ولد جيرمي بينثام Jeremy Bentham في لندن في عام 1748م ، ويعد هذا الرجل أحد أشهر الفلاسفة ورجال القانون في تلك الفترة التي عاش بها ، بل حتى الآن ، كان جيرمي بينثام ابنًا وحيدًا لمحامٍ مخضرم .

اهتم كثيرًا بتعليم ابنه وتثقيفه قانونيًا حيث عشق والده تلك المهنة ، وقد قيل أنه لشدة حرص أبيه على تعليمه مبادئ القانون ، كان جيرمي قد قرأ وهو في الثالثة من عمره كتاب تاريخ انجلترا ذي الثمان مجلدات ! هذا الكتاب كان تأليف بول رابين وكان شديد الصعوبة في القراءة ، وكان جيريم قد بدأ يتعلم اللاتينية لتوه في تلك السن الصغيرة.

وقيل أيضًا أن الفيلسوف جيرمي بينثام قد عمل بنفس تلك الطريقة على تعليم تلميذه جيمس ميل ، وابنه جون فيما بعد ، وعرف جيرمي بينثام منذ صغره بذكائه الخارق حيث تفوق في كتابة الشعر باللغتين اليونانية واللاتينية ، عندما التحق بمدرسة وستمنستر Westminster.

وكان جيرمي قد أتقن عددًا ضخمًا من اللغات عند بلوغه سن السابعة ، وتخصص جيرمي في دراسة المنطق عقب أن بدأ في دراسة القانون في لنكولن Lincoln ، ولكن التعامل مع كتب القانون قد أثار سخطه فقام بتطوير دراسته وعمل على إدخال المنطق والنظام للتشريعات البريطانية وعلم القانون في بريطانيا ، وذلك عندما اتجه إلى الدراسة بأكسفورد ، ثم حصل  على درجته العلمية وهو في الخامسة عشرة من عمره في عام 1766م.

واشتهر جيرمي بأنه شخصية عبقرية وغريبة الأطوار منذ البداية ، وتخرج من أكسفورد وهو يبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا ، ثم بدأ يدرس الفلسفة مع القانون ، وهكذا يكون جيرمي بينثام أصغر متخرّج عرفته الجامعات الإنجليزيّة آنذاك ، وكان يعده والده منذ البداية ليدرس مهنة المحاماة إلا أنها مع مرور الوقت لم ترق له ، بل وقد شعر من خلالها بالتقصير ، فقام بدراسة الفلسفة بشكل أكثر تعمقًا ، وشرع في إرساء مذهب فلسفي عُرف باسم Utilitarianism النفعية .

هذا المذهب الفلسفي والذي ينص على أنه لا يجد صح أو خطأ ، وإنما أفضل سلوك يمكن أن يتبعه البشر هو تحقيق أكبر قدر من المنفعة الذاتية أو الشخصية ، ولم تتوقف جهود جيرمي عند هذا الحد فقد عرف عنه بأنه كان مدافع قوي عن حقوق الإنسان ، والحيوان على حد سواء ، ورفض تمامًا عقوبة الإعدام ، وما يعرف بالمثلية ، وكذلك اعترض كثيرًا على الاستغلال المادي لأنظمة الحكم نحو الشعوب.

عقب تحقيق جيرمي بينثام شهرة واسعة من خلال تحركاته السابقة ، وذاع صيته كان لديه العديد من الطلاب والأتباع لعلمه ، وكان لديه تلميذ وفي يدعى Thomas Smith توماس سميث.

كان توماس مقرب جدًا لأستاذه ، وكان جيرمي قد أوصى طلابه بأن يقوموا بعد وفاته بوضع جثته وتخليدها ، حتى تظل شاهدة على كافة الإنجازات التي حققها طوال مسيرته وحياته ، على أن يتم استخدام باقي أعضاء الجثة في الأبحاث الطبية ، وقد حصل بالفعل على الموافقة على طلبه نظرًا لقلة الجثث المتاحة للبحث العلمي في هذا الوقت. وبحلول عام 1832م ، توفى جيرمي عن عمر يناهز الثمانون عامًا ، بين أوراقه العلمية وكتبه.

قام توماس سميث تلميذ جيرمي الوفي بتسليم جثته من أجل تنفيذ الوصية ، وكبداية من أجل التحنيط تم قطع رأسه ، ثم بدؤوا في نزع الأعضاء من داخل الجسد وحشوه باللافندر والقش والقطن والصوف حتى تحتفظ الجثة بهيأتها ، ثم تم تجفيف الجسد ، وتم وضعه داخل صندوق خشبي أطلق عليه Auto icon.

لكن ما مصير الرأس الحقيقية المقطوعة ؟ بالطبع تغيرت الوجه تمامًا وأصبحت أكثر بشاعة ، فلم يكن أمام أتباعه سوى القيام بالعبث في وجهه بوضع القليل من الأشياء التجميلية كالعيون الزرقاء الزجاجية مكان الأعين الحقيقية .

ولكن الأمر لم ينجح فقرروا نزع الرأس الحقيقية وتم تصنيع أخرى من الشمع ، وضعت فوق الجسد ، بينما كان مصير رأس الفيلسوف جيرمي بانثام أن توضع بين الأرجل على الأرض داخل صندوق العرض! ، ظل أتباع جيرمي بانثام محتفظين بالجسد لفترة ثمانية عشر عامًا ، تقرر بعدها نقل الجسد إلى معرض جامعة لندن ، وظل موجدًا هناك حتى اليوم.

By Lars