يُحكى أنه في قديم الزمان ، كان هناك عجوز تعيش مع زوجها ولهما كوخُ صغير ، وكانت تربي الدجاج في الكوخ الصغير ، وبالقرب من كوخها شجرة تفاح كبيرة وعلى أغصانها عشُ لحمامة ، كانت قد باضت بيضتين وراعتهما حتى كبرا وكانت العجوز تحب الحمامة وتطرب لها .
وفي أحد الأيام شاهدت العجوز أفعى تتسلل إلى العش محاولة أكل الفراخ الصغيرة ، وحاولت منعها عدة مرات ولكن الأفعى ظلت تنتظر حتى نامت العجوز ، ثم تمكنت من الدخول إلى العش ، وقامت بابتلاع فرخي الحمام ثم هربت ، واستيقظت العجوز على صوت حزين وإذ بالحمامة تنحو على فرخيها ، فأدركت العجوز ما حدث ورفعت أيديها إلى السماء تطلب من الله الانتقام من الأفعى بأن تصبح ضريرة لا ترى أعشاش الفراخ لكي لا تضرها أو تتسبب لها بأذى .
واستجاب الله دعائها ، رأي العقاب الأفعى منتفخة البطن وتتحسس ولا تمتلك القوة الكافية لتنتقل ، اقترب منها قائلًا ماذا حل بك قال : منذ عدة أيام تسللت إلى شجرة تفاح ، في بستان يقع قريبًا من هنا ، ووجدت داخل العش فرخين صغيرين من الحمام وقمت بابتلاعهما وابتعدت عن البستان وصرت إلى حهة جحري بصعوبة ، منذ أن وصلته أصبحت لا أرى النور وكل ما حولي ظلام ، وأن هذا جزائي وعقابُ من ربي لأني قمت بالاعتداء على فرخين صغيرين بريئين وأمهم الحمامة تنحو حزينة عليهما .
ومنذ أسبوع لم أجد شيئًا أسدُ بيه جوعي ، فقال لها العقاب ، دمتي اعترفي بذنبك ونادمة على فعلتك ، إنما ما جرى لك عقابُ من الله سأتدبر الأمر حتى أوفر لك شيئًا من الطعام ، وبدأت الأفعى تبكي وتحاكي نفسها ، إنما قمت به عمل إجرامي كم أنا متوحشة .
فذهب العقاب إلى الكلب قائلًا له إني أعرف أنك كلبُ وفي وتحب المساعدة ، فقال له هل تريد شيئًا اقدمه لك ، فقال يوجد أفعى عمياء تعرضت لحادث فقدت فيه عينيها ، وهي الآن لا تستطيع الخروج لكي تؤمن لنفسها الطعام ، فقال له الكلب تريد مساعدة أفعى وهي التي تبتلع دائمًا فراخ الطيور الصغيرة ، فقال له إذا أردت أن تقدم مساعدة فأجبني وإلا سوف أبحث عن أحد غيرك .
فقال له الكلب أخبرني أين هي ، فقال له العقاب أتبعني فطار العقاب وتبعه الكلب حتى عرف مكانها ، فقال له الكلب دع الأمر لي أن سوف اقدم لها ما تُسد به جوعها من وجبتي التي تقدم لي يوميًا ، وكان الكلب يحرص منزل أبو طاهر وهو تاجرُ معروف بثرائه في البلدة ، ويقدم له وجبات الطعام المعتادة ، وصار الكلب يأخذ قطعة من اللحم المقدم له ويقدمها للأفعى ثم يرجع مسرعًا لمنزل سيده ليأكل ما بقي له .
وقد لاحظ عليه صاحبه واستغرب أنه يذهب مسرعًا وفي فمه شيئًا من الطعام ويأتي مسرعًا إلى البيت ، ورغم انشغاله ولكنه أراد الوقوف على حقيقة الأمر ، وبدأ يترقبه إلى أين يذهب وعرف أخيرًا أنه يذهب إلى جحر أفعى ، واقترب من حجرها فوجدها عمياء لا ترى وقال في نفسه إن الله لا ينسى من فضله أحدًا حتى الأفعى العمياء السامة .
وعندما رجع الكلب وقال له أنت تشفق على أفعى عمياء سامة وتشاركها طعامك فما الذي دفعك لهذا ، فقال الكلب طائر العقاب هو الذي طلب مني مساعدة الأفعى العمياء ، وقال الكلب قمت بتقديم ما استطيع كما رأيت ولا أملك في هذه الدنيا إلا وجبة الطعام التي تقدمها لي .