سنتناول اليوم حكاية رجل يدعى ثابت بن النعمان ، عرف عنه زهده ، وتعبده لله عز وجل ، ولكنه في الوقت نفسه كان فقيرًا معدمًا ، وفي صبيحة يوم استيقظ على حالة من الجوع الشديد ، حتى كادت بطنه أن تتقطع ، من فرط حاجتها لالتهام الطعام ، لكنه رغم بحثه هنا وهناك ، عله يجد شيئًا يتناوله ، ويصبر به نفسه ، لم يجد أي شيء في أرجاء بيته .
هم للخروج باحثًا عن أي طعام يتناوله ، ظل يسير ، ويسر إلى أن وصل إلى حديقة خضراء ، تفيض بشجر التفاح المثمر، على الفور قطف تفاحة ، وأكل نصفها سريعًا ، وفجأة توقف عن الطعام ، ما هذه ؟ كيف لي أن آخذ ما ليس من حقي ، فكان لزامًا علي أن أستأذن صاحب الحديقة أولًا ، ماذا عساي أن أفعل الآن ؟ فقد أكلت حرامًا ، ليس من حقي ، وندم كثيرًا على فعلته هذه .
على الفور ، بدأ النعمان في البحث هنا وهناك عن مالك الحديقة ، ويسأل عنه كل من يقابله ، حتى دلوه عن بيت الرجل ، فذهب إليه ، وخبط على بابه ، فخرج الرجل سائلًا : من أنت يا بني ؟ وما خطبك ؟ فرد عليه ، وحكى له ما حدث له بالتفصيل ، وأبدى إليه ندمه عن فعلته ، ولكنه أخذ يترجاه في العفو عنه ، ومسامحته .
رد الرجل قائلًا : لن أسامحك أبدًا ، وسأحاجك بهذه التفاحة يوم القيامة ، هنا انهمر ثابت في البكاء ، وقال للرجل : أرجوك أن تسامحني ، وسأفعل لك أي شيء تطلبه ، وأكون في خدمتك دون أي مقابل ، ماحييت ، لم يستجب صاحب الحديقة إليه ، وأعرض عنه ، ودخل إلى البيت .
جاء وقت صلاة العصر ، وقد خرج صاحب الحديقة ، ووجد ثابت كما تركه ، يجهش بالبكاء ، فسأله : ما خطبك أيها الرجل ؟ فرد ثابت : أرجوك أن تسامحني ، فرد عليه قائلًا : يمكنني أن أسامحك بشرط واحد ، وهو أن تتزوج ابنتي ، تعجب ابن النعمان لهذا الشرط ، وأجاب على الفور ، سأتزوجها ، هنا رد صاحب الحديقة : تمهل يا بني ، إن ابنتي هذه كفيفة ، بكماء ، صماء ، وقعيدة ، فإن وافقت على الزواج منها ، فسأسامحك على الفور ، وإلا فلا .
هنا أطرق ابن النعمان مليًا ، في حيرة مما سمع ، فوهنا بدأ يتخيل حياته مع تلك الزوجة ، كيف تدبر أمور الحياة معها ؟ كيف ؟ وكيف ؟ ولكنه بعد تفكر عميق ، أدرك أنه لن يسامحه إلا بذلك ، وإن لم يسامحه ، فسيغضب الله عليه ، ولكل جواد كبوة ، فرد عليه قائلًا : موافق على الزواج منها ، وسأحتسب أجري عند رب العباد ، المهم عندي أن تسامحني .
اتفق الرجلان ، وحدد الأب يوم الخميس القادم مباشرة ، للزواج ، وأنه سيكون المتكفل بمهر ابنته ، وجميع احتياجات العرس ، طبعًا أصبح جاء ثابت يوم الخميس ، وقد أصابه همًا ، وغمًا كبيرين ، ليس سعيدًا بعرسه ، وهم ، وذهب إلى البيت ، وطرقه ، ففتح الرجل ، ورحب بالعريس ، فدخل ثابت ، وألقى السلام ، رغم علمه بأنها لن تسمعه ، ولن ترد ، ولكن حدثت المفاجأة .
ردت العروس ، وقالت : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، هنا انصرف الأب ، وهمت العروس ، فصافحت عريسها ، وقبلت يداه ، وجلست إلى جواره ، والعريس مذهول مما يرى ، ويسمع ، فسألته عما به ، فحكى لها ما أخبره به والدها عنها ، فردت قائلة : نعم ، فقد صدق أبي
فأنا صماء ، لم أسمع أبدًا ما يغضب ربي ، وأنا بكماء ، لم أتكلم قط بما يغضب ربي عني ، وأنا عمياء ، فأنا لم أرى ما حييث شيئًا يغضب ربي ، وأنا قعيدة ، لا أمشِ إلا فيما يرضي الله ، هنا فرح العريس فرحة غامرة ، وجاء فصلى بها ركعتين ، ومن ثم عاشا معًا حياة هنيئة ، وأنجبا أبا حنيفة النعمان .