محمد رجل أعمال ثلاثيني ناجح جدًا ويعرفه أغلب الناس نظرًا لظهوره المتكرر في الكثير من البرامج التليفزيونية ، والاحتفالات ورعاية بعض الفقراء ، وإقامة سرادقات الإفطار في شهر رمضان الكريم ، وكل تلك الأنشطة التي يجب أن يتم تغطيتها إعلاميًا ، وإذاعتها على الملأ .
وأثناء جولته في إحدى المدن السياحية الجديدة ، لاحظ محمد وجود عرّافة ، تقرأ الكف بين الناس والسائحين ، فأخذه الفضول وذهب إليها ، نظرت له المرأة وبدا أنها لا تعرفه ، أو تسمع عنه من قبل أو حتى ترى صورة له ، ولكنها تبسمت له وطلبت أن تقرأ له طالعه ، فوافق محمد وانتظر أن يعلم ، حجم استثماراته وما إلى ذلك ، ولكن العجوز تجهمت عقب أن أمسكت بيديه ثم نظرت له طويلاً ، وأخبرته أنه سوف يركض طويلاً خلف امرأة ، من أجل لقاء لن يدوم سوى نصف يوم .
لم يفهم محمد كلماتها وأراد أن تخبره بلا ألغاز ، ولكنها نهضت مسرعة وأخبرته أنه سوف يقابلها الآن ، انصرف محمد وذهنه مشوش فقابله سائقه الخاص ، وأخبره أن الفتاة اليتيمة التي كان يراعيها والده رحمه الله ، قد أتت إليه وتريد مقابلته ، فأخبره أن يوصلها إلى مكتبه ، ونسي ما قالته العرافة تمامًا .
جميلة جدًا مثل البدر ، هكذا وجدها عندما وقعت عيناه عليها للمرة الأولى ، ما هذا القدر المبالغ من الجمال ، عرّفته الفتاة بنفسها أنها سمرا ، وكانت بالفعل سمراء البشرة زرقاء العينان ولها فم كعقود العنب ، آية في الجمال الأخاذ .
وقد خطفت لب محمد منذ أول وهلة ، وأخبرته أن ولده كان يرسل إليها مالاً ، وهدايا ثمينة كل شهر ، حيث كان قد كفلها من أحد دور الأيتام ، ولما تأخر عنها لبضعة أشهر ، شعرت بالقلق وسألت عنه وعلمت أنه قد توفاه الله ، فأتت إلى ابنه كي تتواصل معه ، فقد كانت تعتبره بمثابة والدها ، فرحب بها محمد كثيرًا ، ووعدها بألا يفارقها ولن تشعر بتغيب أبيه قط ، فقد كان يعلم بالفعل أن والده متبنيًا فتاة من دار للأيتام ، ولكنه لم يرها قط .
طلب محمد من سمرا الزواج ووافقت الأخيرة بعدما ظلت برفقته تزوره دائمًا حتى تعلق قلبه وعقله بها كثيرًا ، وبدأت حياتها بالقصر الذي بناه والد محمد من ثروته الضخمة ، وصار لديها من الخدم ما لم يخطر على بالها من قبل .
وسط كل هذا كانت سمرا ، على علاقة بشاب يدعى محروس تربى معها في دار الأيتام ، وكان هو صاحب فكرة الادعاء بأنها الفتاة التي كفلها الرجل الثري ، ولكن الحقيقة هي أنها لم تكن تمت للتافه بصلة ، وإنما قتل محروس الفتاة الحقيقية ، وأقنع صديقته بأن تدعي أنها هي ، حتى يحصلا على المال ويهربا سويًا وبالفعل أتقنت سمرا دورها .
ولكنها للأسف تعلقت بمحمد من شدة حبه لها ، ولكنها كانت قد اتخذت قرارها بالفرار خاصة وأن محمد قد اكتشف الحقيقة ، عندما راقب تصرفاتها التي تسببت له في بعض الارتياب ، خاصة بعدما أبلغه أحد الخدم ، أنه قد شاهدها تقف برفقة شاب مشرد ، ولا أحد يعلم من هو وقام بتصويره بهاتفه فبحث محمد خلفه وعلم أنه شاب من نفس دار الأيتام ، فتوجه نحو الدار وسأل عنهما بالصور ، وعلم أنها ليست تلك الفتاة التي كان والده يحنو عليها .
هربت سمرا عندما علمت بانكشاف أمرها ، وحاولت أن تخرج إلى بلدة أخرى ، ولكن استطاع محمد أن يلحق بها في المطار ، وحاول جاهدًا أن يقنعها بألا تهرب ، فقد سامحها على ما فعلته ، ولا يدري لحياته طعمًا بدونها ، إلا أن شرطة المطار قبضوا عليها ، بعد بلاغ قام به محروس ضدها ، بأنها تحمل دولارات ومجوهرات مسروقة ، وبالفعل عثروا على كل ما تم الإبلاغ عنه برفقتها .
ودّعها محمد بعد أن قضى معها ، نصف يوم قبل أن يتم ترحيلها إلى النيابة ، وفتح ملف قضائي ضدها ، خاصة أن المجوهرات كانت تخص الفتاة الأصلية التي قُتلت ، فكانت القضية أكثر تعقيدًا مما تخيلت هي ، في حين هرب محروس وتركها تواجه مصيرها المشؤم ، وحدها .