لم يكن الصبي ذو البشرة السمراء يعلم أن شهادته البريئة ستودي بحياته ، أمام محاكمة عنصرية من ذوي البشرة البيضاء ، ولعل هذا ما يجعل الجميع في وقتنا هذا ينأى عن المشكلات ، والشهادة في جرائم القتل والحوادث .
فكثيرًا ما تحدث مشاجرات وجرائم دون أن يتدخل أحد ، أو يذهب إلى مركز الشرطة للإدلاء بشهادته خوفًا من أن تجر قدمه في المشكلة ، خاصة مع عدم تحري الدقة في التحقيقات ومحاولة إغلاق القضايا بغض النظر عن براءة المتهم من عدمه .
ويعد جورج ستيني رمزًا لعنصرية البيض وإجحاف القضاء في الولايات المتحدة منذ عام 1944م حتى وقتنا هذا ، وتبدأ أحداث القصة عام 1944م حينما تغيبت الطفلتان ذوي البشرة البيضاء ؛ بيتي يونيو 11 عام ومريم ايما ألتمايز 8 سنوات عن منازلهم لمدة 24 ساعة ، وبعدها تم العثور عليهم قتلى ، فقد تعرضوا للضرب حتى الموت .
وتم الإمساك بالطفل جورج ستيني والذي كان في الرابعة عشر من عمره ، آنذاك بتهمة قتل الطفلتين ، والغريب في الأمر أنه لا شيء يربط بين ستيني وبين الطفلتين ، كما أنه لم يكن في دائرة الاشتباه من الأساس ، ولكنه تقدمه للشهادة جعلهم يلصقون التهمة به ، فقد ذهب بكل براءة في محاولة للمساعدة.
وأخبر فريق البحث قائلًا : لقد رأيت فتاتين ملقتان على الأرض ، وكانت واحدة منهم مازالت على قيد الحياة ، ثم توقف لحظة ، واستأنف الحديث ثانية ، وقال أن تلك الفتاتين قد مررن به مستقلين دراجاتهم ، فسألهم أين يمكنه العثور على بعض الزهور.
وكانت تلك الكلمات هي الحبل الذي التف حول عنق المسكين ، فلم يتم استدعاء أي شهود آخرين للإدلاء بشهادتهم ، وبعد عشر دقائق فقط من المداولات بين لجنة القضاء ، والتي تتألف كلها من ذوي العرق الأبيض ، تم الحكم على الطفل الصغير بالإعدام حتى الموت بواسطة الكرسي الكهربائي.
ويعد الطفل جورج هو أصغر شخص في الولايات المتحدة يتم تنفيذ الحكم عليه بالإعدام ، وقد أثار هذا الحكم حفيظة العديد من النقابات الدينية ومنظمات الدفاع عن حقوق السود ، مما أدى لاندلاع الاحتجاجات نتيجة الحكم المجحف بحق الصبي.
وبعد مضي ثلاثة أشهر على وقوع الجريمة لم يطرأ أي جديد في القضية ، وفي صباح السادس عشر من يونيو عام 1944م ، اقتيد الصبي الخائف جورج ستيني إلى غرفة الإعدام وهو يحمل بيده الكتاب المقدس ، ليحاول أن يطمئن نفسه ، ولكن دون جدوى .
وقد وجد الجلادون صعوبة كبيرة في ربط الصبي الصغير بالكرسي المتحرك بسبب صغر حجمه ، وقد كانت نظراته البريئة تخترق قلوبهم ، ولكن أيضا دون جدوى ، فقد صدر الحكم ، وبعد أربعة دقائق من الألم المميت فارق جورج الحياة ، وتم الإعلان عن موته ، كانت قضية جورج من أكثر القضايا جدلًا على مر الزمن ، ولعل هذا بسبب سرعة إصدار الحكم ، وعدم التحقيق مع أي مشتبه بهم آخرين.
وفي عام 2005م قرر ثلاثة محامين بالبحث في قضية جورج مرة أخرى ، وبعد بحث مستفيض كانت المفاجأة ، فقد أعلنوا عن براءة الصبي المطلقة من التهم التي نسبت إليه ، لكن مع هذا لم يفتح سجل ستيني الجنائي من قبل القضاء الأمريكي .
وظل الصبي الصغير جورج ستيني رمزا للعنصرية ، وقسوة البيض في معاملة السود ، وحالة كبيرة من الجدل حتى وقتنا هذا ، ولعله الطفل الأول الذي فقد براءته على مقصلة الجلاد ليصبح أول طفل يعدم.