مازالت الأماكن المسكونة محلاً لاهتمام رواد عالم الماورائيات ، ومحبي الرعب والخوف ، وما أكثر تلك الأماكن المرعبة على مستوى العالم ، ويعتقد علماء النفس بأن الإنسان يعشق كل ما هو غامض ، فهو بطبعه يلاحق المعرفة ، ويهوى كشف النقاب عما هو غير مرئي أو ملموس .
ولطالما جذب عالم الجن والأشباح الكثيرون ، لدرجة أن البعض قد أصر على المبيت في بعض الأماكن المسكونة حتى تتاح له الفرصة ، لالتقاط صورة لشبح ما يتجول في المكان ، أو يقوم بتسجيل أصوات همسات أو صرخات مبهمة تأتي من اللاشيء ، وقد يقع البعض وفقًا لحظهم العاثر في أحد الأماكن المسكونة دون أن يعلموا ذلك ، فتتوالى الأحداث عليهم بصورة مفاجئة تزيدهم رعبًا .
وقعت أحداث قصتنا في الجزائر ، تحديدًا عام 1977م ، بقرية في إحدى المناطق الجبلية المعزولة ، حيث تزوجت سيدة بسيطة من مزارع يمتلك منزلاً بسيطًا تحيط به مزرعة خاصة ، يربي بها الماشية ومحاطة بحقول للتين الشوكي ، وكانت تُعرف في التراث الأمازيغي بأنها مساكن الجن .
بدأت الأحداث عندما استيقظت السيدة زوجة المزارع في منتصف الليل ، في طريقها لتناول بعض الماء وأثناء تجولها ببطء نحو المبرد والذي تم وضعه خارج المنزل ، في ساحة الدار حيث كان هذا النظام العام لترتيب المنازل آنذاك ، إذا بها تلمح طيفًا أبيضًا ضخمًا يخلو من أية ملامح ، يتجول داخل فناء المنزل بسرعة شديدة للغاية ، هنا استفاقت السيدة واستجمعت كافة قواها وقامت بالصراخ بأعلى صوتها ، حتى استيقظ زوجها مفزوعًا وخرج يستطلع الأمر .
وعقب أن روت له ما حدث ، ظن أنت واحدة من الأبقار لم يتم تقييدها جيدًا ولعل هي ما عبرت من أمامها وأفزعتها ، ولكن عندما ذهب إلى مكان الماشية وجدها جميعًا مقيدة والحبال محكمة الإغلاق عليهم!
طلب الزوج من زوجته أن تحاول معاودة النوم مرة أخرى ، وتنسى ما حدث تمامًا فلعلها هواجس الوقوع بين لحظات الاستيقاظ والنوم ، ولكن تكرر نفس الأمر مرتين أخرتين في نفس التوقيت بالتقريب ، أي حوالي الساعة الثالثة صباحًا ، وفي المرة الثالثة شاهد الزوج بنفسه هذا الطيف الأبيض ، فقرر أن يقتفي أثر المكان الذي بنى عليه منزله ، وظل يتساءل طويلاً حتى دله البعض عن قصة وتاريخ بقعة الأرض التي تم تشييد المنزل عليها .
حيث روى أحدهم أن تلك الأرض كان يستخدمها المستعمر الفرنسي كساحة واسعة ، يتم فيها إعدام عناصر المقاومة الجزائرية ، وتمت فيها العديد من عمليات الإعدام رميًا بالرصاص ، إبان عام 1961م ، وكان يتم دفن من نُفذ فيهم حكم الإعدام عقب ذلك في نفس الساحة ، والبعض كان يتم دفنهم وهم على قيد الحياة .
قيل بعد ذلك أن الأهالي قد أخرجوا العديد والعديد من الجثامين ، وتم نقلهم إلى مقابر جماعية لكافة الشهداء ، وقد يتساءل البعض هل يمكن أن إعدام هؤلاء يتسبب في تعلق أرواحهم بالمكان ، هنا لا يمكن الإدلاء بإجابة واضحة وشافية وإنما ما نعرفه ، هو أن المستعمر الفرنسي قد تفنن في تعذيب عناصر المقاومة قبل تنفيذ الإعدام ، فقد كانت الفكرة الرائجة آنذاك هي أن الإعدام وسيلة جيدة لإراحة المتهم ، وهم لا يرغبون في ذلك بالطبع .
وجدير بالذكر ، المستعمر الفرنسي قد لجأ إلى عدة طرق للتعذيب التي كانت تستخدم قديمًا ، منها التعذيب بالفئران ، وهي وسيلة تعذيب قديمة كانت تستخدم في الصين بالعصور الوسطى ، حيث يتم وضع قفصًا للفئران فوق المتهم ويتم وضع فحم ساخن فوق القفص الحديدي ، هذه الطريقة كانت تدفع الفئران للخوف ومحاولة إيجاد وسيلة للابتعاد عن الحرارة ، فكانت تبدأ في أكل جسم المتهم في محاولة الخروج .
بالتأكيد التعرّض للتعذيب حتى الوفاة هو أمر غاية في البشاعة ، وفسر العديد من المهتمين بعلوم الماورائيات ، تعلق بعض الأرواح بالأماكن رغبة من القرين في الانتقام لصاحب الجسد المعذب .