منذ أن كنت صغيرًا أتذكر رؤية جدي وهو متجه نحو الغابة في الصباح الباكر قبل شروق الشمس عندما كان معظم الناس مازالوا نائمين ، وكان جدي يحمل معه حقيبة صغيرة ، عرفت فيما بعد أنه يضع فيها قلم رصاص ومفكرة .
وفي بعض الأحيان كنت أراه وهو عائد من الغابة ، ويعبث في يده مع وجود نظرة عجيبة على وجهه ، وكان يعود دائمًا في وقت الغداء ، وتكون جدتي قد أعدت شيء لذيذ لنتناوله على الغداء ، وكان جدي يخبرنا قصصًا مذهلة لا يمكن أن تكون قصص واقعية (أو هكذا ظننت حينها ) .
وفي أحد الأيام وأنا في الرابعة عشر من عمري أهداني جدي قلم ومفكرة ، وقال لي يا حفيدي العزيزة خذا هذا القلم والمفكرة ، وفي بعض الأيام في الصباح الباكر قبل أن تستيقظ الحيوانات ، اختر بقعة عميقة في الغابة حيث يمنك الجلوس ومشاهدة الغابة وهي تستيقظ واستخدم هذا القلم والمفكرة لتدوين كل ما تراه أو تسمعه .
وعدت جدي أن أنفذ اقتراحه ، ولكني في البداية لم أحصل على فرصة لزيارة الغابة ، ولكن في أحد الأيام في أواخر الخريف ذات الصباح البارد ، وجدت أن هذا اليوم فرصة جيدة لزيارة الغابة ، وبالفعل دخلت الغابة ولم يكن لدي أي فرصة عن المكان الذي يجب أن أذهب إليه ، فتجولت داخل مسارات الغابة حتى أدركت أن الحيوانات بدأت تستيقظ ، فتحسست شجرة صنوبر كبيرة ، وجلست عند قاعدتها وأسندت ظهري على جذعها وبدأت أنظر نحو المرج الصغير .
واستطعت سماع صوت المياه الجارية وخمنت أن هناك تيار مياه قريب ، فالتقطت قلمي وبدأت أدون ذلك ، وبدأ الضوء يظهر ويصبح أكثر إشراقًا ، وسرعان ما لاحظت أشعة الشمس تدغدغ قمم الأشجار الموجودة حول المرج .
وفي مكان ما فوقي وجدت سنجاب يصعد الشجرة ويزيح مخروط الصنوبر ، وقد سمعته ينتقل من فرع لأخر ، ثم سقط أسفل الشجرة بالقرب منى ، ولكني نظرت إلى مفكرتي وعلمت أنني لن أستطيع كتابة قصص رائعة مثل جدي ، ولكنني واصلت الانتظار والمشاهدة .
وكانت الطيور قد استيقظت وأخذوا يغردون ليرحبوا بالشمس ، وبدأت الغابة تستيقظ أخيرًا ، وشعرت أن حرارة الشمس قد اشتدت ، وفجأة لاحظت حركة على حافة المرج ، وسرعان ما رأيت غزال له مجموعة من القرون على رأسه يسير بزهو وكأنه أمير ، وكان غزال صغير وقوي ، فراقبته بهدوء دون أن أتحرك حتى لا أخيفه ، وقلت في نفسي ، هذا رائع !
أخذت أراقب الغزال حتى أقترب من جدول الماء وغمس رأسه إلى الأسفل حتى يشرب ، وفجأة صدر صوت قوي من تيار المياه ، فأسرع الغزال بالهرب وقد فزعت فسقط من القلم والمفكرة ، وشعرت أن الغابة كلها قد صمتت ، ولكن بعد قليل عادت الطيور للغناء مرة أخرى ، فوقفت بضع دقائق ، ثم التقطت قلمي ومفكرتي وقررت أن أخذ رشفة من ماء الجدول .
ثم وضعت يدي في الماء وقبل أن تصل شفتاي إلى الماء ، برزت سمكة من الماء ونظرت إلى أعلى وقالت بصوت واضح “صباح الخير ! ” .
تسببت الصدمة في انزلاق قدمي وسقوطي ، وأصبحت قدمي مغروسة في النهري وملابسي موحلة ، ثم خرجت وأخذت أركض بسرعة عبر المرج حتى وصلت إلى شجرة الصنوبر وأخذت أشيائي ثم تركت الغابة في هدوء ، وكانت الرحلة إلى منزل جدي طويلة ، مما جعلني جائع جدًا .
وعندما وصلت للمنزل وجدت جدي جالسًا على الشرفة ينتظرني ، فنظرنا إلى بعضنا وكأن كل منا يعرف ما يفكر به الآخر ، وقد استطاع جدي أن يميز أنني رأيت شيئًا رائعًا في الغابة ، فقال لي إن جدتك قد أعدت لك حساءً رائعًا ، فهيا لنأكل .
قلت له بالطبع لا يمكن أن أفوت طعام جدتي ، وبينما كنا نأكل قصصت عليهم قصة مذهلة ولكنها تبدو خيالية ، فنظر لي جدي ثم غمز وقال : ” شكرًا للمفكرة والقلم “.
مترجم عن : Good morning, fish