ذهبت الحيوانات والطيور إلى الأسد في عرينه تشكو له حالها ، وتقص عليه مشاكلها ، عله يجد لهم الحل المناسب ، فهو ملك الغابة وله من العقل والحكمة ما يكفي لحل مشاكلهم ، وقالت الدجاجة البرية : سيدي ملك الغابة ، إن البقول أصبحت قليلة في الغابة ، وهي لا تكفي كل الطيور ، قال الأسد لوزيره النمر : اكتب عندك مشكلة الدجاجة حتى نعمل على حلها .
قالت الغزالة في صوت ضعيف والدموع في عينيها : سيدي ملك الغابة ، إن الذئاب والضباع تطاردنا نهارًا وليلًا ، مما يبث الخوف في قلوبنا ، فلا يغمض لنا جفن ونحن نطلب حمايتك يا ملك الملوك ، وظل ملك الغابة يستمع إلى حاشيته من الطيور والحيوانات ، ويسجل مشاكلهم ، ويفكر في حلها ، وقرر أن يجتمع مع مساعديه الدب والثعلب لإيجاد حل لمشاكل الحيوانات.
وفي الاجتماع قال الدب بعد تفكيٍر طويل : يا مولاي الأسد ، إن لدي فكرة حسنة لإنقاذ الحيوانات الأليفة الوديعة من براثن الحيوانات المفترسة ، وهي أن نبني لهم مكانًا خاصًا بهم ، نحيطه بأسوار عالية من فروع الأشجار ، لتعيش فيه أمنة سالمة ، قال الأسد : عظيم عظيم يا دبدب ، إنها فكرة حسنة جدًا ، فلنجمع الأفيال والخراتيت لقطع الأشجار ، ونبني الأسوار ، وماذا نفعل في مشكلة الغذاء ، وقلة الحبوب ؟
قال الدب : إنها مشكلة حقا يا مولاي ، ولا أدري كيف نحلها ، قال الأسد للثعلب : وما رأيك أنت يا ثعلب ، فأنت واسع الحيلة ، قوي الذكاء ، قال الثعلب : أمهلني يا مولاي بضعة أيام أبحث وأفكر في حل مناسب لهذه المشكلة ، قال الأسد : حسنًا ، فلينفض المجلس ، ونجتمع بعد أسبوعين ، ذهب الثعلب يتأمل في الطبيعة المحيطة به ، ويحاول أن يعرف كيف تنبت النباتات وتنمو الأشجار ، وبينما هو يتجول في الغابة يوما رأى دجاجة جالسة تبكي .
فقال لها : ماذا يبكيك يا دجاجة ؟ قالت الدجاجة : لقد كنت أخفي بعض البقول تحت التراب ، حتى تجد أطفالي الطعام في الشتاء القارص ، ولكنها اختفت ووجدت مكانها هذه النباتات الخضراء ، تعجب الثعلب وأخذ يفكر في سر اختفاء الحبوب ، وأخيرًا استطاع أن يعرف أن البقول عندما نزرعها في باطن الأرض ويرويها ماء المطر ، فإنها تنبت وتصبح زرعًا ، وفرح بهذه المعرفة ، وعاد إلى الأسد وأخبره بما حدث .
فأصدر الأسد أوامره لتجتمع حيوانات الغابة ، وفعلًا اجتمعت الحيوانات ، وقال الأسد لها : أيتها الحيوانات لقد عرف الثعلب سر الزراعة ، وهي أننا نزرع حبة واحدة في باطن الأرض ، تصبح ألف حبة بعد أن تنمو ، فهيا يا اخواني الحيوانات نقسم الأرض بيننا ونزرعها ، فيزداد محصولنا من البقول ، ويتوفر لنا الطعام ، انصرفت الحيوانات سعيدة بفكرة الزراعة ، ومضت تزرع الأرض وتحصد المحصول ، واستطاعت أن توفر طعامها بنفسها.