يُحكى أن حكيمًا من حكماء الهند يدعى سوفارناسدي كان يجلس مع تلميٍذ له يدعى تشاكرادار ، وكان الاثنان يتجاذبان سويًا أطراف الحديث ، فيتحدثان تارة عن القيم الحميدة وتارة عن الدين ، وكان الحكيم ينتهز كل فرصه ليعلم فيها تلميذه قيمة مفيدة .
وذات مرة قال الحكيم سوفارناسدي لتلميذه أتعرف عاقبة الطمع يا بني ؟ ، فقال تشاكرادار : لا أيها الحكيم ، فلتخبرني بها قال الحكيم : إن الذي يطمع بالمستحيل أو يبني القلاع في الهواء لا ينال إلا الحزن مثل والد سوما سارما .
فقال تشاكرادار وعلامات الاستفهام تبدو على وجهه : ومن هو والد سوما سارما يا سيدي الحكيم ، فقال الحكيم سوفارناسدي : كان سوابها فريبان أحد البراهمة الذين يعيشون في مدينة في الجنوب ، كان معروفًا عنه بؤسه وفقره الشديد .
وكان كل يوم يخرج التسول ونيل الصدقات من الناس ، فجمع قدرًا جيدًا من دقيق الذرة ، كان يخزن هذا الدقيق في وعاء ترابي ، وحينما امتلئ الوعاء بالدقيق ربطه سوابها فوق سريره حتى يبقي عينه عليه في كل حين ، وكان سوابها يطمع كل يوم في المزيد .
وذات يوم عاد إلى البيت بعد يوم مرهق من التسول والسير في أرجاء القرية ، فاستغرق في النوم وراوده حلم طويل : رأى لديه وعاء مليء بالطحين ، وكان في البلد مجاعة حينها فلم يفكر في مساعدة الناس ، وقال في نفسه لا بد أن ذلك الوعاء سيجلب له ثمنًا باهظًا ، وبالمال الذي سيحصل عليه سيشتري اثنين من الماعز ، ومع الوقت سيصير الماعز قطيعًا كبيرًا .
وحلم أنه سيبيع القطيع ويحصل على أرباح ضخمة تمكنه من شراء الأبقار والجاموس ، وبثمنهم سيشتري الخيول وبصبح لديه إسطبلات كثيرة مليئة بالخيول ، سيبيعها ويشتري بثمنها الكثير من الذهب ، وبذلك الذهب سوف يبني منزلًا ضخمًا مكون من أربعة طوابق .
وحينما يصبح ثريًا سيتقدم للزواج من ابنة أحد البراهمة التي تتمتع بجماٍل شديٍد ، وسينجب منها ابنًا ويسميه سوما سارما ، وعندما يبلغ من العمر سنتين سيلعب معه لعبة الاختباء ، ويدعوه للبحث عنه والعثور عليه .
ولكن الابن سينجرف بشكل خطير ناحية إسطبلات الخيول ، وسيصرخ والده في زوجته لتأتي وتأخذه بعيدًا حتى لا يصاب بسوء ، ولكنها ستتجاهل دعوته لانشغالها بالأعمال المنزلية ، وهنا سيركلها والد سوما سارما عقابًا لها .
وفجأة يستيقظ سوابها من الحلم ويجد نفسه قد ركل وعاء الطحين المعلق فوق السرير ، وانسكبت كل محتوياته عليه فصار كشبح أبيض ، وهكذا يخسر سوابها كل ما جمعه من دقيق خلال الفترة السابقة ، لأنه كان عبدًا للطمع .
وحتى كل ما حلم به من بيت فخم وزوجة وطفل كل هذا زال بانتهاء الحلم ، وهنا قال سوفارناسدي لتلميذه تشاكرادار : من طغى عليه الطمع ولم يزن عواقبه سوف يصبح ضحية للخداع والضياع مثل هذا الوالد البائس الذي لم ينجب سوى في الحلم .