قصة “سعيدة” هي قصة قصيرة من الأدب العالمي الأمريكي للكاتبة “جويس كارول أوتس
نبذة عن المؤلفة :
وُلدت جويس كارول أوتس في إحدى القرى بولاية نيويورك خلال عام 1938م ،
وقد شرعت في كتابة أولى روايتها وهي لازالت في سن الرابعة عشر ، حيث اكتشفت موهبتها الأدبية في سن مبكر ،
فقامت بدراسة الأدب الإنجليزي ، ونجحت في إصدار الكثير من الأعمال الأدبية ،
وهو جعلها مؤهلة للحصول على العديد من الجوائز مثل جائزة “الكتاب الوطنية”.
قصة سعيدة
استقلت الطائرة كي تعود إلى منزلها في عطلة عيد الميلاد ، وقد حضرت أمها وزوج أمها لاستقبالها في المطار ،
حيث احتضنتها أمها بشوق قائلة أنها تبدو جميلة ، ثم صافحها زوج الأم الذي أكد ما قالته أمها عن جمالها ، كما رحبّ بها ،
وقد بدا شعر رأسه ممتدًا من الجانبين بصورة قاطعة على خديه الممتلئين ، وامتد الشيب في الجزء السفلي من وجهه ،
وحينما صافحها شعرت بصغر حجم يدها الضعيفة التي كادت أن تتهشم .
احتضنت الأم ابنتها مرةً أخرى قائلة :”يا إلهي ، كم أنا سعيدة برؤيتك” ،
وقد بدت ذراعيها أنحف وشرايينها أغلظ مما تتذكره الفتاة ، غير أنها كانت سعيدة ، وبدت مساحيق التجميل بلون الخوخ على وجهها ،
وكانت تلبس الخاتم الجديد في يدها اليسرى ، وهو خاتم من الذهب الأبيض في وسطه ماسة صغيرة لامعة .
توقف الجميع من أجل تناول بعض المشروبات داخل مقهى “إيزي صول” الذي يقع على الطريق ،
فطلبت الفتاة مشروبًا من الصودا مع قليل من الليمون الحامض ، فقالت الأم :”هذا رائع” ،
أما الأم وزوجها فطلبا مشروب مارتيني غير مختلط بالماء ، والذي كان شرابهما أثناء حفل الزفاف ،
وقد تحدثوا لبعض الوقت عن دراسة الفتاة والخطط المستقبلية ، ثم انتقل الزوجان إلى الحديث عن خططهما الخاصة ،
فكانت مهمة التخلص من البيت القديم أول المهام البغيضة من أجل شراء منزل آخر أصغر وأحدث .
تحدثت الأم عن وجود قرية من الشقق الصغيرة على ضفاف النهر ،
وقالت أنها ستشير عليها عند الاقتراب منها ، ثم ابتسمت وتناولت بعض المشروب ،
ثم مالت ضاحكة باتجاه رأس ابنتها بعد أن ضغطت على يدها قائلة :”إن هذا يسعدني للغاية” ، ثم أتت النادلة مرتدية بذلة ضيقة من الحرير الأسود ،
حيث كانت تحمل كأسين أخريين من مشروب المارتيني وطبقًا صغيرًا به بندق ،
فقال زوج الأم :”شكرا لك ؛ عزيزتي”.
لم يكن هناك حديث بين الأم وابنتها أكثر من مرة أو مرتين حول الخطط الخاصة بالزواج مرةً أخرى ،
وكان الحديث في الهاتف دومًا يبدو من مسافة بعيدة ، وكانت الأم تردد :”أجل ؛ إنه حدث مفاجئ لك ،
ولكن هذا الأمر يحدث دائمًا بشكل مفاجئ ، فأنت إما أن تشعرين به في الحال أو لا تشعرين به أبدًا ، انتظري وستعرفين” ،
كانت الابنة لا تتحدث إلا قليلًا وهي تغمغم بكلمات نعم أو لا أعلم أو أعتقد ذلك ،
وقالت الأم مجددًا : “إنه يزيد من رغبتي في الحياة من جديد ، أتعلمين ، لقد أحسستُ أنني امرأة من جديد”.
بدت الفتاة خجولة بحيث لم تتمكن من الإجابة ، ولكنها قالت :”حسنًا مادمت سعيدة” ،
وقد اقتربت الساعة من الثامنة والنصف ، وشعرت الفتاة بالدوار نتيجة للجوع ،
ولكن أمها وزوجها لازالا يتناولان الكأس الثالث من المشروب الخاص بهما ، وكان المقهى يقوم بتقديم فقرات ترفيهية ،
حيث كانت فقرة عزف الموسيقى من ألحان هواغي كارميكائيل هي الأولى ، ثم تأتي مطربة سوداء مرتدية فستان موشي .
قصة سعيدة
تأتي فيما بعد ممثلة كوميدية تبدو في سن السادسة والعشرين ، وكان وجهها نحيلًا جدًا لدرجة بروز عظامه ،
كما كان يخلو من مساحيق التجميل ،
وقد قصّت شعرها بطريقة البونك منتصبًا إلى أعلى من خلال الشمع اللاصق ،
وكانت ترتدي بذلة جلد رياضية ، ووقفت مثل عارضات الأزياء ، وكانت تتمتم ببعض الكلمات وكأنها تفكر بصوت ،
حيث أن رؤساء العمل قد سمعوا شيئًا مما لا ينبغي سماعه ، كلمات عن إجراء عملية إجهاض ، وعن أشياء أخرى غريبة عن نساء شاذات .
تطايرت الكلمات سريعًا من فم الممثلة ، وكانت تنطقها بشكل سيء بحيث لم تتمكن الفتاة من استيعابها ،
ولكن فيما يبدو أن الأم وزوجها قد تمكنا من فهمها ، حيث كان يضحكان ،
على الرغم من أن الزوج أقرّ فيما بعد بعدم حبه لاستخدام النساء اللغة البذيئة ، ثم ذهبوا فيما بعد إلى مطعم آسيوي ليتناولوا الطعام ،
حيث أن الأم أكدت عدم وجود أي شيء طيب في المنزل ليأكلوه ، وكان الوقت متأخر أيضًا .
أكدت الأم أنها ستقوم بطهي عشاء فاخر في اليوم التالي قائلة :”أتوافقين عزيزتي؟” ،
وكان قد وقع خلاف بين الأم وزوجها قبل العشاء ، ولكنهما كانا سعيدين أثناء تناول العشاء ، كما ضحكا كثيرًا ،
كما كان كلاهما يشرب من مشروب الآخر ، حيث كان أمامهما مشروبان في كأسين طويلين ،
وقال الزوج حينما ذهبت الأم إلى غرفة التجميل :”إنني مجنون بهذه المرأة ، إن أمك سيدة من المستوى الرفيع”.
اقترب الزوج من الفتاة بكرسيه الخيزران ، ثم أحاطها بذراعه المكتنزة باللحم قائلًا :”ليس هناك عندي في هذا العالم أغلى من هذه المرأة ،
وأريد منك أن تعلمي ذلك ” ، فأجابت الفتاة :”نعم أعلم ذلك” ، ثم قال زوج الأم بصوت قوي يقترب من الدموع :”حسنًا يا عزيزتي طالما تعرفين ذلك”.
إقرأ المزيد من القصص على موقعنا