ارتبط اسم دراكولا بقصص الرعب ، في أذهان المجتمعات العربية والغربية ، وذلك بسبب الأفلام التي نسجت عن الكونت دراكولا مصاص الدماء ، وقصة دراكولا ليست من وحي خيال صناع  السينما ، إنما هي قصة حقيقية لأحد الأمراء الرومانيين ، ويدعى فلاد الثالث ، وقد أطلق عليه الأتراك لقب فلاد المخوزق ، وذلك لأنه كان يستمتع بتعذيب الأسرى بوضعهم على رمح مدبب يدخل من المؤخرة ، ويخرج من الفم ، وكان لا يأكل إلا ومراسم التعذيب تجري من حوله .

من هو دراكولا :
دراكولا هو الأمير الروماني فلاد تيبس (فلاد الثالث ) ، ولقب بدراكولا نسبة إلى أبيه فلاد الثاني المعروف بدراكول ، وتعني ابن الشيطان ، ولد عام 1431م في مقاطعة سيغيشوارا التابعة لإقليم ترانسيلفانيا برومانيا.

وجلس على عرش إمارة والاكيا ثلاث مرات ، وكانت أطول فترة حكم له ما بين عامي 1456م و1462م ، في أوج الحملات العثمانية للسيطرة على البلقان ، ويعتبر فلاد الثالث أحد الأبطال القوميين في نظر البلغاريين ؛ وذلك لما عرف عنه من حماية الأقليات البلغارية المتمركزة بسهول نهر الدانواب من الزحف العثماني.

في نفس العام الذي ولد فيه فلاد الثالث ، تم تعيين أبوه فلاد الثاني كحاكم عسكرية لترانسلفانيا (الفلاخ بالتركية) من قبل ملك المجر سيجيسموند ، وفي عام 1433م اعترف أمير الفلاخ فلاد الثاني بسيادة الدولة العثمانية ، والانصياع لها.

ولكنه انقلب عليها بعد ذلك ، وانضم لأمير الصرب بتحريض من ملك المجر ، وأعلنوا الحرب على السلطان مراد الثاني ، فحاربهما السلطان وانتصر عليهم ، وأسر ما  يقرب من 70 ألف من رجالهم ، بالإضافة لابنين من أبناء فلاد الثاني ، وهما فلاد تيبيس ، ورادو الوسيم ، ليضمن بذلك ولاء أبوهم فلاد حاكم ترانسيلفانيا.

نشأ الابنان في بلاط الدولة العثمانية ، وتعلموا القرآن الكريم ، واللغة التركية وبعض العلوم الأخرى ، وكثير من فنون الحرب والقتال ، وفي عام 1447م أطلق الأتراك سراح فلاد الثالث بعد مقتل أبيه ، ودفن أخيه حيا ، وانتقم من قتلة أبيه ، وأخيه وجلس على عرش والاكيا بمساعدة الأتراك .

لكن سرعان ما عاد إلى معدنه الرث وانقلب على حلفاؤه الأتراك ؛ فبدأ بمعاداة السلطان الفاتح وتعذيب الأسرى الأتراك المسلمين ، أما رادو الوسيم فقد أسلم ، وأصبح من المقربين للسلطان ، وقد كان له دورًا كبيرًا في القضاء على أخيه فلاد الثالث .

وحشية دراكولا :
لقد كان فلاد الثالث رجلًا عنيفًا يميل إلى القتل ، ويستمتع بأنات المعذبين ؛ فقد تفنن في ابتكار أساليب التعذيب المختلفة ، فلم يكن يتناول طعامه وسط رجاله ، إلا وأعمدة الخوازيق منصوبة من حوله ، والناس عليها يئنون حتى الموت ، وكان كثيرًا ما يسلخ أقدام الأسرى ، ويأمر بدعك لحمهم الحي الحساس بالملح ثم يأمر بإحضار العنز لتلحسه إمعانا في الإثارة وزيادة الألم .

ويقال أنه ذات مرة دعا الشحاذين في ولايته إلى مأدبة طعام ، وبعد أن أطعمهم ، وسقاهم ، أشعل بهم النار فشوتهم ؛ فقد كان يرى أن وجود الفقراء أمرًا ليس مرغوبًا فيه ، وحينما وجد راهبًا ذات مرة يركب حمارًا ، وأعجبه المنظر أمر بخوزقتهما معا ، وتثبيتهما على هذه الصورة ، وفي مرة قطع أثداء بعض الأمهات ووضع رؤوس أطفالهن مكانها ، فقد كان سفاحًا دمويًا يتلذذ بمنظر الدم وصوت النحيب.

حرب الفاتح ضد دراكولا :
لما علم السلطان محمد الفاتح بما يفعله أمير الفلاخ ، من فظائع رهيبة مع المسلمين في بلاده ، أعد عدته وأسرع بجيشه لتأديب ذلك المتمرد ، وحينما اقترب من حدود رومانيا ، شعر دراكولا بالخطر المحدق ، وأنه لا قبل له بجيوش الفاتح ؛ فأرسل وفدًا عرض على السلطان الخضوع له ، ودفع جزية سنوية قدرها عشرة ألاف دوكا ، والالتزام بكافة شروط معاهدة 1393م والتي كانت قد أبرمت في عهد السلطان مراد مع أمير الفلاخ إذ ذاك.

وافق السلطان الفاتح على العرض ، وعاد أدراجه ، ولكن تبين له بعد ذلك أن عرض دراكولا لم يكن سوى خطة لكسب الوقت ، وأنه بصدد التعاون مع ملك المجر لحرب المسلمين ، فأرسل الفاتح مندوبين إليه ليستوضحوا منه الأمر .

ولكن دراكولا أمر بالقبض عليهما ، ووضعهما على عمود خشبي وخزوقتهما ، وأغار بعدها على بلاد بلغاريا التابعة للسيادة العثمانية ، وأسر منها 25 ألف مسلم ، ولم يقبل بطلب السلطان للإفراج عنهم ، وأمر بخزوقتهم جميعًا ، وتعليقهم في الصحراء .

فتقدم الفاتح بجيوشه ، ولما وصل إلى حدوده ورأى منظر الأسرى المعلقين هالته بشاعة المنظر ، ورائحة الموتى النتنة ، ولم يستطع الجيش العثماني التقدم بسبب انتشار الأوبئة نتيجة الجثث المتعفنة ، فأرسل مجموعة من خيرة جنوده الانكشارية ، وعلى رأسها الأمير رادو شقيق دراكولا الذي حاصر قلعته للقضاء عليه ، ولكن فر دراكولا هاربًا بمعاونة الغجر ، وذهب لملك المجر يستنجد به ، ولكنه أسره ، أما رادو فقد جلس على عرش والاكيا بعد هرب دراكولا ، وفجأة توفي عام 1475م .

مقتل دراكولا :
حينها أطلق ملك المجر سراح دراكولا ، ودعموه بالجنود لإستراد والاكيا من أيدي العثمانيين ، وسرعان ما قامت الحرب بين جيش الأتراك وجيش المجر ، واستطاع الأتراك  إبادة الجيش المجري عن بكرة أبيه ، وقُتل فلاد الثالث في تلك المعركة بالقرب من بوخارست .

وأمر الفاتح بدفن جثته دون جنازة ، وتم فصل جسده عن رأس ، وتعليق الرأس ليكون عبرة لمن يفكر في إيذاء المسلمين ، ومازال حتى الآن بعض الرومانيين ينظرون لفلاد دراكولا على أنه بطل قومي ، رغم كل الجرائم والفظائع التي ارتكبها في حق الإنسانية ، والمسلمين

By Lars