كان ياما كان ، كان فيه بحر كبير باللون الأزرق ، وهادئ لدرجة كبيرة ، وكانت تعيش في البحر سمكتان ، إحداهما كبيرة ، وهي الأم ، والأخرى صغيرة ، وهي ابنة السمكة الكبيرة ، وفي يوم من الأيام ، رأت السمكتان ثلاثة من السفن الضخمة ، التي تبحر من بعيد ، فقالت السمكة الأم لابنتها السمكة الصغيرة : ” إن هذه السفن تحمل أناسًا من البشر ” ، هنا صرخت ابنتها السمكة الصغيرة ، وانفعلت بشكل كبير ، وقالت: ” لقد حلمت كثيرًا أذهب معهم في إحدى الرحلات ، لأعرف إلى أين يذهبون ، وأرى مناظر أخرى عجيبة ، غير التي عهدتها ”
أجابت السمكة الأم ، وقالت : ” عندما تكبرين ، سآخذك إلى رحلة ، ونذهب معهم يا بنيتي ، ولكنك الآن لا زلت صغيرة ” ، ردت الابنة قائلة : ” لا يا أمي ، لم أعد صغيرة ” ، ردت الأم قائلة : ” عندما تكبرين أكثر من ذلك يا سمكتي الصغيرة ” ، تذمرت السمكة الصغيرة ، وقالت : ” كيف لذلك أن يحدث ، فلا يوجد من يساعدني ” ، سمع السمكة الصغير الأخطبوط العجيب ، فأتى إليها ، وقال : ” ماذا بك أيتها السمكة الصغيرة ؟ ” .
أجابت بأنها ترغب في استكشاف عالم البحار ، والمحيطات مع البشر ، وأمها لا تقبل ، إلا عندما تصبح أكبر ، فقال لها الأخطبوط : ” أمك على حق أيتها السمكة الصغيرة ” ، فقالت السمكة : ” حتى أنت لا تساعدني ” ، فقال لها : ” لأنك من الممكن أن تضلي الطريق ، وتضيعي ” ، تذمرت السمكة ، وقالت : ” أنا كبيرة ، عليكم أن تفهموا ذلك ” ، صممت السمكة على ما تريد ، وتسللت خفية ، لتلحق بإحدى السفن البشرية .
وأخذت تنادي على السفينة ، فلم يسمعها أحد ، لأنها صغيرة ، وصوتها غير مسموع للبشر ، اظلت تجري ، وتسبح ، ولكن فجأة السفينة غابت عن الأنظار ، ولم تعد السمكة الصغيرة تراها ، فأصابها الحزن الشديد ، والإعياء ، وخيبة الأمل ، فما كان منها إلا أنها قد قررت أن ترجع مرة أخرى إلى موطنها، ظلت تحاول ، وتحاول ، ولكنها تاهت ، ولم تتمكن من العودة ، حيث وجدت نفسها في مكان لم تعرفه من قبل .
ظلت السمكة الضغيرة تسبح في قلق ، واضطراب ، فوجدت سمكة ، وسألتها عن بيتها ، فلم تجبها ، وذهبت عنها ، أخذت تسرع كلما رأت سمكة ، أو أخطبوط ، لتسألهم عن بيتها ، ولكن دون جدوى ، هنا حزنت السمكة حزنًا شديدًا ، وشعرت بالخوف الشديد ، وشعرت بالندم الشديد ، وأن أمها ، والأخطبوط ، كانا على حق ، فما كانا يخافان منه ، قد حدث بالفعل .
وبينما تفكر السمكة ، إذ بها قد رأت الأسماك من حولها تجري بسرعة فائقة ، وفجأة ، أحست السمكة الصغيرة بشيء كبير قادم نحوها ، يا للهول ، إنها سمكة قرش ، ظلت فأسرعت السمكة تجري ، وسمكة القرش تحاول اللحاق بها ، وابتلاعها ، ولكنها أخيرًا تمكنت من حشر نفسها في ثنايا إحدى الصخور ، فلم تتمكن سمكة القرش من الدخول إليها .
فلما شعرت السمكة الصغيرة بأن الخطر قد زال ، خرجت من بين الصخور ، وأخذت تسبح بكل ما أوتت من قوة ، وظلت تركض، وتركض ، إلى أن وصلت بأمان إلى موطنها الأصلي ، ولم تعرف كيف وصلت ، واعتذرت من أمها ، واحتضنتها كثيرًا