ويسألونك عن العمر فيما مضى ، قل ضاع في الهواء وانقضى ، هي قصة تحدث كل يوم تحطم القلوب وتكسر الأفئدة ، تمزج الحقيقة بالخيال فلا ندري أيهما الصواب ، كان وكانت تلك هي المشكلة ولكنهما لم يكونا معًا ، كانا بعيدين تعرفا على بعضهما في غرف الشات المغلقة ، دخلت الفتاة إلى عالم الإنترنت فوجدت بحرًا لا تجيد به العوم .
خافت أن تغرق فتحركت بحذر ، واعتقدت أنها ستكتسب ثقافة وصداقة لا أكثر ولا أقل ، فهذه الشابة من الغرب وهذا الشاب من الجنوب وهي هنا من الخليج ، ظنت أنها ستقتطف الزهور من على وجه خلية النحلة ، ولن تلدغ مهما حدث .
ولكنها بعد فترة من دخول هذا العالم ، تعرفت بشاب بدا لها مختلف عن غيره ، كانت تتحدث معه بالساعات ، ويضيع الوقت بينهما دون أن تشعر ، أسمته أخوها في العروبة والدين ولكن بعد فترة تحولت الأخوة لصداقة ، ثم تمادت الصداقة الطاهرة إلى الإعجاب .
حتى وقعت في شباك الحب ، لم تعرف كيف وقعت فقد كانت تظن أنها تفهم ألاعيب الشباب عبر مواقع الشات والغرف الإلكترونية ، بررت ذلك الشعور ودافعت عنه ، فقد كانت تظن أنه حقًا يحبها رغم بعد المسافة واختلاف الزمن .
فهي تسكن في أقصى الكرة الأرضية ، وهو في الأقصى الأخر ، كانت تفصل بينهما البحار والمحيطات ، ولرؤيته كانت تحتاج لطائرة تعبر القارات ، ورغم ذلك أحبته وصدقت أنها سيزيح كل تلك العقبات ويأتي على حصانه الأبيض لكي يطلبها للزواج .
وعدها ورسم لها من الخيال فستان باللون الأبيض ، وقال لها ستكونين أميرتي وأكون أميرك ، صدقته بادلته نفس الكلام ، فتحت له الكاميرا واقتحم غرفتها رأى كل شيء ، كانت هناك تبتسم له بزيها المفتوح ، كانت تحاول التمسك به وإقناعه كم هي جميلة حتى يفعل المستحيل .
ولكنه فعل الممكن ، قال لها : نعم أحبك ولم ولن أحب سواكِ ، ولكني يا حبيبتي لا أجيد التحليق فوق كل تلك البحار ، لا أستطيع أن أطوي المسافة بيننا وأجيئك طائعًا ، فالطريق وعر ولا يسعني إلا الانتظار .
ظنته يمزح معها في البداية ، فلم يكن هذا كلامه الذي حرك به قلبها ، كان يخبرها بأن لا وزن ولا قيمة سوى للمسافة الموجودة على الخريطة ، أما على أرض الواقع فكل المسافات تذوب ، كان يخبرها أن ينتظر الفرصة والوقت الذي سيراها فيه .
كان يتعجل حبها ويتمنى أن يسمع منها ، أجمل ترانيم الغرام ولكن بعد أن قدمت له كل شيء ، وأضاعت من عمرها الكثير وهي ترفض هذا ، ولا تفكر في ذاك باغتها بالخبر اليقين ، لست لي ولست لك لأننا تفصلنا الحدود ، لأنك تسكنين في أقصى الجنوب ، لأنني لست بحارًا ولا طيارًا ولن أكون .
كانت صدمتها أكبر من أي شيء ، ثلاث سنوات وهي تحدثه كأنه زوجها المستقبلي ، اختارا معًا لون الأثاث وأسماء من ستنجب من الذكور أو الإناث ، وفي لحظة واحدة تركها وتخلى عنها حتى صار قلبها مرتعًا للوساوس ولم تعد تثق بأي رجل ، حتى في زوجها الذي تزوجته بعد عام .