اشتاقت الأميرة سنووايت لمقابلة أصدقائها الأقزام ، فقد مرت أسابيع لم ترهم فيها ، كانت منشغلة تمامًا مع زوجها الأمير هناك في القلعة ، ولذلك عندما نزلت من عربتها الملكية ، جرى دقدق مرحبًا بها ، فابتسمت وقالت له : أهلا دقدق أين باقي الأصدقاء ؟ راح دقدق يشرح بطريقته وكانت سنووايت تفسر وتقول : ها زعلان يقطع الأخشاب ، وعطسان يجلب الماء ونعسان وفرحان يصطادان ودوق وخجلان يجمعان التوت ، وأنت يا دقدق تنظف الأرض ، يا له من يوم كله عمل الجميع مشغولون.
ابتسمت سنووايت وقالت : ما رأيك لو شربنا الشاي ونحن نتسامر ، سأجعلك ترى المفاجأة التي أعدها لكم ، ثم قالت سنووايت : الطقس بارد اليوم قليلًا ، لكنه سيصبح شديد البرودة في الأيام القادمة ، ولهذا فأنا أنسج لكم جميعا قفازات صوفية جديدة قبل قدوم الشتاء ، ثم صمتت لحظة وأكملت : ها يا دقدق هل تحب أن أعلمك التريكو ؟ هز دقدق رأسه بلهفة شديدة ، لقد كان يريد ذلك فعلًا ، حاول دقدق أكثر من مرة ، ولكن كانت البداية صعبة جدًا ، وأخيرًا استطاع نسج غرزتين ثم أربعة.
قالت سنووايت : أنت تتعلم بسرعة يا دقدق ، وعندما أحضر في المرة القادمة ، أنا متأكدة أنك ستكون قد تقدمت كثيرًا ، سوف أترك لك بعض الخيط لتستمر في محاولاتك ، قبلت سنو وايت جبهة دقدق وقالت : بلغ تحياتي للجميع ، احمر وجه دقدق خجلًا ، ولوح لها مودعًا ، وفي طريق عودة الأقزام إلى الكوخ قال زعلان بضيق : قطع الأخشاب في الأيام الحارة عمل متعب جدًا ، لكنه في الشتاء أسخف بكثير ، فالرياح الباردة تضرب عنقي ، فكر دقدق ، كم سيكون لطيفًا أن يقدم لزعلان كوفية هدية ، وسيستخدم ما تعلمه من سنو وايت في صناعتها ، أيام وأيام ودقدق يقضي كل أوقات فراغه في شغل التريكو سرًا
كان يصحو من النوم في الصباح الباكر بينما هم نائمون ، في الليل ينتظر حتى ينام الجميع ، وينزل للطابق الأسفل على أطراف أصابعه ويعمل ، وأثناء اليوم كان يخفي مشروعه السري تحت ملاءة السرير ، أحيانًا كانت صديقته سنووايت تأتي لمساعدته ، وذات مرة أمسكت بالكوفية التي صنعها وقالت : لقد أصبحت ممتازًا في التريكو يا دقدق ، فرح دقدق جدًا بتشجيع سنووايت له ، وصار يعمل أكثر وأكثر ، وكلما زاد طول الكوفية ، صار إخفاؤها في مكان دقدق السري صعبًا جدًا.
في يوم جاءت سنووايت لتزور أصدقاءها الأقزام ، وكانوا جميعًا موجودين لتحيتها ، قالت سنووايت : لقد أحضرت لكم مفاجأة ، وأخرجت من سلتها عددا من القفازات الصوفية ، هتف الجميع : هييييه شكرا يا سنووايت ، لكن زعلان ظل عابسًا ، وبعد أن رحلت سنووايت بفترة جرب دوق أن يلبس قفازيه ، فقال له زعلان : لماذا تلبسهما الآن ، الجو ليس باردًا ، أشار دوق على الشجرة التي تظهر من النافذة وقال : عندما تسقط كل أوراق هذه الشجرة سيأتي الشتاء ، ثم إن منجم الماس برودته زادت فعلًا ، رفع زعلان كتفيه ولم برد.
وبعد عدة أيام ، زارت سنووايت أصدقاءها ، وكانوا ذاهبين إلى العمل ، فقالت لهم : أحضرت لكم بعض المأكولات للغذاء ، قال دوق : شكرًا يا سنووايت ، أنت دائمًا هداياك جميلة ، ومرة أخرى شكرًا يا صديقتي على القفازات ، إنها مفيدة جدًا في الأيام الباردة مثل اليوم ، كل الأقزام شكروا سنووايت .
وبينما كانوا يتجهون إلى المنجم كان دقدق يسبق زعلان بقليل وسمعه يخبر سنووايت أن القفازات ستدفئ يديه على أية حال ، وأحس دقدق أن زعلان بدأ يشعر بالبرد ، فكر أن هذا هو الوقت المناسب ليقدم له هديته ، فجرى إلى داخل المنزل ليحضرها له.
لما عاد دقدق أخذ يلف الكوفية الطويلة مرات ومرات حول زعلان ، وبسعادة كبيرة راح يصفق بيديه العاريتين ، عندها تذكر أنه نسى قفازيه ، فجرى داخلًا ليحضرهما ، ولما رأى زعلان الكوفية سأل سنووايت بضيق : ما هذا ؟ فقالت له سنووايت أن دقدق صنع له كوفية ، ولكن زعلان قال : هذه ليست كوفية أنها تهريج سخيف ، كان زعلان يحاول التخلص من الكوفية ولاحظت الأميرة سنووايت أنها لم تعجبه ، وقلقت أن يعرف دقدق هذا وتجرح مشاعره ، فابتسمت سنووايت بلطف وقالت لغضبان : أراد دقدق بهديته أن تهنأ بالدفء طول الشتاء ، قال زعلان : لكن بهذه الهدية الكل سيضحك عليَ.
قالت سنووايت : تذكر يا زعلان أن الحب الذي تعبر عنه الهدية أهم من الهدية نفسها ، خلص زعلان نفسه من الكوفية ، وراح ينظر إليها بتركيز ، ثم لفها حول كتفيه ، وقال لنفسه :سأجربها على أية حال ، وراح زعلان يضع الكوفية بأكثر من طريقة ، ثم رمى أحد طرفيها خلف ظهره وابتسم ! ، وعندما خرج دقدق من المنزل وجد زعلان مرتديًا الكوفية بكل فخر .
قال زعلان لدقدق : شكرا لك ، هديتك لن تجعلني أشتكي البرد ثانية ، ابتسمت سنووايت لزعلان ابتسامة واسعة ، ثم التفتت إلى دقدق وقالت : كوفية رائعة يا دقدق ، أنا فخورة بك جًا ، أنت اجتهدت في عمل شيء يسعد صديقك ، كان دقدق في غاية السعادة ؛ لأنه نجح في اختيار هدية مناسبة ، أما سنووايت فوقفت بابتسامتها الجميلة تلوح للجميع وهم ذاهبون.