قرر ملَكان ذات ليلة أن ينزلا من السماء ويباركا بعض الأسر ، ويجزلا لهما مزيد العطايا والثروة بعد عمل اختبار لهم ، فتنكر الملكان في شكل طفلتين صغيرتين ، كانت ملابسهما رثة ويبدو عليها أمارات الفقر والفاقة الشديدة .
اختار الملَكان المتنكران منزلين ، وكان أولهما يقع في مدخل البلدة كان منزل كبير ، يبدو كقصر فخم به العديد من الطوابق والغرف ، طرقت الفتاتين باب المنزل ففتح لهما صاحبه ، ولما طلبا منه السماح لهما بقضاء ليلة في منزله تحميهما من برودة الليل وظلامه رفض .
ومع إلحاح الفتاتين سمح لهما بالبقاء في الجزء الخلفي الموجود بالطابق السفلي من المنزل ، وكان فجًا غليظًا في معاملته معهما حتى أن المكان الذي سمح لهما بالبقاء فيه ، كان قبو المنزل الذي لا يختلف عن البقاء في الخارج في ذلك الجو المظلم والبارد .
وبينما كانت تلك الملائكة تنتظر في القبو ، رأى أحدهما جزء أجوف من الجدار يكاد أن ينقض فأصلحه وغطاه حتى صار كبقية الجدار ، فتفاجأ الملاك الثاني من فعلته خاصة أن سكان المنزل كانوا سيئين ولم يرحبوا بهما .
وفي صباح اليوم التالي غادر الملكان المكان ، وتوجها إلى المنزل الثاني الذي اختاراه ، كان المنزل صغير جدًا ويقع بالقرب من ذلك المنزل الفارة الذي أساء ضيافتهم ، طرقت الملائكة الباب ففتحت لهما امرأة وجهها صبوح ، وحينما طلبت من الملائكة المتنكرة في شكل طفلتين البقاء في منزلها لمدة يوم .
رحبت بهما المرأة كثيرًا وأخلت لهم غرفتها هي وزوجها ، كما أعدت لهما الطعام اللذيذ وألحت عليهما أن يأكلا ، وبعدها نام الجميع في سعادة ورضا ، وفي صباح اليوم التالي استيقظ الرجل وزوجته على خبر مؤسف ، فقد ماتت بقرتهما الوحيدة التي كانت تدر لهما اللبن ويعيشان من خيرها .
غضب الملاك الثاني من رفيقه الملاك الأول لأنه علم أنه من قتل البقرة ، ولما أخذا يتجادلان قال الملاك الأول في المنزل الأول أصلحت الجدار الأجوف الذي كان بالقبو ؛ لأن في الخلف كان يقبع كنز ثمين ، ولو كان لدى أصحاب ذلك البيت قلب طيب لتركته ينقض حتى يعثرون على الكنز ، لكن لأنهم كان يمتلكون قلوبًا سيئة أقمت الجدار ومنعت عنهم الكنز .
أما في ذلك المنزل فلست أنا من قتل البقرة ولكني نقلت الموت إليها ؛ حين رأيته يقترب من الرجل وزوجته ، فلما أرد لهما سوى الخير خاصة بعد أن قدموا لنا المأوى والغذاء ، ومع ذلك لا تقلق ! لقد قدمت لهما وعاءً كاملًا من العملات الذهبية ، وأبشرك أنهم سوف يعثران على الكنز في يوم من الأيام ويحسنان استخدامه ، لأنهما يمتلكان قلبًا من ذهب ، ونتعلم من تلك القصة أن كل شيء له وجهان ، فما يبدو لنا سيئًا قد يكون جيدًا والعكس بالعكس .