سارت الغزالة طويلًا في الصحراء وكان الجو حارًا ؛ فشعرت بالعطش الشديد وراحت تبحث عن الماء لتشرب ، وأخيرًا وجدت بئرًا مليئة بالماء ، فاقتربت الغزالة من البئر وأخذت تشرب ، شربت وشربت حتى روت عطشها .
ولما فرغت من الشراب نظرت إلى الماء فرأت صورتها ، راحت الغزالة تنظر إلى صورتها على صفحة الماء وتتأمل ، نظرت أولًا إلى أرجلها ، فتضايقت من منظرها وقالت : لماذا أرجلي طويلة ورفيعة هكذا ؟! لماذا لا تكون أرجلي سمينة وممتلئة لحمًا وشحمًا مثل العجل الكبير ؛ لأدب بها على الأرض ؟
ونظرت الغزالة إلى قرونها وفرحت حين رأتها طويلة ومتشابكة ، حركة الغزالة رأسها ذات اليمين وذات الشمال وهي سعيدة معجبة ، وقالت لنفسها وهي تتباهى : ما أجمل قروني ! هي مثل التاج الجميل فوق رأسي ! .
وفجأة رأت الغزالة صيادًا مقبلًا من بعيد على حصانه ، فأسرعت الغزالة تريد الهرب ، وجرى الصياد وراءها ، جرت الغزالة في خفة وسرعة ، فقد ساعدتها أرجلها الرفيعة على الجري السريع فوق الرمال ، فبدت كما لو أنها تطير فوق الأرض ، ولم يستطيع الصياد أن يلحق بها .
واصل الصياد جريه وراء الغزالة ، وهي أخذت تجري وتجري حتى ابتعدت عنه ، وطالت المسافة بينهما ، فرأت الغزالة غابًة مليئة بالأشجار ، فقالت لنفسها : سأدخل في هذه الغابة وأختفي بين الأشجار ، حتى لا يراني الصياد ، وأكون في أمان منه ، وحين ينصرف سأخرج من مخبئي ، وبالفعل توجهت الغزالة نحو الغابة القريبة واندفعت مسرعة بين الأشجار ، لكن قرونها الطويلة اشتبكت في الأغصان ، وأوقفتها عن الحركة .
وحاولت الغزالة أن تخلص قرونها لتنطلق في جريها ، فلم تقدر وكلما حركت قرونها زاد اشتباك القرون في فروع الشجر ، فبقيت الغزالة في مكانها دون أي حراك ، ولما رأى الصياد الغزالة من بعيد أسرع إليها ، وأطلق سهمه نحوها فأصابها .
قالت الغزالة لنفسها وهي تتألم من جرحها : يا للعجب ! أرجلي الرفيعة التي لم تعجبني هي التي أنقذتني من الصياد أول الأمر ، وقروني الطويلة المتشابكة التي كنت أعجب وأفخر بها هي التي قتلتني ! حقًا ، كثيرًا ما لا يعرف الفرد أين نفعه ، وأين موته وهلاكه !.