أخيرًا غادر خالد قريته تلك القرية المحبوبة إلى قلبه والتي لم يتركها أبدًا من قبل ، ولكنه كان في حالة اندهاش من حقيقة أن معظم أهل قريته قد ذهبوا إلى المدينة ، فقرر أن يذهب ويرى بنفسه تلك الأشياء الرائعة التي كانت بتلك المدن ، والتي دفعت أهل قريته إلى الذهاب إليها فقام بحمل حقيبة صغيرة ، ووضع بها بعض الملابس ووضع أفضل ابتسامة له على وجهه ، وذهب إلى المدينة ليكتشفها .

وعند الوصول إلى المدينة حصل على ترحيب غير متوقع ، حيث أوقفه اثنان من رجال الشرطة واستجوبوه بتفصيل كبير ، واتضح أن خالد بدا “سعيدًا بشكل غريب رغم أنه شخص لا يملك أي ممتلكات ، وفي النهاية  اضطرت الشرطة إلى السماح له بالرحيل ، لكنهم كانوا لا يزالون يشكون في هذا الرجل البسيط .

وأول شيء لاحظه خالد عن هذه المدينة كان كل الاندفاع حولها ، فقد كان الجميع في عجلة من أمرهم ، لدرجة أنه اعتقد أن هناك حدث خاص يحدث في ذلك اليوم والذي لا يريد أحدًا أن يفوته ، كان خالد فضوليًا فيما يتعلق بما كان عليه الناس بالمدينة ، وماذا يفعلون ولماذا كل تلك السرعة والاندفاع الشديد بين الناس ، وبدأ في متابعة الناس هنا وهناك وبعد عدة ساعات دخل عليه الليل .

وفي تلك الليلة نام خالد في حديقة وكانت تلك الحديقة مصنوعة من الورق والبلاستيك ، وفكر خالد كم كان رائعًا أن المدينة قد اخترعت نباتات ذات بتلات مصنوعة من الورق والبلاستيك ، وفي صباح اليوم التالي أيقظه  منسق الحدائق ، فقام خالد ومشى بشوارع المدينة محاولاً فهم ما يجري .

وعندما وصل إلى مجموعة من المولات الكبيرة التي كان يدخلها كثير من الناس ، قال في نفسه يجب أن يكون هذا أفضل متحف في العالم ، وعند دخوله شاهد كل الأشياء التي لا معنى لها  بالنسبة له ، من تحف وأجهزة الكترونية ليست لها أي قيمة بحياته البسيطة والسعيدة بالقرية ، ولكنه رأى أن الناس يختارون هذه الأشياء ويدفعون ثمنها ويأخذونها.

فكان يقول لنفسه لماذا يريد أي شخص ساعة لا تظهر الدقائق ؟ وتساءل عن هذا في نفسه بعد أن رأى امرأة تقوم بلبس ساعة حديثة جدًا حول معصمها ، كما فكر كثيرًا في نفسه عندما شاهد حذاءً عاليًا مع الكعب العالي فقال إنه غريب كيف يلبسونه ، ثم رأى بعض الأجهزة الإلكترونية التي تقوم  بأشياء كثيرة ، فكان يقول إنها ليست جيدة جدًا ، ولهذا قرر خالد أن يتبع السيدة مع الساعة ورأى فرحتها تتحول إلى خيبة أمل ، عندما أخبرتها صديقاتها بأن ساعتها الجديدة ليست على أحدث موضة .

فبدأ خالد يأسف لترك قريته لأنه لم يجد بهذا المكان أحدًا سعيدًا ، ثم رأى بعض الأطفال يلعبون فتمهل وقال لنفسه : يبدو أنهم سعداء فهم يلعبون  يركضون ، يطاردون بعضهم البعض باستثناء طفلٍ واحدٍ ، فقد بدا مضطربًا وهو يستخدم آلة صغيرة كانت متصلة بوحدة تحكم ، وكان يضربها بشدة بأصابعه وهو في حالة غضب شديد من اللعبة التي لا تعمل .

وعندما كان يأتي أحد الأطفال الآخرين لدعوته للعب معهم ، فإن الفتى الذي يحمل لوحة التحكم كان يرفض اللعب مع الأطفال ، واعتقد خالد أن الصبي كان يحاول تدمير تلك الآلة الصغيرة لأنها كانت تجعله غير سعيد للغاية ، فقرر مساعدة الصبي وذهب وأخذ منه وحدة التحكم ، ثم رماها على الأرض وكسرها ونظر إلى الصبي بارتياح كبير .

ولكن الصبي أصبح غاضبًا جدًا من خالد ، وقام هو وجميع الأطفال الآخرين هناك بمطاردة خالد بلا هوادة حتى اضطر إلى الهروب ، ولم يتوقف عن الركض حتى وصل إلى الطريق المؤدي إلى قريته ، وبينما كان يشق طريقه إلى المنزل ، لم يستطع أن يجيب علي التساؤل عما إذا كان العالم كله قد جن جنونه .

By Lars