يعيش الإنسان على أمل تحقيق أحلامه سواء كانت كبيرة أو صغيرة ، وتعمل الأقدار على تشكيل أحلام الإنسان ، وقد يصل الإنسان إلى مبتغاة وقد لا يستطيع أن يفعل ما يريد ، وقد تظل ذكريات الماضي هي الدافع الحقيقي وراء السعي لتحقيق الأحلام ، ولقد كان بطل قصتنا صغيرًا حينما أصبح من المشاهير بين عشية وضحاها ، ولكنه أصبح من مشاهير حادث شهير بعد أن أصبح هو الناجي الوحيد من هذا الحادث .
طفل ينجو من حادث طائرة :
كان صغيرًا لم يبلغ العامين من عمره حينما سافر مع والدته لحضور حفل زفاف في بلد آخر ، وفي طريق العودة على متن طائرة سودانية كانت متجهة من مطار بورتسودان إلى الخرطوم خلال عام 2003م في تمام الساعة الرابعة فجرًا ؛ وقعت الكارثة الكبرى .
لقد حدث بالطائرة عطل فني ، مما جعل كابتن الطائرة يقوم بالاتصال بالطوارئ في برج المراقبة بعد عشرة دقائق فقط من إقلاعها ليخبرهم بأنه مضطر للعودة إلى المطار نتيجة لذلك العطل المفاجئ ، غير أن الاتصال قد قُطع فجأة .
لحظات معدودة وأصبحت الطائرة هباءًا منثورًا حيث دُمرت تمامًا ، وتحول كل ركابها إلى أشلاء ودماء وحطام بعد أن تحطمت واصطدمت بصخرة كبرى في منطقة رملية ، فكانت الصدمة الكبرى لجميع أسر الضحايا الذين كانوا على متن تلك الطائرة ، ولم يتوقع أحد أن يكون هناك من نجا من ذلك الحادث الأليم ، غير أن الله تعالى قد شاء بنجاة هذا الطفل الصغير الذي لم يبلغ العامين .
رجل من البدو :
بينما كان رجل من البدو يتجول في تلك المنطقة التي سقطت بها للطائرة بين الجثث والأشلاء ، رأى مشهدًا غريبًا حيث شاهد طفلًا عالقًا على شجرة ولازال على قيد الحياة ولكنه كان يصرخ متألمًا ، حيث أنه قد نجا بمعجزة إلهية من بين 116 راكب كانت تحملهم الطائرة السودانية .
تم نقل الصغير على الفور إلى المستشفى ، وقد استقبله الأطباء الذين قاموا بمداواة حروقه وجروحه المتفرقة في جسده نتيجة الحادث ، حتى تم الإعلان عن إنقاذ الطفل وأنه يستطيع مغادرة المستشفى وممارسة حياته العادية ، غير أن ذلك الحادث قد ترك أثره عليه ، وذلك لأن الأطباء قاموا بعملية بتر لجزء كبير من ساقه اليمنى .
شاء المولى عز وجل أن يعيش الطفل الذي يُدعى محمد الفاتح وهو لم يبلغ العامين ، بينما ماتت والدته في نفس الحادث الأليم ، وعاد محمد إلى أسرته ليعيش حياته ، حتى ترعرع وتعلم وبلغ السادسة عشر من عمره وهو يحلم بحلم ظن أنه كبير ، إلا أن الله أراد له أن يحقق حلمه كما أراد له النجاة من حادث ضخم .
حلم الفتى :
كان الفتى يتمنى أن تطأ قدمه أرض المملكة ليؤدي مناسك العمرة في الأراضي المشرفة ، ظل الحلم يراوده وهو يدعو الله بصدق أن يبلغ ما يتمنى ، حتى وجد أن أحلامه تتحقق على أرض الواقع ،ليجد نفسه مرتديًا ملابس الإحرام في رحلة كانت تتوق لها نفسه .
لقد قامت المملكة بدعوة محمد إلى أراضيها ، حيث كفل رحلته الأمير سلطان بن سلمان ، ليصل إلى منى النفس وهو في قمة سعادته وامتنانه لكل من ساعده ، وهو بذلك يحقق أسمى أحلامه ، ولكن لازالت الأحلام مستمرة ، فهو مازال يحمل في نفسه أحلامًا أخرى يتمنى تحقيقها .
وحلمه الذي يسعى إليه بعد أداء العمرة هو أن يصل إلى أعلى الدرجات في دراسته ، حتى يستطيع أن يلتحق بكلية الطب ، ليحقق حلمه بأن يصبح طبيبًا ، ولعل الله يُمكنه من تحقيق هذا الحلم أيضًا .