تزوجت منذ خمسة أعوام من قريبٍ لي كان يعمل خارج المملكة ، وبسبب ظروف عمله لم يستطع النزول لإتمام الزواج ، فوكل والده لإتمام كل شيء ، وبعد عقد القران جاء زوجي وتم العرس وقضيت معه أجمل شهر في حياتي ، لكنه سرعان ما عاد إلى عمله بعد وعدٍ قطعه لي بأن ألحقه وأسافر له حالما يرتب أوراقه .
ولكن مضت الشهور تلو الأخرى وهو لا حس له ولا خبر ، وفي تلك الفترة شعرت بطفله ينمو في أحشائي ، وهو لا يسأل ولا يعرف حتى أهله لم يكن يتواصل معهم ، حاولت كثيرًا الاتصال به وإخباره وحينما استطعت أن أعلمه بحملي ، لم يحرك ساكنًا فقط اتصل بي ووعدني كعادته بأنه سيرسل لي لزيارته بعد الولادة ولكن دون جدوى .
وضعت طفلي وحدي ولم يكن معي سوى أسرتي ، وتعرضت للكثير من المصاعب والأزمات فبسبب حالتي النفسية السيئة ، وضعت طفلي مبكرًا عن موعده فتم احتجازه بالحضانة لفترة ، وبالطبع كلفني هذا مصاريف إضافية وهو لا يرسل المال ولا حتى السؤال ، وأهله أنفسهم لم أراهم إلا مرة واحد بعد الولادة .
مر عام والأخر وأنا زوجة مع موقف التنفيذ ، وتحت ضغط من أهلي على أهل زوجي أقنعوه أن يرسل لي دعوة لزيارته بالخارج ، ولكن يا ليتني لم أذهب لقد رأيت رجلًا فظًا غليظ القلب لا يهتم بي أو بطفله ، كل ما يفكر فيه هو نفسه وعمله فقط .
شعرت أن ليس لي وجود رغم وجودي بجانبه ، كان يخرج ولا يعود إلا منتصف الليل ، لا يتحدث معي ولا يخبرني عن يومه وحياته وما يطمح إليه ، كان ينظر لطفلنا من بعيد فلا يحاول احتوائه أو التقرب منه كأنه يخشى التعلق بأحد .
لم أطق تلك الحياة فهي غربة في الداخل وغربة في الخارج ، ففي المملكة كنت أرى أسرتي وصويحباتي ، أما معه لا أرى سوى سواد قلبه وتحجر مقلتيه ، حاولت كثيرًا تقويمه والتحدث معه لكنه كان يستمع لي في صمت ثم ينصرف في هدوء .
حينما فقدت الأمل في تغييره طلبت منه العودة إلى أهلي ، ويا لا فرحته حينما طلبت ذلك ، فلم يتردد ولم يرفض بل على العكس حجز لي تذكرة العودة في أقرب فرصة ، وفي تلك المرة للأسف حملت منه أيضًا في طفلي الثاني .
وبعد أشهر من عودتي وضعته ، وظل زوجي كما هو زوج مع وقف التنفيذ ، مغترب لا يسأل ولا يأتي كل ما كان يفعله أنه يرسل المال من أجل تربية الصغيرين ، وحتى السؤال لا يسأله ورغم توافر الانترنت والهواتف المحمولة ، لم يستقطع من وقته بضع دقائق يطمئن فيها علينا ، تعبت ولم أعد أستطيع التحمل ، طلبت من أسرتي الانفصال عنه لكنهم اعتبروا ذلك إثمًا .
وقالوا لي امرأة معلقة خير من امرأة مطلقة ، ويكفي أنه منتظم في إرسال نفقاتك أنتِ والأطفال ، إنهم لا يشعرون بمعاناتي وحاجتي أن يكون زوجي إلى جوار ، أكاد أجن كل العائلة تقف ضدي وأنا لا أقوى على التصدي لهم ، تعبت ولم أعد أستطيع الاحتمال .
أخشى على أطفالي من المستقبل ومن نفسي ، ومن بغضي لما أنا فيه ولولا إيماني وخوفي من الله ، لانزلقت في مزالق الشيطان منذ أمد بعيد ، فأنا مازلت في مقتبل العشرينات وأحتاج لمن يحنو عليّ ويحتويني ، ادعوا لي فأنا في حاجة للدعاء ، وإن كان لدى منكم حل فليخبرني ماذا أفعل ؟