في غابة على أطراف مدينة كانت توجد شجرة خضراء جميلة لها أغصان طويلة وكثيفة ، وأوراق خضراء كثيرة تميل بلطف مع الهواء فتأتي إليها الطيور من أماكن بعيدة ، وتغرد أجمل الأغاني ، كانت شجرة جميلة وسعيدة ، ارتبطت بعلاقة خاصة مع ولد صغير من قرية مجاورة حيث كان يأتي إليها يوميًا بعد المدرسة يأكل من تفاحها ويلعب معها وكانا يتحدثان لساعات وساعات ، واعتاد أن يشاركها في كل شيء ، أفكاره وخططه المستقبلية .
كانت الشجرة تنصت إلى الولد وتضحك معه وكان يتفهمان بعضهما فتوطدت علاقتهما ، وكان يصنع من الأوراق تاجًا ويتظاهر بأنه ملك ويتسلقها لكي يتأرجح على أغصانها ، ويقول للشجرة أنت محظوظة فلديك أجمل منظر غروب الشمس والماء البراق والنسيم فلا عجب أنك سعيدة أتمنى أن أعيش هنا فقالت له الشجرة الماء والشمس والنسيم هنا دائمًا أشعر للسعادة لأنك معي .
كان الولد يتحدث لساعات مع الشجرة وبعد حديثه ولعبه أعتاد أن يستريح في ظلها ، ومر الوقت وكبر الولد وأصبح له أصدقاء جدد فانشغل وقلت أوقاته مع الشجر ، اعتزت الشجرة بلحظاتها القليلة معه ، وتوقف الولد ترديجيًا عن زيارة الشجرة وظلت هي وحيدة في انتظار أن تراه ثانية ، وفي يوم جاء الولد لزيارتها كانت الشجرة سعيدة به ودق قلبها في كل خطوة يخطوها الولد نحوها وحين اقترب نادت عليه الشجرة فقالت له مرحبًا بك تعال وتسلقني وتأرجح على أغصاني فقال الولد لقد كبرت على التسلق والتأرجح ، فقالت له أترى منظر الغروب لطالما أحببته فقال أنا منشغل جدًا أريد أن أشاهد العالم .
فقالت له الشجرة لماذا تبدو حزينًا فقال لها أنا أحتاج المال ، هو الشيء الذي يجلب السعادة ، فلم ترغب الشجرة في رؤيته حزينًا فقالت هيا خذ تفاحي وبعه في السوق وستحصل على المال ، فتسلق الولد الشجرة وجمع كل التفاح منها وذهب لبيعهم في السوق ، شعرت الشجرة بالسعادة لمساعدة الولد ولكنها حزنت لابتعاده عنها طويلًا .
ومرت الأعوام تأتي الطيور لتغرد أغانيها وترحل والشجرة واقفة وحيدة على حافة التل ، تنظر أن يأتي الولد لزيارتها ، وفي يوم عاد الولد ثانية فاهتزت الشجرة من السعادة وقالت مرحبًا بك وقالت تعال لتسلقني فقال لها أنا ليس لدي وقت لقد تزوجت أصبح لدي زوجة وأطفال فقالت له الشجرة لقد كبرت حقًا لما لا تبدو سعيدًا هذا ما أرته فقال أشعر بالقلق سأكون سعيدًا إذا بنيت منزل لأسرتي .
قالت الشجرة ليس لدي منزل لك ولكن لدي أغصان يمكنك أن تقطعها وتصنع منها منزلًا لك فتصبح سعيدًا ، تسلق الولد الشجرة وقطع جميع أغصانها وأخذها مرت الأعوام ولم يأتي الولد لزيارة الشجرة ولم تصبح قادرة على محادثة الطيور التي أصبحت تطير بعيدًا عنها .
كانت دائمًا تسأل العصافير عن الولد ولكن لم يره أحد ، فكبرت الشجرة وحيدة واقفة على التل تحاول البحث عن الولد ، فشاهدت المدينة تتغير والمروج الخضراء تختفي ، وتظهر مكانها الطرق والمباني ، شاهدت الأشجار وهي تقطع من الجذور ، أتى الكثير من الناس لقطع الغابات وبناء منازلهم وفقدت الغابة لونها الأخضر .
وحزنت الشجرة لدمار منزلها أصبحت وحيدة جدًا ، ومازالت تنتظر الولد بشوق وذات يوم عاد الولد لزيارة الشجرة وقد أصبح رجل كبيرًا الآن ، بدا على الولد الحزن وجلس مستندًا على الشجرة وهو يبكي تأثرت الشجرة ببكاء الولد ولكن لم يعد لديها أغصان ، قالت ماذا ألم بك فقال تركتني زوجتي وأولادي لا يهتمون بي لم يعد هناك من يحبني هنا فقالت الشجرة أنت تبحث دائمًا عن السعادة عليك أن تنتظر وستأتي إليك .
فقال لا سعادة هنا يا ليت أبني مركب وأبحر عن هذا المكان ، فقالت الشجرة سيسعد هذا فقال نعم ثم قالت أقطع جذعي واصنع مركب وأبحر به بعيدًا ، فقال لها شجرة يا شجرة أحضر الولد أدواته وقطع جزع الشجرة وبنى مركب كان يبدو سعيد وشعرت الشجرة بالسعادة من أجله وراقبته وهو يبحر بعيدًا عنها وشعرت بالحزن لفراق الولد تمامًا وأصبحت مجرد شيء على حافة النهر مرت الأعوام ولم تصبح الشجرة قادرة على رؤية المباني والتلال فلم تعد إلا قطعة خشبية على الأرض افتقدت الطيور ومنظر البراعم الخضراء وإحساس الراحة بالمنزل وأكثر من كل هذا افتقدت الولد ..
وأخيرًا عاد الولد للشجرة بعدما تغيرت المدينة كثيرًا اختفت الطبيعة وامتلأت بالمباني ، وأصبح الولد عجوزًا ، قالت الشجرة لقد عدت انتظرتك طويلًا جدًا ، قال لها الأشجار تختفي والأسمنت لا يعطينا هواء نقي بل الأشجار إلى أي مدى يطمع الإنسان يبني المدن ويلوث الهواء ألا يعلم هؤلاء أهمية الطبيعة لم ترد الشجرة فلم يعد هناك ما يقال .
جلس الولد على الشجرة المقطوعة وشاهد الشمس وهي تغرب وشعر بالنسيم الرقيق ثم تحدثا عن الحياة وكيف يتغير العالم حولهم حكى الولد قصته للشجرة وشعرت الشجرة بالسعادة ..