أنا نعامة ، نعامة برية أفريقية وعندي عتاب على البشر ، فهم يضربون بي المثّل في الجبن ، ويزعمون أني أخبئ رأسي في الرمال ، عندما يأتي الخطر ، وهذا غير صحيح .
بيئة النعامة :
إنني أعيش في السهول القاحلة الواسعة ، جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى ، أبحث عن قوت يومي باجتهاد ، وأجده في فواكه وحبوب وأوراق النباتات البرية ، أما الماء الذي يندر وجوده في الأماكن الجافة التي أعيش فيها ، فإنني أحصل عليه مع النبات التي آكلها .
حياة النعامة :
أعيش بيقظة وانتباه ، حتى لا أقع فريسة سهلة لنمر شارد ، أو قطيع من الذئاب ، يساعدني في ذلك ارتفاع رأسي الذي يصل إلى ثلاثة أمتار فوق سطح الأرض ، فتكشف عينايّ الخطر علي مسافة بعيدة ، قبل أن يقترب مني ، ثم إنني أجيد العدوّ أمام الوحوش ، وتبلغ سرعتي نحو 70 كيلو متراً في الساعة عند الضرورة ، هكذا أعيش ، وتطول حياتي إلى مائة سنة في كثير من الأحيان .
موسم وضع البيض :
إننا معشر النعام البري الأفريقي ، نعيش في نظام أسري ، وكل أسرة تتكون من ذكر وخمس إناث تقريبًا ، وعندما يحين موسم وضع البيض ، تتعاون الأسرة كلها في عمل حفرة كبيرة ناعمة الحواف في الأرض الرابية ، تضع كل الاناث بيضاتها في الحفرة ، ويصل عدد البيضات إلى 40 بيضة عملاقة ، يقارب حجم كل منها حجم كرة قدم ، ثم نختار أنثى واحدة مميزة ، تنال شرف الرقاد على البيض ، لمدة خمسين يوماً ، حتى تفقس البيضات .
فن تقليب البيض :
ولا يكون هدف رقاد هذه الأنثى على البيض ، أن تدفئه كما عند الطيور الأخرى ، بل على العكس أن تبرده وتحميه من حرارة الشمس الأفريقية ، ولأن جسم نعامة واحدة ، لا يستطيع تغطية كل هذا العدد من البيض في الحفرة ، فإن النعامة المختارة ، لا تكف عن تقليب هذا البيض ، دافعة البيضات التي تكون عند الأطراف نحو المركز ، ومبعدة ما كان عند المركز نحو الأطراف ، كما أنها تميز بيضها الخاص بتحريكه نحو بقعة محددة ليلامس منطقة عارية من الريش ، عند صدرها ، هذا التقليب للبيض داخل الحفرة ، والذي تؤديه النعامة بمنقارها وجوانب رأسها .
الفهم الخاطئ للبشر :
لابد أن بعض البشر رأوه منذ زمن بعيد ، وحسبوا أن النعامة تدفن رأسها في الرمال خوفاً منهم ، وأشاعوا أن النعام يدفن رأسه في الرمال عند اقتراب الخطر ، لم يدققوا ولم يفهموا وظلوا يتوارثون خطأ التفسير جيلاً بعد جيل ، مرددين على أسماع بعضهم البعض في ثقة عمياء ، لا تكن كالنعامة تدفن رأسها في الرمال عند الخطر .