كان هناك كلب صغير يبلغ من العمر عامان ، ولم يكن لهذا الكلب اسم محدد ، أتدرون لماذا ؟ من الكلاب الضالة ، وكان هذا يضايقه كثيرًا ، لأن الكلاب الأخرى من الفصائل الأخرى لها أسماء يطلقها عليهم أصحابها أم هو فلم يكن له اسم ، ولأن الناس لا تحب الكلاب الضالة ، فكان يلعن حظه ، لأنه ولد كلب ينام بالطرق العامة ، ويقاسي من برد الشتاء ، ويأكل الطعام غير النظيف ويضطر لشرب مياه العكره .

أما بقية الكلاب من الأنواع الأخرى ، فكانت تأكل أشهى المأكولات ، وتنام في بيوت خاصة بها ، ويعتني بها أصحابها ، فيغسلونها وينظفونها ، وإذا مرضت يذهبون بها إلى الطبيب لعلاجها ، أما هو إذا مرض فمصيره الموت المحقق ، وكثيرًا ما كان المارة يقذفونه بالحجارة ، ويركلونه بالأقدام أو يضربونه بالعصا ، لا لشيء إلا لأنه ولد كلب مجهول الهوية وكان دائمًا يسأل نفسه : أليس هو من لحم ودم مثل بقية الكلاب ؟ إذا كان كذلك ، فلماذا يفرق الإنسان بينه وبين بقية الكلاب.

وفي يوم كان يجلس وحيدًا حزينًا ، ومر عليه والده فوجده مطرقًا حزينًا ، فقال له : ماذا يحزنك هكذا يا ولدي ؟ قال الكلب الصغير : ألا ترى يا أبي كيف يفرق الإنسان بيننا وبين بقية الكلاب من الأنواع الأخرى ، فنحن إذا جعنا نذهب إلى الجزار في انتظار قطعة عظم تسقط من يده ، وإذا كاد الجوع يقتلنا ، نذهب فنبحث في القاذورات عن شيء نأكله .

وفي الشتاء لا نجد ما يحمينا من برده القارص ، أما الكلاب من الأنواع الأخرى ، فتأكل أحسن وأشهى الأطعمة دون أي مشقة ، وتنام في بيوتها ، وتلعب مع الأطفال ، وبعد كل هذا لا تريدني أن أحزن.

قال الوالد في حنان : يا بني إن الله قد خلق في الكون حيوانات كثيرة مختلفة ، وكل منها لها دور تؤديه ؛ فإذا أقمت بواجبك خير قيام ، احترمك الإنسان ، قال الكلب الصغير في ابتسامة ساخرة : ما هو دورنا في الحياة يا والدي ؟ قال الوالد : إن صفات الكلب هي الوفاء والإخلاص وحماية الغير وإنكار الذات ، فمساعدة الغير وحمايتهم تجعلهم يحبوننا .

لم يتقبل الكلب كلام أبيه ومضى إلى الجزار لعله يجد قطعة عظم سقطت منه سهوًا ، وجلس وعيناه ترقبان الجزار وهو يقطع اللحم ، ولحسن حظه سقطت قطعة عظم أخذها وفر هاربًا ، وجلس في ركن بعيد بجوار بيت صغير يأكل بنهم ، وبينما هو يأكل سمع صوت نباح يأتي من حديقة البيت المجاور ، فنظر إلى حيث النباح ، فرأى كلبًا من الكلاب الكانيش ينظر إليه من سور الحديقة.

وقال الكلب الكانيش في دهشة : مرحبًا أيها الصديق ، ماذا تفعل في الطريق العام ، وكيف تركك صاحبك هكذا في الطريق ؟ قال الكلب الصغير : أنا ليس لي صاحب ، فأنا أعيش في الطرق وأنام في العراء ، تعجب الكلب الكانيش ، فلم يظن أن هناك كلابًا تعيش هكذا بدون مأوى ، وتعرف الكلبان على بعضهما البعض ، وأطلق الكلب الكانيش مشمش على صديقه الجديد اسم سمسم ، وأخذا يلعبان سويًا ، وفي يوم من الأيام عاد صاحب البيت الذي يسكن به مشمسش مبكرًا ، ولما رأى سمسم في الحديقة أخذ يوبخه ويطرده .

حزن سمسم لذلك كثيرًا ، وأخذ يتجول قريبًا من بيت صديقه مشمش عله يستطيع أن يراه ، فكان يبادله الحديث من خارج السور ثم يمضي في طريقه إلى حال سبيله ، وفي أحد الأيام كان سمسم يتجول بالقرب من المنزل ورأى مشمش خارجًا مع صاحبه ، فتبعهما حتى جلسا بجوار النهر ، وبينما كان صاحب مشمس يتأمل الطبيعة انزلق مشمش في النهر وبسرعة شديدة قفز سمسم وسبح حتى وصل له ، وأمسكه بفمه من رقبته ، وخرج به إلى الحافة ، فالتقطه صاحبه ، وشكر سمسم على صنيعه ، وأعطاه قطعة من اللحم.

فرح سمسم لأن صاحب مشمش أحبه ، وأكل قطعة اللحم في سعادة ، وعاد إلى والده فرحًا مسرورًا ، وقص عليه ما حدث ، فقال الوالد : ألم أقل لك إن مساعدة الغير تجعلك محبوبًا ، ومضت الأيام وسمسم يذهب إلى صديقه مشمش في البيت ، ويلعب معه ، وفي يوم من الأيام تسلل أحد اللصوص إلى المنزل ، ورآه سمسم ، فأخذ يترقب له حتى نزل ومعه المسروقات ، فهاجمه وأخذ ينبح عليه حتى سمع صوته صاحب البيت وخرج وقبض على اللص ، وأبلغ الشرطة.

ومن يومها وسمسم يعيش في المنزل مع صديقه مشمش ليحمى المنزل من اللصوص ، وأصبح يأكل أشهى الطعام ، ولم ينسى والديه فكان يأخذ بعض اللحوم والعظم إليهما ، ويحكى لهما عن حياته الجديدة في منزل صاحبه ، فابتسم والده في حنان وقال له : ألم أقل لك يا بني إننا خلقنا في هذه الدنيا لكي نكون أوفياء ، ونعمل على حماية الإنسان ، أعلمت الآن أن لك فائدة ؟ .

By Lars