عندما يحدث الخلل في الأفعال ، نبدأ ننظر فيما استجد على الإنسان نفسه ، وغالبًا ما قد نجد أن ما تغير فيه شيء من اثنين ، إما زيادة بالسلطة أو المال ، وكأن كل منهما له سلطة على العقل ، تدفع به إلى المجنون وارتكاب الأفعال الغريبة ، خاصة إذا ما تعلق الأمر ببعض الأمور ، التي نسميها نحن في العادة بالترفيهية مثل الحفلات .

وهذه بعض الوقائع التاريخية ، لعدد من الحفلات التاريخية التي شابها الجنون ، من جانب بعض الرؤساء والحكام والأمراء ، تلك الحفلات التي أبرزت مدى سطوتهم وغرابتهم أيضًا .

حفل الملك المجنون شارل السادس Charles VI de France :
في عام 1393م أقامت الملكة إيزابو البافارية ملكة فرنسا Isabeau of Bavaria ، مأدبة ملكية ضخمة في فندق سنتي بول في العاصمة باريس ، وكان السبب في إقامة هذا الحفل الضخم ، احتفالاً بزواج إحدى خادمات الملكة إيزابو ، وعلى الجانب الآخر العمل على رفع الروح المعنوية للملك شارل السادس زوج إيزابو ، خاصة أنه في هذا الوقت كان قد أصيب بالجنون ، ولكن لم يكن عامة الشعب يعلمون هذا الأمر بعد .

صدر قرار المحكمة بإقامة الحفل ، احتفالاً بتلك السيدة بحيث يكون حفلاً مميزًا ، خاصة أنه الزفاف الثالث لها آنذاك ، وتم التخطيط للحفل بحيث تكون فقرته الرئيسة ، هي رقصة للملك شارل السادس برفقة زوجته إيزابو ، يجاورهم خمسة من النبلاء ، وهم يرتدون زيهم التنكري إبان الحفل ، والذي تم تصميمه ليكون على هيئة إنسان الغاب ، على أن يتم تصنيعه من قماش الكتان وألياف السنديان ، ويتم ملئه بالفراء لتغطيتهم من قمة الرأس وحتى أخمص القدمين ، ولصقه بطبقة خفيفة من الشمع.

بدأ الحفل ومعه الفقرة الرئيسة للملك ، ثم وصل شقيقه الدوق لويس ، دوق أورليانز بالشمال Louis-Philippe Ier ، وكان بيده شعلة ما ، اقترب بها من الراقصون وشقيقه كثيرًا ، حتى اشتعلت معها ملابس الراقصين المصنعة من مواد قابلة للاشتعال أساسًا ، ولا يدري أحد هل كان الدوق لويس يقصد ما فعل أم ماذا .

فسرعان ما اشتعل الجميع ، ومات عدد من الراقصين ، ونجا أحدهم بإلقاء نفسه في خزان النبيذ المعد للحفل ، بينما أسرعت عمة الملك شارل بإخماد نيرانه المشتعلة بتنورتها الثقيلة ، ولكن الأخير كان فاقدًا لعقله بالفعل ، وما أن رأى الناس من حوله قد احترقوا ، حتى نهض يرقص ويعوي مثل الذئاب ويردد أنه لم يحترق لأنه من الزجاج .

وكان هذا الحادث هو السبب في انتشار تسميته بشارل المجنون ، واعتبر المواطنون الفرنسون ما يتم إقامته من حفلات ، باسم الملك شارل السادس ، ما هو سوى فساد بالحكم والقضاء ، مما دفع بعض المواطنين بالتمرد ضد الطبقة النبيلة .

أندرو جاكسون وضيوف البيت الأبيض Andrew Jackson :
قيل أن الرئيس الأميركي آندرو جاكسون ، عندما تولى رئاسة أميركا لم يقم حفلاً لتنصيبه في عام 1829م ، نظرًا لحالة الحداد التي كان يتبناها إثر وفاة زوجته راشيل ، ولكن الأمر لم يخل تمامًا من الاحتفالات ، حيث أقام آندرو حفلاً ضخمًا وباهظًا للغاية ، داخل البيت الأبيض وأعلن في هذا اليوم أنه مكانًا مفتوحًا للجميع ، وبدأ هذا الجمع الضخم في تناول الخمور بشراهة ، حتى أُطلق على هذا الحفل أنه الأعنف ، في تاريخ البيت الأبيض .

كان آندرو قد فاز بالانتخابات في جولة ، أُطلق عليها أنها الأقذر في التاريخ الأميركي ، حيث تغير مع انتخابه أساس السياسة الأميركية ، وما خشي منه المعارضون من انتشار للغوغائية حدث بالفعل ، فبعد أن أعلن آندرو بأن حفله الضخم مفتوحًا للجميع بصورة مجانية ، حضره أكثر من عشرين ألف شخصًا ، أتى منهم عدد ضخم من خارج واشنطن ، وما حدث في الحفل كان أشد مفاجأة .

بالطبع مع هذا العدد في التجمعات الكبيرة لابد أن تنشب الخلافات ، وهذا ما حدث بين البعض ، وكان نتيجته أن تم إتلاف الكثير من الأثاث والتحف الفنية داخل القصر دون تمييز ، وسُحق الطعام تحت أحذيتهم وفوق السجاد الفخم داخل القصر ، ليتم تدمير هذا المبنى التاريخي كاملاً ، في اليوم الأول من تولى آندرو لفترة ولايته .

كان آندرو قد أغفل تأمين الحفل بقوات من رجال الشرطة ، وهرب من النافذة الخلفية للقصر بعدما بدأ الشجار ، تاركًا التعامل مع الجميع لطاقم البيت الأبيض ، الذين فشلوا في إنهاء الحفل وإخراج من فيه ، حتى بعد أن تم طحن الطعام والشراب تحت الأقدام ، ولم ينصرفوا سوى بعد وعدهم بتوزيع زجاجات نبيذ مجانية عليهم ، إذا ما غادروا المكان فقط ، وعاد آندرو إلى مكانه في اليوم التالي ، ليطلب من الكونغرس مبلغ قُدّر بحوالي 50 ألف دولار ، وذلك من أجل إعادة تأثيث البيت الأبيض .

By Lars