تعد انجلترا من أكثر الدول المأهولة بالغموض ، والأشباح وقصصهم على مستوى العالم ، والحقيقة أن البعض بالفعل لا يدرون ما السر الكامن خلف هذا الأمر ، هل فترة العصور الوسطى وما تم ممارسته فيها من قتل وجهل وشعوذات كانت هي السبب ، أم أن المكان مؤهل لسكناهم ؟ لا ندري حقًا سوى أن الكثير من الأماكن داخل انجلترا كانت ومازالت معقلاً قويًا لهم .
دارت أحداث قصتنا في مقاطعة تُدعى كِنت ، وهي مقاطعة مجاورة لقرية بلاكلي المسكونة بالأشباح ، تلك القرية كان يعيش بها أحد الأشخاص يدعى إيثان موريس ، كان هذا الرجل شاعرًا ويعمل في صناعة الدُمى ، وفي عام 1630م أقام هذا الرجل بمقاطعة كِنت ، حيث عاش بها وحيدًا لا يرغب في أي شخص ، سوى شعره ودُمياته فقط بعيدًا عن الإزعاج .
وكانت بداية ظهور إيثان في القرية في فترة الخمسينات قبل أن يفكر في الاستقرار بها ، وفقًا لرواية سكان القرية المحليون ، حيث اختار إيثان منزلاً منعزلاً بعيدًا عن بقية المنازل الأخرى ، ومحاط بحديقة صغيرة تساعده على الإبداع في عمله.
في تلك الفترة لم يكن موريس يمتلك عائلة ، فقط كلب واحد وخادم واحد يدعى مورغان ، ومورغان هذا رجل مسن عجوز ، وكانت مهمته تقتصر على الحضور إلى منزل إيثان ، والعمل على تنظيفه وإحضار ما يجب من أطعمة ، وهو أيضًا المسئول عن تنظيم المعارض القليلة التي أقامها إيثان موريس لعرض الدُمى التي كان يصنعها.
وبالطبع في مكان معزول كهذا ، لا تطأه الكثير من الأقدام كانت فكرة المعارض جذابة للغاية في هذا الوقت ، وبالتالي قام إيثان موريس باستغلال تلك المزايا وأقام أول معارضه عام 1631م ، هذا المعرض الذي حضره عدد ضخم من الناس لم يكن موريس نفسه يتوقعه .
وكان رأي الجمهور الذي زار هذا المعرض ، ينصب حول أمرين مهمين هما ؛ أن الدُمى التي صنعها إيثان كانت تبدو مثل الملائكة ، كلها بلا استثناء ، بالإضافة إلى أن ألوان الحرير في سترات الرجال وثياب النساء ، جعلت الجمهور يعتقدون بأن موريس هو أحد النبلاء الأرستقراطيين نظرًا لرقي الثياب ، وكان المعرض رائعًا باستثناء بعض الأبيات الشعرية التي وضعها موريس .
مثلما قلنا أعلاه ، كان إيثان موريس شاعرًا إلى جانب عمله في صناعة لدمى ، ولكن كان شعره يتسم بالسوداوية والقتامة إلى حد ما ، وأحيانًا ما يكون دمويًا ! ، وكان من أشهر القصائد التي ظهرت لموريس ، قصيدة savage garden وكانت قد اشتهرت جدًا وتم عمل مقطوعات موسيقية شهيرة جدًا عليها ، وذكرت في روايات مثل vampire chronicles ، والقصيدة الثانية الأشهر لموريس كانت قصيدة The purge ، والتي تم الاحتفاظ بها داخل أحد المعارض الخاصة حتى وقتنا هذا.
كانت القصيدة الأولى هذه قد عُرضت بأحد معارضه ، وتحديدًا المعرض الثالث له الذي أقامه إيثان ، وكان هذا هو آخر معرض يقوم موريس بإقامته ، لماذا ؟ أيثان موريس دخل بعد هذا لا معرض في حالة عزلة تامة داخل منزله .
ثم بدأ في إظهار علامات عنف قوية مع كل من حوله ، وطرد الخادم العجوز مورغان رغم أنه كان متكفلاً بكافة احتياجاته ، بالإضافة إلى كافة الخدم الذين كان يأتي بيهم مورغان لمساعدة موريس ، وبالنهاية طرد مورغان نفسه وهدده بالقتل إذا ما اقترب من منزله مرة أخرى!
كانت آخر مرة يرى فيها السكان المحليون بالقرية موريس في منزله ، قبل عام 1640م وكانت تنبعث منه رائحة بشعة وسيئة للغاية ، وكان ورق الحائط كله قد تم تقطيعه ، وتم استبدال الستائر كلها على النوافذ بأخرى صوفية وسوداء اللون.
وبحلول عام 1640م احترق منزل موريس كله فجأة ، وبالطبع كان موريس مقاطعًا لكل من حوله ، فلم يدر أحدهم بالحريق سوى بعد أن تصاعدت ألسنة الدخان إلى الأعلى ، فبدأ الناس يشعرون بأن هناك أمر جلل قد حدث.
قضى الحريق على كل ما يخص إيثان ، ولكن وبالنظر إلى ما حدث كانت هناك أربعة ألغاز غامضة في هذا الأمر وتثير الريبة ؛ أولاً أن الكلب الخاص بإيثان لم يمت محترقًا ، وإنما وجوده السكان مقتولاً على باب المنزل وقد تم بقر بطنه وإخراج أحشاؤه ، والجسد نفسه رغم هذا الحريق الهائل لم يكن محترقًا.
والأمر الثاني هو كانت الدمى داخل المنزل ، محترقة كاملة وكانت منتشرة في كل مكان ، وانصهرت أجزاء كبيرة منها على حائط المنزل إثر هذا الحريق ، ولكن المشكلة كانت أن أعداد تلك الدمى كانت ضخمة لدرجة لا يمكن تصديقها ، أما الأمر الثالث أن كافة أعمال إيثان كانت قد احترقت عن آخرها عدا قصيدة The purge ، تلك كانت الشيء الوحيد الذي لم يحترق نظرًا لأنها كانت محفورة على الجدار داخل المنزل ، في غرفة مكتب إيثان الخاصة.
والأمر الأكثر غرابة هو جثة إيثان نفسه ، لم تكن الجثة موجودة ولم يجد أحدهم منها شيئًا سوى يده اليسرى فقط لاغير ، ولكن مع اختفاء تام للجسد ، تم هدم المنزل عام 1970م ، وانتقل الجزء من الحائط المحفور عليه القصيدة الأخيرة لإيثان ، إلى مالك المنزل الجديد ، وذلك ضمن مجموعة من المعروضات الخاصة التي يقتنيها بعض الناس .
ولا يعلم أي شخص حتى يومنا هذا ماذا حدث لجثة إيثان موريس ، أو سبب انعزاله ، أو حتى سبب هذا الحريق هل كان إيثان نفسه هو من أشعل منزله وقتل كلبه ؟ أم من تسبب في هذا أراد الانتقام من إيثان ؟ ولماذا أيضًا فالرجل كان منعزلاً ولا يتحدث إلى أحد وبالتالي لا علاقات عدائية أو محبة مع أي شخص .