يعود تاريخ بناء السراديب الأشهر في تاريخ اسكتلندا إلى القرن الثامن عشر ، إبان فترة بزوغ الثورة الصناعية وسيطرتها على كافة معالم في انجلترا ، وقد شهدت مدينة إدنبرة توسعات هائلة مع تدفق العديد من المهاجرين ، وازدهار التجارة مما دفع الحكومة لإنشاء جسرين يربطان بين كل من الجانبين الشمالي والجنوبي .
ومن الملفت للنظر أن الجسر إذا مشيت فوقه ، تشعر كأنك في سوق تجاري حيث تمتد المحال التجارية يمينًا ويسارًا ، ومع استمرار البناء لعشرة أعوام متتالية ، تم الانتهاء من الجسر الذي يتضمن قرابة الأربعمائة خزان وسرداب بداخله .
حيث كان من المقرر الاستفادة من تلك السراديب ، وتأجيرها لأصحاب المحال التجارية كمخازن ، ولكن من قام ببناء الجسر أهمل تصميم فتحات لمياه الأمطار وتغطية الجدران بالشكل المناسب ، فتآكلت الجدران وملأتها الرطوبة وخسر التجار بضائعهم مع هطول الأمطار ، التي تسربت إلى داخل السراديب وأتلفتها.
بالطبع تم إهمال تلك السرايب ، وسكنها المشردون والمهاجرون الفقراء ممن هم بلا مأوى ، رغم الرطوبة التي تضرب المكان طوال العام ، وعدم أمانه ، فقد صار مرتعًا للفاحشة ، والتجارة غير الشرعية ، والسفاحون والقتلة ، وسكنته بعض الأسر المهاجرة الفقيرة ، ولم يتم إغلاقه سوى في الفترة ما بين الثلاثينيات والسبعينات ، حيث ضخت الحكومة أطنان من الأحجار والصخور لسد مداخله ومخارجه وإغلاقه تمامًا ، إلا أنه بعد عدة أعوام اكتشف بعض الزوار متاهات أخرى أسفل هذا الجسر .
أشباح السراديب :
بعد فترة من الوقت وبعد أن اكتشف بعض الأفراد تلك المتاهات الجديدة ، قررت الحكومة تنظيف ما بقى مفتوحًا منها ، وإفراغه بالكامل وبمجرد أن تم ذلك ، فُتحت السراديب للزوار والسياح من أجل التجول بها ، وزعم الكثيرون رؤيتهم لأشباح داخل ممرات السراديب ، أشهرهم شبح الطفل جاك الذي يطلق ضحكاته الطفولية في أرجاء المكان أثناء تجوالك ، وشبح المومس التي قتلها السفاح مستر بوتز .
حيث تظهر على جدران السراديب وهي تصرخ ، ثم تختفي فجأة ، وسبح مستر بوتز نفسه الذي قيل أنه يتحرش بالسياح خاصة النساء منهم ، حيث يهمس في آذانهن أو قد يشعرن بوكزات على أجسادهن ! أشباح أخرى تم رؤيتها مثل الاسكافي الذي قيل أنه كان يعمل داخل تلك السراديب ومات بطريقة غامضة ، وشبح ماجي ديكسون التي شوهدت تتجول في الظلام ثم تختفي فجأة أيضًا .
بالطبع شكّل هذا المكان عاملاً لجذب السحرة والمشعوذين ، والمهتمين بالماورائيات وأصبحوا يتوافدون عليه من كل حدب وصوب ، أملين في التقاط ما يشير إلى وجود الأرواح والأشباح داخل تلك الممرات المغلقة .
ومن أشهر الوقائع بشأن تلك الممرات ، تلك المغامرة التي قام بها جو سواش الممثل البريطاني ، في عام 2009م ، حيث قام بجولة في جميع أرجاء انجلترا للبحث عن الأشباح ! وهو برنامج وثائقي أذيع بإذاعة البي بي سي البريطانية ، قام خلاله جو سواش بالمبيت في أشهر الأماكن والفنادق التي اشتهرت بكونها مسكونة بالأشباح ، حيث تم تزويده بكاميرا خاصة وأجهزة إرسال صوتي .
أغلب الأماكن التي زارها سواش لم تثبت وجود أي أشباح بها ، وكل ما اشتهرت به كان يمكن تفسيره بشكلٍ منطقي وعلمي ، عدا مبيته في هذه السراديب الشهيرة ، لم يستطع سواش أن يستكمل الليلة وحده داخلها ، وأقر بأنه بات يؤمن بوجود الأشباح عقب تلك الليلة ، فتلك التجربة داخل السراديب جعلته يرتعد خوفًا ، ولكنه رغم ذلك لم ير أي شبح أو أرواح إلا أن خياله قد هيأ له سماع أصوات وصرخات ، ورؤية ظلال وهمية على الجدران .
ولكن للمفاجأة استطاع فريق المونتاج أثناء تفريغ الشرائط المسجلة ، سماع أصوات خافتة تأتي في الخلفية ، كانت على هيئة ترتيل ينشدها شخص ما ، واستمرت لعشرين دقيقة متواصلة ثم اختفت فجأة ، وأقر سواش أنه كان طوال الوقت يشعر بأن هناك شخص ما معه ، ولم يستطع تفسير ذلك الصوت الذي سمعه سوى عقب تفريغ الشرائط ، وقال أن نظرته للأماكن المسكونة قد تغيرت تمامًا عقب تلك التجربة.