حكايتي من أغرب حكايات الزمان لم تجري مع إنس ولا جن ، فأنا حذاء ولكن حظي في الدنيا قليل ، كنت في زماني أجمل حذاء تغار مني جميع أحذية النساء والرجال ، فقد تعب الإسكافي في صناعتي ليكسب الكثير من بيعي فجعلني متين وقوي ، ورغم ذلك ناعم وطري ، جلست في أحد الزوايا فخورًا بما في من مزايا متأكد أننى سوف أرى من قبل أمير أو وزير ، انما اشتراني رجل عطار بخيل .
وضعني في الدار واستعاض بي عن أشياء كثيرة فقمت بكل صغيرة وكبيرة لم يكتفي بعملي كمداس بل حكك بي ظهره أمام الناس وضرب بي ولدًا ووضعني عند الباب ، فلم يتركني أتاح ولا مسحنى ولو لمرة واحدة ، وبدلًا من التلميع بُليت بالترقيع ناهيك عن المسامير الصغير منها والكبير ، لذلك أصبحت أسوء حذاء وصرت أضحوكة النعال ومضرب الأمثال ، أشار نحو العيال واجتمع لأجلي الرجال وجاءوا لصاحبي الطنبوري وقالوا ألا تخجل أن تمشي بين الناس بمثل هذا المداس ، كفاك بخلًا واشتري غيره ، لو كنت تعاني من الفقر لن نفاتحك في ذلك ولكن يفعل ذلك عطار ولله إنه عار.
سمع صاحبي الكلام ولم يعرهم أي اهتمام ، بل ذهب ليصلي الجمعة ، قابل قرب الجامع أبا الحسن وكان رفيقه منذ زمن ، أشار الرجل إلي باستهزاء أما زلت تمشي بهذا الحذاء ، لم يتكلم الطنبوري وركنني عند الباب بلا اهتمام ، فقال له صاحبة تخلص يا رجل منه ، ثم قال اسمع لو رمته أعدك أن اقول لكما يفرحك جدًا ، ثم علا صوت الأذان .
ذهب الناس للصلاة و ظللت مع النعال وقالوا لي يا عرة الأحذية لا نريدك أن تنتمي لنا ، لأنك أخزيتنا فأنت لا تصلح في هذا العمر إلا للراحة في القبر ، وبدأت افكر في مصيري انتهت صلاة الجمعة وخرج الطنبوري بسرعة ، عندما عثر على حذاء جديد قال انه من أبي الحسن بكل تأكيد ، فلبسه وغادر على الفور وانا أشعر بالقهر ، بعدها خرج القاضي ولم يعثر على نعليه ولم يجد ما يضعني في رجليه ، وعندما لمحني عن قرب فقال هذا حذاء العطار ، فقد عثرت على السارق المحتال.
سأعاقبه في الحال لبسني وركض أمام الناس ولما وصل قال للحراس أحضروا الطنبوري إلي ، ودخل الطنبوري مكبل بالحديد ودوى صوت القاضي بالحكم ، حكمت عليك أن تدفع خمسين درهمًا ، ودفع صاحبي الغرامة ووجه لي الملامة وقال اللعنه عليك سأتخلص منك لقد عزمت على الأمر .
سوف أرمي بك في النهر ، ولو كان يعرف أنني سأسد المصرف لم يرمي بي من الأساس ويتجنب الشتم من الناس ، فاستدعاه القاضي في الحال ليدفع مزيدًا من المال ، واستمد به الغضب وقال أنت السبب ماذا أفعل بك ، ثم صعد بي إلى سطح الدار وأصر على القرار سأحرقك بالنار ، لأنجو من العار وامتلأ الجو بالدخان ونفد لبيوت الجيران وبدأ القاضي بالعطس والكح وصعد للسطح وسأل من في الطريق فأخبره بأمر الحريق ، صاح القاضي يتحداني أنا أحضره في الحال هنا .
وجاء الطنبوري من بيته كمن يساق إلى موته وفي هذه المرة فرض القاضي عليه من الذهب 100 قطعة ، فحملني الطنبوري ودخل بي البيت قائلًا إما أنا وإما أنت وبعدها خرج على الفور وقذف بي إلى البحر وداعًا أيها الحذاء العجيب ، وسعدت لهذا المصير فهل هناك مصير أفضل للحذاء من أن يبقي بقيه عمره بالماء .
ولكن النحس وقف لي بالمرصاد فقد علقت بشبكة صياد ، ما إن رآني حتى بدأ بالضحك وقال هذا أفضل من السمك سأعيده لطنبوري ، وقال الرجل الأمين ربنا بسبب فقده حزين ، لابد أنه سوف يجزل لي العطاء فقد أخرجت حذائه من الماء ، وركض بي المسكين كأنني صيد ثمين ، ولكنه لم يجد الطنبوري بالدار فجلس هناك بالانتظار ، وعندما طال الوقت بالرجل بدأ يشعر بالملل وقال ارميه داخل البيت من الشباك لأكمل صيد الأسماك وفي الغد أعد لأخذ المكافأة .
وبالفعل رماني لأكسر كل شيء وها هو صاحبي يعود متأخرًا ليجد كل شيء مكسر ، قال الطنبوري وكأن جنون قد مسه بعدما رآني بعد ما رماني ، وانتشلني من الخراب واتجه كالمسعور للباب وقال عليك اللعنة أيها الحذاء .
وبعد أن رماني حلقت عاليًا ونزلت على رأس القاضي الذي كان خارجًا للتو ، وصاح من شدة الألم وبعدها تم استدعاء الطنبوري للعقاب ، وحدد يوم المحكمة وفي هذا اليوم أغلقت المدارس والمحال واجتمع الناس لسماع الحكم ، قال الطنبوري الرحمة أيها القاضي المحترم إني اعترف وكان القاضي يسمع ولا يجيب ، وبعد أن ظله الجميع هالكًا فجأة انفجر القاضي ضاحكًا ، قال القاضي اسمع يا طنبوري انسى ما قد جرى في الماضي وتعلم من أخطاءك يا رجل ، قال انه السبب قال ليست المشكلة في النعل بل إنها في البخل ، ولذلك يكون حكمي مختلف ، لذلك احكم أن يُعمل للحذاء نصب وعليه تُكتب قصته بحروف من ذهب حتى تكون عبرة لمن اعتبر .