سبق وأن رصدنا بعض الأمور الغريبة ، التي حدثت إبان فترات حربية بين الدول ، لاسيما الحرب العالمية الأولى ، وما يفعله الجنود من أمور قد تبود جنونية ، أو غير متزنة وإنما نبع البعض منها ، بسبب حب الوطن والانتماء الغريزي للأرض ، التي ترعرع فيها الجنود وتلك بعض الغرائب العسكرية التي حدثت حول العالم .
اللورد بادن باول واختراع الكشَّافة:
قد يتساءل البعض منا عن بداية حركة الكشّافة ومكتشفها ، وقد تشعر بأن الأمر هزلي ، عندما تستمع إلى قصة اختراع الكشافة ، والتي نشأت إثر حصار عسكري ، لأحد الجنود البريطانيين في جنوب إفريقيا ، يدعى اللورد باول بادن ، والذي تم حصاره على يد البوير الأفريقيين ، بمدينة مافكينج ومعه حوالي ألف جندي تحت قيادته .
كان اللورد بادن في العقد الرابع من العمر ، عندما تم حصاره في جنوب أفريقيا لمدة تجاوزت المائتين يومًا ، ولم تكن فرقته تملك أكثر من مدفعين فقط ، وظلت الفرقة بلا أية تعزيزات ، فاستغل بادن ذكاءه وقام هو وفرقته ، بقطع جذور الأشجار ، ووزعها على مداخل المدينة ، ثم وضع المدفعين في أماكن محددة ، ليقوما بإطلاق القذائف بشكل تكنيكي سليم ، يوحي لمن في المدينة بأن جيشًا جرارًا يهاجمهم ، وقد نجح بادن في خطته بالفعل .
إذا كان صمود بادن وفرقته ، من أهم وأشهر الغرائب العسكرية في حد ذاتها ، إلا أن ما فعله في تلك الفترة كان عبقريًا أيضًا ، فقد استغل اللورد بادن الفتيان الصغار ، وعمل على تجنيدهم في عمليات نقل الأخبار ، والقيام ببعض الخدمات للجنود ، باستخدام دراجاتهم من أجل كسب الوقت والجهد أيضًا ، وهو الأمر الذي انطلقت فكرة الكشّافة من خلاله ، بعد أن قام بادن بنشر كتيب صغير ، وضع فيه بادن تعليماته للفتيان الصغار ، إلا أن هذا الكتاب تم طبعه فيما بعد ، وتوزيعه ليكون بمثابة المرشد في مخيمات الكشّافة حول البلاد .
عقب عودة بادن لبريطانيا ، تم استقباله كبطل قومي ، وتم توزيع كتابه باعتباره دستورًا لمن أراد ، القيام بمهام الكشّافة ، مما دفع بادن لتطوير أفكاره الكشفية ، وألف كتاب الكشافة للفتيان عام 1908م ، وتمت ترجمته إلى أكثر من 35 لغة حول العالم .
وأصبح بادن أول قائد للكشافة حول العالم ، عقب حصاره برفقة جنوده ، وتم عقد أول مهرجان كشفي عام 1920م ، كما انضم للحركة الكشفية أكثر من 28 مليون شخصًا حول العالم .
الحرب الزائفة واحتلال فرنسا في شهرين فقط :
في عام 1939م ، اجتمع كل من الفرنسيون والبولنديون ، لبحث ما أصدره هتلر من تهديدات لبولندا ، وقاموا بالاتفاق على أن تقوم فرنسا ، بشن هجومًا خاطفًا لبعض الأماكن المحددة ، وعقب مرور عدة أشهر قامت ألمانيا ، بغزو بولندا وضمتها إلى امبراطوريتها ، تحت قيادة هتلر ثم اندلعت الحرب العالمية الثانية .
هنا قامت فرنسا بإعلان حالة التعبئة العامة ، في نفس يوم الغزو الألماني لبولندا ، لتنطلق مناوشات خفيفة طوال سبعة أشهر ، بين كل من الجانبين الألماني الفرنسي ، حتى استطاعت ألمانيا فجأة أن تحتل فرنسا ، أحد أكبر أعدائها خلال الحرب العالمية الثانية .
لم يحتمل الأمر سوى شهرين ، حتى أعلنت ألمانيا أنها قد هاجمت فرنسا واحتلتها ، وقد كانت خطة ألمانيا احتلال كل من ، لوكسمبرج وبلجيكا وهولندا ، لدفع الحلفاء بالتحرك نحو الشمال ، ليفاجئوا بهجوم سريع على فرنسا ، والتي كان جنودها قد عادوا لتوهم من معركة أردين .
أبدت القوات الفرنسية مقاومة عنيفة في بداية الأمر ، إلا أنها ما لبثت أن أعلنت الاستسلام للقوات الألمانية ، التي اقتسمت فرنسا بينها وبين إيطاليا ، فتم توزيع فرنسا كالتالي ؛ الجانبين الغربي والشمالي تحت سيطرة ألمانيا ، في حين احتلت إيطاليا الجانبين الجنوبي والشرقي ، في حين خضع الجزء المتبقي من فرنسا تحت سيطرة المارشال الفرنسي فيليب بيتان ، الذي عمل على عقد هدنة مع ألمانيا في هذا الوقت .
ولكن ما العجيب هنا ؟ العجيب أن فرنسا كان بإمكانها احتلال ألمانيا إبان فترة غزوها لبولندا ، حيث كان ألمانيا تملك 24 فرقة فقط على حدودها ، بينما امتلكت فرنسا وبريطانيا أكثر من مائة وعشرة فرقة ، كانت كلها جاهزة للهجوم !
الجيش النمساوي يقتل بعضه ويقدم هدية للعثمانيين :
إبان فترة الصراع الذي شب بين كل من الإمبراطوريتين ، العثمانية والنمساوية في القرن الثامن عشر ، حيث اندلعت معركة كارانسيبس ، والتي كانت أغرب معركة في التاريخ ، ففي تلك الليلة قام الجنود النمساويين ، والذين بلغ عددهم مائة ألف جنديًا ، ما بين كروات وصرب وإيطاليين ونمساويين ، ولم يكن الجانب العثماني قد قاوم وجودهم بعد ، فلجأ الجنود إلى شرب الخمور في تلك الليلة ، حد الثمالة لدرجة أنهم قد طلبوا من المشاة أن يشاركونهم الشراب ، ولكن المقاتلين من المشاة رفضوا ، وبدأت مشادة كلامية بينهم انتهت بانطلاق رصاصة من أحد الجنود ، فظن الآخرون أن العثمانيين قد بدؤوا بمهاجمتهم ، فبدؤوا بإطلاق النار مع بعضهم البعض ! ليقضي من قضى ويهرب من استطاع الهروب ، وتظل تلك المعركة أغرب معركة مسجلة في التاريخ .