كانت الأفراح تغمرهم والدنيا لا تسعهم ، حيث اقتراب تحقيق حلمهم الأكبر من خلال ثمرة الحياة ، إنه حلم أسرة كأي أسرة تضع كل طموحاتها في أبنائها ، وهاهو الابن قد انتهى من رحلة الثانوية العامة وهو يحلم بتحقيق الحلم لأهله ولنفسه ، لقد كان طموحه الكبير هو الالتحاق بإحدى الكليات العسكرية ، ولكن باتت أحلامه سرابًا ، وبات الحلم الأكبر لأسرته هو أن يعيش حياته بشكل طبيعي .
ابن متخرج من الثانوية العامة :
هو طالب من المملكة في ريعان شبابه يُدعى سعيد ، وقد تخرج أخيرًا من رحلة تعليمه بالثانوية العامة ، وقد أصبح حلمه قريبًا للغاية ، حيث كان على مشارف الالتحاق بكلية الملك خالد العسكرية ، وهو ما جعل الفرحة تغمر أهله وتسكن قلبه ، تلك الفرحة التي لم تدم طويلًا حيث أنها تبدلت إلى ألم كبير يشق قلب الأسرة الذي امتلأ بالحسرة ، حيث أن الحلم ضاع في لحظة كما كاد الابن أن يضيع .
الحادث الأليم :
خرج سعيد الابن الطموح ذات ليلة وبالتحديد في منتصف الليل ، كان يستقل مركبته برفقة ابن خاله ، ولكنهما لم يكملا مسيرتهما ولم يعودا إلى منزلهما ، حيث تعرضا إلى حادث أليم ومحزن ، حيث أن مركبتهما قد سقطت من مكان مرتفع في إحدى المناطق التي مرا بها ، وبعد سقوطهما لم يشعر بهما أي شخص إلا بعد فترة طويلة .
سقط سعيد وابن خاله دون أن يراهما أحد ، حتى مرّت ست ساعات كاملة في جوف الليل ، وهما على وضعهما المؤسف ، حتى بدأ نور النهار يشق طريقه إلى الأرض ، فاكتشف بعض المارة سقوط المركبة من أعلى ، فأسرع الناس إلى إنقاذهما ، ولكن الموت قد سبق وخطف ابن خال سعيد الذي فارق الحياة متأثرًا بجراحه الناجمة عن هذا الحادث الشنيع .
حلم الأهل :
كان سعيد لازال على قيد الحياة يتنفس ، في حين رحل ابن خاله إلى الأبد وسط أحزان ودموع ، وفي محاولة لإنقاذ سعيد تم نقله إلى إحدى المستشفيات وهو يصارع الموت ، وهناك ظلّ سعيد تحت الرعاية الطبية التي دامت لأشهر ، وقد تم تنقله بين مجموعة من المستشفيات للوقوف على حالته الصحية ومعرفة أبعادها ، وهو يرقد فاقدًا لوعيه في غرفة العناية المركزة .
بات حلم أهله الوحيد هو أن يستفيق ابنهم المتألم لرؤيته من جديد ، نسي الأهل حلمهم الكبير بالكلية العسكرية ، وفقط أصبح حلم الخروج من دائرة الموت هو الذي يسكن قلوبهم وعقولهم الحزينة ، حيث تضاربت أقوال الأطباء في تشخيص حالته الطبية ، وهو الأمر الذي زاد من أحزان الأسرة المتعبة ، فهناك من قال أنه يعاني من رضوض في إحدى فقرات العمود الفقري ، فيما قال البعض بأن حبله الشوكي قد قُطع تمامًا .
شعر الأب بأنه يفقد ابنه بالبطئ دون أن يعرف تشخيصًا لحالته ، وهو ما جعله يقوم بتقديم شكوى إلى وزارة الصحة من أجل البحث في حالة ابنه الغامضة ، ولم يعد أمام أسرة سعيد إلا انتظاره أن يستفيق يومًا ما ، لعله يعود إلى الحياة التي كان يتمنى أن يكون أحد روادها ، حتى تبخرّ حلمه ، بل إنه ربما يكون قد فقد حياته بشكل طبيعي ، ولم يبق منه إلا بعض ذكريات لحلم ضاع قبل أن يبدأ ، ولم يعد أمام الجميع سوى الدعاء له بالعودة إلى الحياة .