل مرة كانت الملامح لا صلة لها بها ، فقالت له ماريا هل تعلم لقد كانت شقيقتي تشبه إحدى الملكات القدامى ، وكانت دائمًا ما تضع صورة تلك الملكة في كتاب قديم ، وتحتفظ به ولكنه اختفى فجأة ولا أدري أين هو .
هنا لاح لمارك خاطر ما ، فذهب وفتح حقيبته وأخرج منها صورة مرسومة لسيدة القطار ، التي كان قد قابلها منذ أيام ، ورسمها أثناء تواده في غرفته داخل القصر كما طلبت هي منه ، هنا طارت ماريا فرحًا عندما رأت الصورة ، وسألته كيف راسلهما ، هذه هي كارولين المتوفاه بالفعل !
بسؤال أبيها ، قال له الوالد أنه لم يصدقه أحد عندما قال ، بأنه قد رأى كارولين تجلس إلى رسام في القطار ، وتطلب منه أن يرسمها ، وأنه قد شاهدهما سويًا بالقصر ، وعلم أنه سوف يأتيه باللوحة ، صُدم مارك ولم يدر ما يجب أن يقول ، فصعد إلى الغرفة التي أعدتها له ماريا ليرتاح قليلاً .
نهض مارك عقب ساعة ، لتأخذه ماريا إلى غرفة أبيها ، ليجد الرجل قد احتضن الصورة ، ومات لم يبد على ماريا التأثر فهي كما قال والدها لن تحزن على فراق أحد ، ولن يحزن أحد على فراقها ، ولكن هل سيرى هو كارولين مرة أخرى ؟
فنجان برج الحوت اليوم مع قارئة الفنجان المتميزة لدينا. من خلال تحليل الرموز والإشارات في…
فنجان برج الدلو اليوم الاثنين 28/10/2024 اكتوبر تشرين الاول برج الدلو ماذا يقول فنجانك؟هناك مناسبة…
فنجان برج الجدي اليوم الاثنين 28/10/2024 اكتوبر تشرين الاول برج الجدي ماذا يقول فنجانك؟أنت على…
فنجان برج القوس اليوم مع قارئة الفنجان المتميزة لدينا. من خلال قراءة دقيقة للرموز والإشارات…
فنجان برج العقرب اليوم مع قارئة الفنجان المبدعة لدينا. من خلال تحليل الرموز والإشارات في…
فنجان برج الميزان اليوم مع قارئة الفنجان المميزة لدينا. من خلال تحليل دقيق للرموز والإشارات…