ليس الوطن العربي هو الوحيد الذي يمتلئ بالأساطير الخرافية ، التي روتها الجدات لأحفادهن منذ الصغر وتربى عليها العديد من البشر وتناقلها الأجيال واحدًا تلو الآخر ، ولكن التراث الانجليزي أيضًا يذخر بشدة بتلك القصص الأسطورية القديمة ، ومن بين الأساطير الانجليزية القديمة أسطورة الشيطان الأسود أو الكلب الشيطاني .
الأسطورة :
تتلخص قصة هذا الكلب في أنه كائن ضخم وشبحي ، يتخفي في الظلام نظرًا لقتامه لونه وسواده الشديد ، وله عنينان مضيئتان ويقول البعض أنه ذو عين واحده في منتصف جبينه ، كلتاهما حمراوان كبيرتان ، وله فرو سميك يغطي جسده ، بالإضافة إلى أنيابه الحادة التي طالما مزقت ضحاياه من ذوي الحظ العاثر وفقًا للأساطير المذكورة عنه .
ويعد هذا الكلب نذير شؤم لمن يراه ، بالطبع لأن من يراه لابد وأن يقع فريسة لأنيابه التي تمزقه إربًا ولا يترك منه سوى أشلاء تقطعت وارتمت أرضًا ، ولهذا الكلب الشيطاني روايات عدة على رؤيته .
قصص ظهوره :
روى بعض الأوائل الذين تحدثوا بشأن رؤية هذا الكلب ، أنه في عام 1127م قد شوهد بالقرب من كنيسة بيتبورغ ليلاً ، حيث اجتمع الكثير من السكان المحليون من أجل أداء طقوس التعبد يوم الأحد .
وعند خروجهم من الكنيسة شاهدوا عددًا كبيرًا من الصيادين متشحين بالسواد القاتم من قمة رؤوسهم وحتى أخامص أقدامهم ، وكانوا جميعًا ضخام الجثث وحتى الخيول التي يمتطونها كانت شديدة السواد ، ولم تختلف الكلاب التي ترافقهم عن هذا الوصف كثيرًا .
وكانت تلك المشاهدات في الغابة التي تقع بالقرب من كنيستهم التي خرجوا منها توًا ، وكان عدد الصيادين يتراوح ما بين عشرين إلى ثلاثين صيادًا .
لم يتأذ أحد ممن خرجوا من الكنيسة وشاهدوا هؤلاء الصيادين ، ويعتقد البعض في أيامنا هذه أن ما تم رؤيته لا يمكن أن يكون سوى استعراض قوى ، من جانب الطبقة النبيلة التي كانت تعيش في تلك الفترة وأرادوا إظهار قواهم حتى لا يتجرأ عليهم عامة الشعب .
وللأمر رواية أخرى قد وقعت في عام 1577م ، في قرية بونجاي في انجلترا ، حيث شهد بعض الأفراد أن شيطانًا ما اندفع صوب الكنيسة واقتحم أبواها ، وسط الجموع التي كانت قد تجمعت بها ، وقام بقتل رجل وطفل ، واستدار عائدًا من حيث أتى ، عقب أن تسبب في انهيار برج الكنيسة أيضًا ، ولكنه خلّف وراءه حيث غادر عددًا من علامات الاحتراق على باب الكنيسة الشمالي ، والتي توجد على الأبواب حتى وقتنا هذا ، ويطلق عليها السكان المحليون طبعة أقدام الشيطان .
ولكن في الوقت الحالي ، قد نجد لكل أسطورة تفسير ما ، وتلك القصة بشأن طبعات الأقدام ما هي إلا علامات لبرق قد ضرب الكنيسة من شدته ، وتسب في حدوث ما حدث ، ولكن البشر في هذا الوقت القديم لم يكونوا على دراية علمية كافية بالأمور الفيزيائية والظواهر الطبيعية ، مما تسبب في تناقلها على ألسنتهم على هيئة خرافات وأساطير محلية متداولة بينهم .
ولكن لابد لنا من الإشارة إلى معلومة مهمة ، وهي أن عددًا من علماء الآثار كانوا قد عثروا على جثة لكلب مدفونة على بعد عدة أميال من الكنيسة التي شوهدت وقتها تلك الواقعة ، وكان من المثير لهم هو حجم الكلب الذي بلغ طوله سبعة أقدام ، وعقب إجراء عددًا من الفحوصات الدقيقة للتربة وجدوا أن الجثة والهيكل يعودان إلى نفس الفترة الزمنية التي انتشرت فيها قصة الكلب الشيطاني .