بالطبع نعلم جميعًا ، أننا لسنا ذوي بشرة واحدة ، أو عرق واحد ، وبيننا العديد من الاختلافات والصفات ، والأشكال المميزة ، إما لكل عِرق أو جماعة ، فمنا من له أنف أفطس ، وهناك ذوي الشعر الأصفر ، أو الأحمر ، الناعم ، أو الغجري وهكذا ، ولكن أن نجد في مجتمع أسمر البشرة ، من هو أبيض اللون ، والشعر والرموش !
قد يكون هذا الأمر غريبًا للبعض منا ، خاصة من هم على قدر بسيط من التعلم ، فبالتأكيد درسنا من قبل في إحدى المراحل التعليمية ، أن هناك من يُطلق عليهم الألبينو ، هؤلاء الناس من ذوي البشرة التي تبدو شاحبة للغاية ، ولهم رموش بيضاء ، وشعر أبيض اللون ، وتعود تلك الحالة إلى طفرة جينية ، تؤدي إلى حدوث تغيرات في صبغة الميلانين الموجودة تحت الجلد ، حيث تنخفض بشدة في هؤلاء الناس ، مما يتسبب في درجة الشحوب التي نراها ببشرتهم.
هذا التغير الجيني ليس مرضًا على الإطلاق ، وإنما صفات وراثية متنحية ، متعلقة بالجينات البشرية ، وتلك الحالات ليست مقتصرة على بعض الأعراق ، وإنما طالت كافة الأعراق ونراها في العالم أجمع ، بنسب قليلة ولكنها موجودة بيننا.
عادات غريبة ..
إذا كانت العديد من الدول ، ذات الثقافات والاهتمام بالتعليم ، يعلم أبناؤها هذه الحالة من التطور الجيني أو الطفرات الجينية ، إلا أنه يجب علينا أن نعلم بأن هناك مجتمعات ، مازالت في مراحل التطور .
وقد يكون المجتمع على درجة متوسطة ، أو مرضية بوجه عام من التطور ، إلا أن سكانها المحليّون مازالوا ، يؤمنون ببعض العادات والتقاليد والروايات البالية ، فقد تندهش إذا ما علمت بأن بعض الدول الأفريقية ، تؤمن بشدة بأن الشخص الألبينو ، هو مصدر قوي للقوى السحرية ، العديد من الأفكار المخرّفة القديمة ، تؤمن بأن جسد الشخص الألبينو ما هو إلا حامل لقوى السحر القوية.
الأمر الذي قد تتدخل فيه العادات ، ويتم قتل الشخص الألبينو ؛ من أجل استخدام أعضاءه في تنفيذ وصفات سحرية ، سواء أكانت طعامًا أم شراب ، أم دهانات ، وغيرها من السبل ، التي يظن الكثيرون في الدول الأفريقية بأنها سبل السيطرة والقوة ، والسحر ، فمن المعتاد في مثل هذه المناطق ، أن يكون ولادة شخص ألبينو ، وسط أسرة سمراء البشرة ، هو كارثة محققة ، هل كنت تظن أن تلك العادات الهمجية قد اختفت؟
موروثات لا تنتهي ..
في عام 2014م المنصرم ، أثبتت بعض المنظمات الرسمية لحقوق الإنسان ، ممارسة حواليّ ثلاثة وعشرون دولة أفريقية لتلك العادات ، بشأن قتل الشخص الألبينو ، ومنها دولة تنزانيا ، ودول مالاوي ، ذلك أنه من المتعارف عليه بأن المولود الألبينو لابد أن يُقتل ، ثم يتم التعامل مع الجثة مثل الدمى .
حيث يتم انتزاع شعر الألبينو ، واستخدام بعض أعضائه ، وأجزاء متفرقة من جسده ، في أعمال السحر ، وإذا ما توفى أحد الأشخاص الألبينو ، بشكلٍ طبيعي ، يتم استخراج الجثة من القبر واستخدامها كما يشاؤون في أعمال السحر .
وجدير بالذكر ، أنه قبل عدة سنوات مضت ، تم الإبلاغ عن اختفاء طفل ألبينو ، يبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا ، وعندما تحرى رجال الشرطة عن الأمر ، اكتشفوا أن الطفل قد تم اختطافه من أمام منزله ، ثم وُجدت جثته عقب الجريمة بيوم واحد ، وتظهر على الجثة آثار سلخ بفروه الرأس .
اتجه رجال الشرطة للبحث عن القتلة ، وبالفعل تم إلقاء القبض عليهم ، وعند مواجهتهم بتلك الجريمة ، اعترفوا بأنهم قد احتاجوا إليه من أجل إضافة بعضًا منه للدواء! نعم ، وصف الطبيب دواءً لأحد المرضى من أفراد أسرة القتلة ، فلم يجدوا بُدًا سوى اختطاف الطفل ، من أجل أن يضيفوا إليه شعر الألبينو ، حتى يتم السحر ، ويحدث الشفاء .
وحالياَ ، تعمل العديد من منظمات حقوق الإنسان ، من أجل إيقاف تلك الجرائم بحق العديد من الأشخاص الأبرياء ، الذين ليس لهم ذنبًا في حدوث طفرات جينية لهم ، تلك الجرائم التي مازالت منتشرة حول العالم ، بالطبع لم تنقرض تمامًا ، ولكن تمت السيطرة عليها إلى حد ما