بالطبع نحن لا نحيا بمفردنا في هذا الكون ، ونعلم أن هناك عالم آخر للجان ، والشياطين وغيرهم من الكيانات ، التي خلقها المولى عزوجل ، ولكنها غير مرئية بالنسبة لنا ، وإنما ذُكرت بكتاب الله الكريم القرآن ، ولعل جزء من العالم الآخر يتمثّل في المس الشيطاني .

البداية..
وُلدت بطلة قصتنا في ألمانيا ، في عام 1952م ، لعائلة كبيرة ، ومتدينة وتحافظ على العادات والتقاليد المجتمعية والدينية بصورة كبيرة جدًا ، تلك الطفلة تُدعى أنليس مشيل ، من تعامل مع أنليس وصفها بأنها شخصية جميلة ، تمتلئ بالطيبة والتسامح للغاية ، بالإضافة إلى أنها مرحة وتعشق الحياة ، مع الالتزام التام بقوانين عائلتها ، وعادات المجتمع المحافظة ، وغير متهورة أو تقوم بتصرفات غريبة ، ومن أهم ما تم ذكره بشأن أنليس ؛ أنها كانت طبيعية جدًا نفسيًا وجسديًا.

أحداث مريبة ..
بعد أن بلغت أناليس السادسة عشرة من عمرها ، بدأ من حولها يلاحظون تحولات غريبة وغير مبررة ، حيث بدأت أنليس تتعرض لنوبات متتالية من التشنجات القوية ، التي استمرت لأكثر من عشرة دقائق ، غابت بعدها الفتاة عن الوعي تمامًا .

وبالطبع خضعت أنليس للفحص الطبي ، وانتقلت إلى المشفى إثر تلك الحالة ، وتم إجراء الأشعة والتحاليل اللازمة لها ، وكافة الفحوصات للتأكد من عدم معاناتها ، من أحد الأمراض ، ولكن أثبتت الفحوصات بأن أنليس سليمة ، ولا تعاني من أية مرض يذكر .

ومع عودة أناليس مرة أخرى إلى منزلها ، بدأت حالة التشنجات في العودة ، ولكن هذه المرة بشكلٍ أقوى ، حيث ظلت أنليس تطرق رأسها بالحائط بقوة ، وتصرخ ، وترتمي أرضًا ، إلى أن فقدت وعيها تمامًا .

بالطبع ، اضطرت عائلة أناليس إلى إعادتها مرة أخرى إلى المشفى ، وتم احتجازها لفترة من الوقت ، ولكن ظهرت أعراض جديدة ، فكانت أناليس تنام لفترات متقطعة ، إلى أن انقطعت تمامًا عن النوم ، حيث قالت الفتاة بأنها لا تستطيع النوم وهي تشعر بأن شئ ما ، يجثم على صدرها ، ويمنعها من التنفس جيدًا .

ولم تتغير تلك الحالة لمدة ثلاث سنوات متصلة ! فشلت بها كافة التشخيصات الطبية ، ومحاولة الأطباء في معرفة ماذا أحل بالفتاة ، عقب ذلك ، خضعت أناليس لجلسات علاج نفسي ، ولكن مع تفاقم للأمر ، حيث أشارت الفتاة إلى أنها أصوتًا تهمس لها بأذية من حولها ، بالطبع من يسمع ذلك سيفكر بأنها هلوسة سمعية .

ولكن للأسف ، كانت تلك الأصوات مسموعة لكل من يجلس بالقرب من أناليس ، حيث انتقل الوضع من مجرد نوبات هيستيرية ، وأصوات داخلية تسمعها وحدها ، إلى أصوات وهمسات مسموعة إن اقتربت وجلست إلى جوارها!

هذا بالإضافة لعدة ظواهر أخرى ، مثل وجود رائحة منفّرة في المكان الذي تجلس به أناليس ، وأصوات صرخات تُسمع فجأة حولها ، وظلال يمكنك رؤيتها في المكان الذي تجلس به الفتاة ، مع امتلاء غرفتها بالعناكب ، التي لم تكن أناليس تتخلص منها ، بل تأكلها ! بالطبع لم يبق سوى طريق واحد تلجأ إليه العائلة ، نعم ، الكنيسة وجلسة لطرد الأرواح.

جلسات  طرد الأرواح ..
من المتعارف عليه ، أنه قبل أن تبدأ الكنيسة في علاج أية حالة لطرد الأرواح ، لابد من إحضارؤ ما يثبت احتياج الشخص لها ، وبالفعل ، حضر عدد من القساوسة ، وتحدثوا مع أناليس ، تم تسجيل الجلسات على شرائط .

ولكن ليس كما تتوقع بأنها تحدثت بأصوات أخرى ، وإنما ظهرت في التسجيلات أصوات أخرى إلى جوار صوت أناليس ، تحدثت بلغات قديمة ميتة ، ووصفت للقساوسة أحداثًا لا يعرفها سواهم ، ومن المستحيل أن تعرفها أناليس وحدها ، بالإضافة إلى أنها أخبرتهم بعدد من الأحداث المستقبلية ، أي خلال أيام وليس المستقبل البعيد ، وهنا قرر القساوسة أنها تحتاج إلى تلك الجلسات.

وعلى مدار أربعون جلسة لطرد الأرواح ، تزايدت قوة أناليس الجسدية ، وتحولت عيناها إلى اللون الأسود القاتم ولم تعد كما كانت من قبل ، بالإضافة إلى تحول صوتها ، وتغير ملامحها ، وفي اللحظات القليلة التي كانت تسترد بها وعيها ، طلبت منهم أنليس أن يقتلونها ، وعندما أدركت أنهم لن يفعلوا ذلك .

طلبت منهم أن يحرقوا جسدها عقب وفاتها ، وعقب عشرة أشهر من بدء الجلسات ، توفت أناليس ، تفتت أعضائها الداخلية ، وانهارت أرض غرفتها ، ودُمر المنزل في حريق هائل ، وتحقق كل ما روته إلى القساوسة خلال أيام معدودة.

تم فصل القساوسة الذين أشرفوا على حالتها من الكنيسة عقب تلك الأحداث ، التي ألهمت عددًا من مؤلفي الدراما ، بصناعة فيلم The Exorcism of Emily Rose ، ولكنها ليست الحالة الأولى أو الوحيدة على مستوى عالم ، لمن مروا بتلك التجربة من المس الشيطاني ، ولكن لم يتم التعرف حتى الآن ، على كيفية حدوثه ، وأسبابه ، ولماذا يحدث من الأساس ، كلها أسئلة تستحق المزيد من الدراسة ، والبحث .

By Lars