تعتبر الملكة نفرتيتي هي من أكثر النساء غموضًا وقوة ايضاً في مصر الفرعونية، فقد كانت نفرتيتي ملكة تدعم جانب زوجها الفرعون إخناتون الفترة من 1353 حتى 1336 قبل الميلاد، ويقال أنها تولت الحكم أثناء المملكة الحديثة فور وفاة زوجها، وقد كانت فترة حكمها فترة بها اضطرابات ثقافية كثيرة، فقد أعاد إخناتون توجيه الهيكل الديني والسياسي لمصر من خلال خلق عبادة إله الشمس آتون وعقيدة التوحيد، وتعرف نفرتيتي بتمثال نصفي لها مصنوع من الحجر الرملي الملون، والذي تم اكتشافه في عام 1913 وأصبح أيقونة عالميًا للجمال الأنثوي والقوة.
نبذة عن الملكة نفرتيتي
قد كانت الملكة نفرتيتي هي ابنة آي والذي كان أحد كبار المستشارين الذي أصبح فيما بعد فرعونًا، ومن بعد وفاة الملك توت في عام 1323 قبل الميلاد، ويقال من خلال رواية تاريخية أخرى إلى أن نفرتيتي كانت أميرة من مملكة ميتاني الموجودة بشمال سوريا، وقد وصفت بأنها كانت الزوجة الملكية القوية لزوجها وعرفت بالقرينة المفضلة، عندما وصل للعرش في طيبة أصبح باسم أمنحتب الرابع، وفي السنة الخامسة من الحكم، وقد تخلص من إله مصر الاساسي آمون ليصبح الإلع الرسمي هو آتون، وقام بنقل العاصمة شمالًا إلى مدينة تل العمارنة وغير اسمه إلى الملك أخناتون، وأصبحت نفرتيتي لها اسم الإضافي وهو “نفرنفرو آتون ومعنى اسمها بالكامل معناه “جميلة من محاسن آتون، امرأة جميلة قد أتت”.
وقد كان بسبب تحول أخناتون في العبادة لظهور تغييرات اساسية في التقاليد الفنية، فبعيدًا عن الصور التي صورت الفراعنة الأوائل بصورة مثالية، يتم تصوير أخناتون له شكل أنثوي وملامح وجهه مبالغ فيها، كما تُظهر الصور الخااصة بنفرتيتي في شبابها صورة شابة نمطية، لكنها في الصور التي تلت ذلك كانت صورة شبيه طبق الأصل من إخناتون، كما تكشف صوره النهائية عن شخصية ملكية لكنها واقعية لحد كبير.
وفوق جدران المقابر والمعابد التي انشأت في خلال عهد إخناتون، قد صورت نفرتيتي جالسة جنبًا إلى جنب مع زوجها وهو نمط لم يُشاهد كثيراً من قبل أي ملكة مصرية أخرى، في العديد من الحالات تظهر وهي تمثل القوة والسلطة وتتولى نهج عبادة آتون، أو في رسمه تقود عربة أو تضرب العدو، كما قد أنجبت نفرتيتي ست بنات، ومن ثم قام زوجها بالزواج من زوجات أخريات بما فيهم أخته، والتي ولدت الملك الوريث للعرش وهو توت عنخ آمون، وقد أصبحت ابنة نفرتيتي الثالثة عنخسن باتن في النهاية ملكة أخيها غير الشقيق توت عنخ آمون.
قصة الملكة نفرتيتي
تختفي قصة نفرتيتي من السجل التاريخي وصولاً للعام الثاني عشر من حكم إخناتون الذي استمر 17 عامًا، وقد تكون قد ماتت في تلك الفترة، ولكن من الجائز أنها أصبحت هي الواصية المشاركة رسمي لزوجها تحت اسم نفرنفرو آتون، من ثم تبع سمنخ كا رع أخناتون بصفته فرعونًا جديداً، ويقول بعض المؤرخين أنه قد كان هناك اسمًا آخر لنفرتيتي، وهذا يرجع إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وقد حكمت فيما بعد الملكة حتشبسوت مصر تحت شكل رجولي، ووضعت في تماثلها لحية مستعارة احتفالية.
إذا كانت نفرتيتي قد بقتي في السلطة خلال السنوات الأخيرة من حكم إخناتون أو ما بعدها، فمن الجائز أنها بدأت في عكس السياسات الدينية التي أدخلها زوجها والتي ستأتي بثمارها في عهد الملك توت، وفي مرحلة معينة، وظفت نفرنفرو آتون كاتبًا لتقديم القرابين الإلهية لآمون، وقد توسل إليه للعودة وتبديد ظلمة المملكة من الحكم.
في 6 ديسمبر 1913قد اكتشف فريق عمل مع عالم الآثار الألماني لودفيج بورشاردت تمثالًا مدفونًا وكان مقلوبًا تحت الأنقاض الرملية على أرضية ورشة التنقيب، وهي كانت الخاصة بالنحات الملكي تحتمس في العمارنة، ويمتاز شكل المرسوم للتمثال أن له رقبة رفيعة ووجه متناسق بأناقة وغطاء رأس أسطواني أزرق غريب الشكل ولم يُرى إلا في صور الملكة نفرتيتي، وقد توصل فريق بورشاردت إلى اتفاق أن تقسم القطع الأثرية مع الحكومة المصرية، لذلك تم شحن التمثال النصفي كجزء من الاثار إلى ألمانيا، وقد نُشرت صورة واحدة غير واضحة في مجلة أثرية وتم تسليم التمثال النصفي لبلد الاكتشاف وممولها جاك سيمون، الذي عرضه على مدار 11 عامًا في مقر إقامته الخاص.
وفي عام 1922 اكتشف عالم المصريات البريطاني هوارد كارتر قبر الملك توت غنخ آمون، تبع ذلك ثورة من الاهتمام الدولي، وسرعان ما أضحت صورة قناع توت غنخ آمون الجنائزي المصنوع من الذهب الخالص رمزًا عالميًا للجمال والثروة والقوة.
وبعد مرور عام قد عُرض تمثال نفرتيتي في برلين بالمواجهة مع تمثال توت غنخ آمون، طوال اضطرابات القرن العشرين بقيا التمثال النصفي في أيدي ألمانيا، وقد كان مقرر من قبل هتلر (الذي قال ، “لن أتخلى عن رأس الملكة أبدًا”) أنه خبأ التمثال من قنابل الحلفاء في منجم ملح والتي تطمع بها ألمانيا الشرقية خلال الحرب الباردة، وهو اليوم يجذب أكثر من 500000 زائر سنويًا إلى جانب متحف برلين الجديد.
الملكة نفرتيتي وعبادة إله الشمس
لعبت كل من نفرتيتي والفرعون دورًا هاماً في تأسيس عبادة آتون، من خلال تلك الأسطورة الدينية لتوحيد الإله وهو إله الشمس آتون، كأهم إله والوحيد الذي يجدر له العبادة في قانون تعدد الاله في مصر، فقد غير أمنحتب الرابع ليصبح أخناتون حتى يتبع الاسم باسم الإله لتكريم آتون، يُعتقد أن الملك والملكة كانا كاهنين وأنه عن طريقهما فقط يمكن للمواطنين العاديين أن يصلوا إلى آتون، كما أن تغيير اسم نفرتيتي كما ذكرنا ليشمل آتون، وقد اقاموا المعابد للإله الجديد وكان هناك العديد من المعابد في الهواء الطلق في المدينة، وفي الوسط يوجد القصر الملكي.