سمعنا جميعًا عن عجائب الدنيا السبع ، ولكن من منا قد سمع من قبل عن قصص وحكايات حول تلك الآثار ، والعجائب المتميزة على مستوى العالم ، وإحدى درر الفن الإسلامي ، والتي تحظي بعض الدول بالفخر لوجود بعض أو عدد من تلك العجائب المميزة بها ؟ سوف نسرد قصة بناء تاج محل ، ومن قام ببنائه تحديدًا ولمن .
البداية ..
تاج محل ، أو قصيدة المرمر ، كما يطلق عليها الهنود ، فهو درة بالفعل تتجسد في أحجاره الكريمة ، والقباب الساحرة التي تغطيه من الأعلى ، بنيّ هذا البناء في القرن السادس عشر ، حيث كانت إمبراطورية المغول في أوج عصورها وأزهاها ، في الهند والتي امتد سلطانها ونفوذها ، ليشمل الهند وباكستان ، وأفغانستان .
وجدير بالذكر أن أباطرة المغول في هذا الوقت ، كانوا مسلمين ، يتّسمون بالسماحة ، هذا الأمر الذي دفع البلاد إلى الازدهار والقوة ، وتجلى هذا الازدهار في الفن ، والمعمار ، والآثار الفنية ، ومن بين تلك الدرر التي تشهد على هذه الطاقات المتفتحة ، ضريح تاج محل ، الذي يقع على ضفاف نهر جومينا ، وقصة بنائه تزيده جمالاً فوق الجمال .
لأجل من ؟
في عام 1607م ، كان ابن الإمبراطور في الخامسة عشرة من عمره ، وفي أحد الأيام ، ذهب ولي العهد مع والده لحضور مناسبة تخص النبلاء ، وهناك شاهد فتاة شديدة الجمال والحُسن ، وعرف أنها إبنة أحد النبلاء المقربون من البلاط ، وكانت تبلغ الأميرة آنذاك أربعة عشر عامًا من عمرها .
أحبها الأمير وذهب لخطبتها التي دامت خمسة سنوات ، ثم توجا حبهما عقب ذلك في عام 1612م ، وكانت الأميرة شديدة الذكاء والتسامح والطيبة ، حتى أن زوجها قد أطلق عليها ممتاز محل ، لشدة حبه لها فقد كانت مميزة ولا تتدخل مثل الأخريات في أمور البلاط الملكي أو خلافه ، رغم أنها لم تكن زوجته الأولى ، فقد كانت الثالثة والتي أحبها حبًا جمًا ، وأنجب منها أربعة عشر طفلاً .
وبحلول عام 1628م ، توفى الإمبراطور وارتقى ابنه وكان يُدعى خرم ، وبمجرد صعوده إلى العرش بعد والده ، أطلق عليه لقب شاه جهان أي ملك العالم ، ولاشك أنه قد واجه الكثير من حالات التمرد ، والعصيان إبان حكمه ، وحدث ذلك في إحدى المدن الأفغانية ، والتي ذهب إليها الإمبراطور من أجل الحرب .
وكان من المعتاد أن يصطحب الإمبراطور زوجته لكل حروبه ويبقيها في مكان آمن ، ولكن هذه المرة كانت الزوجة حاملاً في شهورها الأخيرة ، ويبدو أن الرحلة الطويلة قد أرهقتها ، فتعسرت الولادة ، وكانت الزوجة الجميلة في حالة احتضار.
بناء الضريح ..
ذهب الإمبراطور راكضًا إلى زوجته الحبيبة ، التي نظرت إليه طويلاً في ألم وهي تحتضر وطلبت منه أمرين ، أولاً ألا يتزوج بعدها وينجب أبناءً يحاربوا أبنائها على العرش ، وثانيًا أن يبني لها بناء يخلد ذكراها إلى الأبد .
انتظر الإمبراطور إلى جوار زوجته ظنًا منه أن سوف تستعيد عافيتها مرة أخرى ، ولكن شاء القدر أن تتوفى عام 1631م ، وظل الإمبراطور قابعًا لمدة عام كامل في صومعته حزنًا على زوجته وحبيبته ، وعندما خرج للناس مرة أخرى ، كان قد صار شخصًا آخر ، كهلاً أبيض الشعر ، محني الظهر!
مجرد أن خرج الإمبراطور من مكانه ، بدأ في التواصل مع أهم المعماريين على مستوى العالم ، خاصة عباقرة الفن الإسلامي ، والذين قد وضعوا خلاصة مهنتهم في البناء ، والذي سرعان ما بدأ يظهر للعلن روديًا رويدًا .
استغرق البناء حتى تم تشييده ، اثنان وعشرون عامًا متواصلة ، وعمل في تشييده عشرون ألف رجلاً ، حيث تم تطريزه بالأحجار الكريمة ، من الياقوت والعقيق الأزرق ، واللازورد ، وطبقات القباب من الذهب الخالص .
وصار أجمل ما رأت الأعين على وجه الأرض ، وبالطبع ، تلك المجوهرات قد تم سرقاتها ، في القرن التاسع عشر الميلادي ، عندما قام الانجليز باحتلال الهند ، إلا أنه قد ظل حتى الآن رغم السرقة ، أحد درر الفن الإسلامي في العالم .