لم يكن جمال كازوكو هيجا أو حتى ذكائها هم السبب في حصول تلك السيدة المتواضعة في كل شيء على لقب ملكة نحل أناتهان ، ولكن الصدفة وحدها هي التي شكلت حياة تلك السيدة ، وجعلتها سبب في وفاة عدد كبير من الرجال ، كانوا في الواقع أزواجها .
وأناتهان هي جزيرة في المحيط الهادئ وربما بسبب ظروف الحرب لم يكن بها سكان سوى المزارع كيكوتشيرو هيجا وزوجته كازوكو هيجا ، وبسبب ظروف الحرب أيضًا وصل 36 جندي ياباني إلى تلك الجزيرة بالصدفة ، حيث قامت القوات الأمريكية بضرب قاربهم الصغير مما اضطرهم للسباحة حتى وصلوا إلى تلك الجزيرة النائية وأقاموا بها .
وكان ذلك في عام 1944م ، وفي نفس العام فرضت الولايات المتحدة بسطت سيطرتها على معظم جزر الماريانا ولكنها تغاضت عن بعض الجزر الصغيرة منها جزيرة أناتهان والتي أصبحت معزولة تمامًا عن العالم الخارجي ولم تكن تخضع لأي حكومة .
ولكن بالرغم من أن الجزيرة أصبحت مأهولة بالسكان ، إلا أن التركيبة السكانية للجزيرة كانت غريبة بعض الشيء ، فعدد سكان الجزيرة الذين أصبح عددهم 38 كانوا يتكونون من 37 رجل وسيدة واحدة فقط ، ولكن تلك السيدة كانت متزوجة بالفعل ، ولكن هذا الوضع لم يستمر طويلًا ، فقد اختفى السيد كيكوتشيرو هيجا في ظروف غامضة وبالطبع فإنه لم يخرج من الجزيرة .
ولكن السيدة هيجا لم يكن من الممكن أن تظل وحيدة في تلك الجزية وسط كل هؤلاء الرجال ، فاختارت من بينهم زوجًا جديد ، ولكنه تعرض لإطلاق النار على يد أحد السكان الآخرين والذي أراد أن يتزوج من ملكة الجزيرة وساكنتها الوحيدة كازوكو ، وكما قتل هذا الزوج من أجل الزواج من الملكة تم ذبحه على يد منافس أخر .
وخلال فترة إقامتهم بالجزيرة كان هذا الشعب الصغير يعتد على جوز الهند وقصب السكر وبعض الحشرات وهو كل ما كان متوفر على الجزيرة ، وقد استطاعوا أن يتوصلوا لطريقة لتحويل جوز الهند إلى نوع من النبيذ المسكر ، مما زاد الوضع سوءًا في الواقع ، بالطبع يمكننا أن نتخيل كيف سيكون وجود مجموعة من الرجال المخمورين مع سيدة واحدة في جزيرة معزولة .
وربما لم يكن أمام هيجا سوى التلاعب بهم جميعًا مما سبب ما يشبه بالحرب الأهلية على الجزيرة ، وانتهى الحال بأن تم قتل 12 رجل ممن تزوجتهم هيجا على يد الرجال الآخرين ، وطوال كل تلك الفترة لم يكن هؤلاء الرجال على علم بأيًا من مجريات الحرب ، وأن اليابان قد هزمت واستسلمت وانتهت الحرب .
حتى مع إلقاء القوات الأمريكية لمنشورات على جزر الماريانا تخبرهم بها أن الحرب قد انتهت وأنهم في أمان ، ولكنهم اعتبروا تلك المنشورات لمجرد محاولة لخداعهم ، واستمروا على الجزيرة حتى عام 1950 عندما لمحت كازوكو سفينة أمريكية قريبة من الجزيرة .
فطلبت منهم النجدة وأن يساعدوها على مغادرة تلك الجزيرة ، وعندها علمت القوات الأمريكية أن سكان تلك الجزيرة مازالوا يعتقدون أن الحرب مستمرة فأرسلت لليابانيين الذين أقنعوا شعب أناتهان أن الحرب انتهت ، وفي النهاية اقتنعا وقرروا العودة لليابان في عام 1951م وبدأوا في نشر قصة المعركة الأخرى التي دارت على الجزيرة ولم يعلم عنها أحد ، مما جعل الصحف ليابانية تطلق على كازوكو هيجا لقب ” ملكة نحل أناتاهان “.