قصة الإبن للكاتب الفرنسي بول بورجيه ، تحكي قصة أرملة شابة تتخلى عن فكرة الزواج من أجل إسعاد ابنها المراهق .
نبذة عن الكاتب :
ولد الكاتب بول بورجيه في 25 سبتمبر 1852م وقد كان روائيًا وناقدًا ،
وقد ترشح لنيل جائزة نوبل للآدب عدة مرات وتوفي في باريس عام 1935م .
قصة الإبن
أحداث القصة :
استيقظت مام ليجيه في صبيحة هذا اليوم قلقة بادية الهموم والتفكر ،
فقد كان عليها أن تضع حدًا لحياتها كأرملة في مقتبل العمر ، ولحياتها كأم لبنين ثلاثة ،
فلقد مضى على وفاة زوجها عامان كاملان وقد كانت يومها في الثالثة والثلاثين .
ومنذ ستة أسابيع مضت اجترأ جورج فوكولت صديق زوجها المرحوم ومحامي مثله ،
على أن يقول للأرملة إني لأحمل لك أيتها السيدة منذ زمن طويل عاطفة لم أستطيع فهم طبيعتها إلا منذ اليوم الذي غادرنا فيه صديقي العزيز زوجك ،
فأصبحت بوفاته حره التصرف ،
وأظنك كنت تستشعرين مني هذا الصمت الناطق ، وتقدرين رعايتي لك ،
فبسببك يا سيدتي قطعت كل صلة تربطني بإمرأة أخرى .
وأنت كامرأة في ريعان شبابها من حقك أن تستأنفيه حياتك الزوجية من جديد ،
فهل أستطيع أن آمل يا سيدتي أن تعتبريني الزوج المخلص الذي سيكون من أحلامه أن يضحي بحياته وراحته من أجلك ،
قالت مدام ريجيه وصوتها راجف ولم تأت بكلمة نعم أو لا : ولكن حياتي لا يمكن استئنافها فأنا لا أعرف حقًا إلا السهر على أولادي ولا أعرف واجبًا سوى رعايتهم .
فقال لها الصديق الخاطب ومن سيحل محل الأب الراحل سوى صديق أبيهم المخلص واني أحبهم وأحنو عليهم كأبيهم ،
قالت الأرملة للخاطب إني لا أستطيع أن أجيبك الآن ،
وقد وعدته مدام ريجيه أن تعطيه الجواب بعد مرور ذكرى وفاة زوجها أي بعد ستة أسابيع .
في خلال تلك الأسابيع الستة لم تستشعر مدام ريجيه أن ذكرى زوجها الراحل تمر بها ،
كما أن مسيو جورج لم يذكرها أبدًا بالموعد ، كما أنه قد غادر باريس قبل حلول اليوم الموعود ،
أما دام رجيه فقد احتفلت بذكرى زوجها بشيء من البرود هذه المرة ،
وقبل مرور ذكرى زوجها بيوم وصلها خطاب من الخاطب يخبرها فيه أنه سيزورها في اليوم التالي على الغداء .
كانت مدام ريجيه في غاية السعادة وهي تقرأ الرسالة حتى أنها رفعت الرسالة إلى فمها وقبلت سطورها ،
وأخذت تردد نعم سيكون جوابي نعم ، إذن فيم استيقاظها صبيحة اليوم الموعود وهي مضطربة ؟ .
حين تكلمت مدام ريجيه عن واجباتها كأم لم تخبر الخاطب عن ابنها البكر شارل والذي كان مدعاة خوفها ،
لم يتبادل شارل مع أمه كلمة عن جورج فوكولت ،
قصة الإبن
وكان الخطيب لا يميز هذا الشاب الذي بلغ السادسة عشر من عمره وأخويه الصغيرين رينيه وهيلين .
فإن الستة عشر عامًا التي يجتازها هذا المراهق قد جعلت بينه وبين الخاطب نوع من النفور ،
وقد كانت مدام ليجيه تترقب نوع من الثورة من ابنها شارل وأخذت تحسب حسابها وتتهيأ لها منذ أيام .
وفي اليوم الموعود استيقظت مدام ريجيه وخلعت ملابس الحداد وأخذت تتزين لاستقبال الخطيب ،
كما طلبت من الخدم استبدال كرسي زوجها على المائدة بكرسي أخر ،
كان شارل يتقدم بسرعة في دراسته وهو الأول بين وزملاؤه وكان يتأهل ليحل محل والده في رعاية الأسرة .
حين مر شارل بغرفة والدته ذلك الصباح تفاجأ بأنها خلعت ثوب الحداد ،
وأرادت الأم أن تخبره بأمر الخطيب ولكنها حين نظرت إليه ترددت وقررت أن ترجئ الأمر حتى يصل الخطيب ،
وفي ساعة الغداء وحين كانت مدام ريجيه تتناول بيدها المقعد كي تجلس إذا بشارل ولدها يلقي عليها نظرة تفيض بالحنان ثم تفيض عيناه بالدمع ،
ولم يكن شارل يشعر بالغضب بل بالامتنان ، فإنه لم يلحظ صورة الدهشة التي بدت على وجه أمه .
ظن جورج أن الكرسي الجديد إنما وضعته والدته له ليحل محل ابيه ،
أخذ شارل يشكر والدته ويعتذر لها لأنه ظن أنها تنوي الزواج بأخر كما فعلت أمهات ثلاثة من أصدقاؤه ،
وهنا تمثل لمدام ريجيه أنها كانت على وشك أن تحطم قلب ابنها النبيل شارل ،
وفي تلك اللحظة دخل الخادم لينبئها بحضور السيد جورج ،
فقالت للخادم قل لمسيو جورج إنه من المستحيل أن أواجهه هذه الساعة ، وسأكتب له جوابي كتابة .
وحين انفردت بابنها أخذت تعانقه بلهفة وابتهاج ثم قالت أبدًا لن أتزوج يا شارل العزيز ،
لن أرضى أن تتألم أنت لكي أسعد أنا ، إنك حسبي من دنياي يا بني وأظن أني حسبك أيضًا .
إقرأ المزيد من القصص على موقعنا