قصة الصدر العاريقصة الصدر العاري

قصة الصدر العاري  كان السيد بالومار يسير على امتدت شاطئ منعزل ،

يلتقي بندرة من المستحمين ، كانت هناك امرأة شابة مستلقية على الرمل تأخذ حمامًا شمسياً بصدر عاري ،

أدار بالومار الرجل الرزين نظره نحو الأفق البحري .

قصة الصدر العاري

فهو يعلم أن النساء في ظروف مشابهه ، وعند اقتراب غريب منهن عادة يهرعن إلى تغطية أنفسهن ،

لهذا فهو يبدو له مزعجا للمستحمة العارية في الشمس هادئة ،

ولأن الرجل الذي يمر يشعر بنفسه معكر الصفو ، ولآن تحريم العري يؤكد هذا ضمنياً ،

ذلك لأن الأعراف المحترمة من طرف واحد تشيع انعدام الأمان وتشويشاً في السلوك بدلًا من الحرية والصراحة .

نبذة عن المؤلف :


يعتبر ايتالو كالفينو من أبرز الشخصيات المهمة والفريدة للأدب الايطالي المعاصر ،

فهو روائي وناقد صحفي لعب دوراً مهما في الحياة الفكرية الإيطاليه ، ولد ايتالو كالفينو في 15 أكتوبر 1923م ،

في سانتاغيو لاس فيغاس بجزيرة كوبا ، لأب أستاذاً في الزراعة ،

وأم أستاذة في علم النباتات ، وفي عام 1949م خرجت مجموعته القصصية الأولى بعنوان وأخيراً يأتي الغراب .

قصة الصدر العاري

تفكير رجعي :
فكر بالومار متابعاً للأمام ، وما أن أصبح الأفق فارغاً ، مستعيداً الحركة الحرة لمقلتيه ،

لكنني بتصرفي هذا أظهر رفضاً للرؤية ، أي أنتهي بتقوية العرف الذي يعتبر صدر الأنثى أمراً محرماً ،

والخلاصة أن عدم نظري إلى صدر تلك المرأة يفترض أنني أفكر في هذا العري ،

وأنني منشغل البال به وهذا فكر وسلوك غير رزين ومتخلف .

 

العودة :


عائداً من نزهته ، مرّ بالومار ثانية أمام تلك المستحمة وضبط هذه المرة نظرته  ثابتة إلى أمامه بشكل تبلغ فيه وبتماثل منصف ،

زبد الأمواج المتراجعة ، وهياكل الزوارق المسحوبة نحو اليابسة ،

ووشاح الزبد الممتد على الشاطئ ، فكر راضياً عن نفسه متابع المسير :

ها أنا ذا نجحت بعدم الانشغال بالصدر العاري  وكأنه امتص بأكمله من أمام المشهد الطبيعي .

 

إعادة التفكير بعمق :


وفكر متأملاً أيضًا : لكن هل سيكون من الصواب أن أتصرف هكذا ؟

أوليس إذلًالًا للكائن الانساني وضعه على مستوى الأشياء واعتباره موضوعًا ،

وما هو أسو من ذلك أن نعتبر موضوعاً ما هو محدد في الجنس الأنثوي في الكائن ؟

ربما ليس مخلداً العادة القديمة القائلة بالتفوق الذكري التي أصبحت قاسية مع السنين بغطرسته الاعتيادية !

 

الصدر العاري :
استدار ورجع أدراجه وحينها ألقى نظرة على الشاطئ بموضوعية متجردة ،

راح يتصرف بطريقة يلاحظ فيها انقطاعاً واستبعاداً ، أشبه بومض البرق ما أن يدخل صدر المرأة حقل رؤيته ،

وفكر بالومار هكذا ، أعتقد أن موقفي أصبح واضحاً الآن ، بدون تفسيرات سوء فهم محتملة .

لكن تحليق النظرة هذا ألا ممكن أن يفهم أنه موقف متعال ، وسوء تقدير لما هو صدر وما يعنيه ،

إن تفسير هذا يتعارض مع أفضل نوايا بالومار الذي ينتمي إلى جيل ناضج ،

يرتبط لديه عري الصدر الأنثوي مع فكرة حياة الحب ،

ومع ذلك حيا بمحاباة هذا التغيير في العادات سواء بما يعنيه بانعكاس لعقلية أكثر انفتاحًا في المجتمع ،

أو بقدر ما يفلح ذلك المشهد على الأخص بجعله يسر له ،

إن هذا التشجيع النزيه هوما كان يريد أن ينجح بالتعبير عنه خلال نظرته .

 

اعتراف بالجميل :


استدار نصف دوره وتحرك أيضا بخطى واثقة نحو المرأة المستلقية تحت الشمس ،

توقفت نظرته وهي ترى المنظر العام متلألئا بشهوة ، توقف عند الصدر بشكل خاص ،

ثم سرعان ما هرع لشركه في اعتراف بالجميل للشمس والرملة وصخور الشاطئ والطحالب وللكون كله الذي يدور حول ذلك الصدر ..

لابد وأن هذا كان كافيا ليطمئن المستحمة المنفردة بشكل نهائي ..

تأفف وهروب :


لكنه ما كاد يعود من الاقتراب منها حتى تراها نهضت فجأة وغطت جسدها متأففة وابتعدت هازة كتفيها بعصبية

وكأنها هاربة من الحاح هجاء مضايق ، وختم بالومار قائلًا بمرارة :

إن عادة السلوك الخاطئ غير المفيدة ، تمنعنا أن نثمن النوايا الأكثر إلهامًا بقيمتها الصحيحة .

إقرأ المزيد من القصص على موقعنا

تابعونا على الفايسبوك

By Lars