يروي العديد من المؤرخين عن مخطوطة فوينج ، أنها قد وجدت بالقرن الخامس عشر ، وهي عبارة عن كتاب ضخم ، يتضمن العديد من الفصول والصور ، ولكن من الملفت بالأمر ، وما جعله مميزًا ومحط الأنظار جميعًا ، هو أن ما تم كتابته داخل فصول هذا الكتاب ، لا يمكن أن ينضم لأية لغة معروفة حول العالم قط ، أو حتى اللغات القديمة بالقرن الخامس عشر ، حيث عُثر على الكتاب .
هذا الكتاب لم يُذهل قارئيه بسبب لغته غير المفهومة فقط ، وإنما أيضًا بسبب رسومه الغريبة ، فالكتاب يحتوي على سبعمائة اثنان وسبعون صفحة ، من بينها صفحات مملوءة بالصور ، لنساء عاريات يلعبن ، ومسابح مليئة بالمياه ذات لون غريب ، بالإضافة إلى صور لنباتات وكلمات غير مفهومة ، يظن البعض بأنها وصفات لاستخدام تلك النباتات ، والتي لم يتعرف عليها أي من علماء النبات حول العالم حتى الآن!
ما يثير الحيرة والدهشة أيضًا ، هو احتواء الكتاب على العديد من الأشكال الهندسية المتفرقة ، ومنها أشكالاً لم تُشاهد من قبل ، ولا تخضع للنظريات الرياضية المعروفة ، وما حير المؤرخون والآثاريون هو عدم احتواء الكتاب على اسم مؤلف واحد على الأقل ، أضف إلى ذلك أن الكتاب يتجه من اليسار إلى اليمين ، ويحتوي على عدد أحرف مختلفة التكوين ، ومنها ما تم استخدامه داخل الكتاب لمرة واحدة فقط ، أو مرتين .
بعض القصص حول تاريخ المخطوطة ..
خمّن البعض من المؤرخين ، بأن تاريخ هذه المخطوطة يعود إلى الفترة من 1450م إلى 1520م ، وذلك من خلال ملاحظتهم لبعض الرسوم الذي ظهرت بها صور النساء ، حيث دققوا النظر بكيفية تمشيط الشعر ، والملابس ، وكذلك صور بعض القلاع بها.
وجدير بالذكر ، أن أول من املتك المخطوطة كان الملك ، جورج بارسيج ، وكان هذا الملك كيميائي من إيطاليا ، وقد حاول مرارًا وتكرارًا فك لغز تلك المخطوطة ، إلا أن محاولاته باءت بالفشل ، فأرسل برسالة إلى إثناسيوس الذي كان قد نشر كتابًا للغة الأثيوبية ، ظنًا منه أنه قد يجد لديه جوابًا ، إلا أن إثناسيوس لم يستطع هو الآخر ، فك لغز المخطوطة ، ولكن الرسالة بينهما كانت أول توثيق لمالك الكتاب.
وبعد وفاة بارسينج ، انتقلت مليكة المخطوطة لأحد أصدقائه ، الذي أرسل بها مرة أخرى إلى إثناسيوس ، ولم يستطع للمرة الثانية أن يفط لغزها ، ثم اختفت تلك المخطوطة لفترة طويلة قاربت المائتين وخمسون عامًا ، ثم ظهرت مرة أخرى عام 1666م ، على أرفف مكتبة جامعة رومانو ، ولكنها لم تدم طويلاً ، حيث بيعت المخطوطة ضمن العديد من الكتب ، عندما احتاجت الجامعة إلى المال في عام 1912م ، حيث اشتراها شخصًا يدعى ويلفرد فوينج ، والذي حملت المخطوطة اسمه حتى الآن .
وآلت ملكية المخطوطة بعد وفاته إلى زوجته ، التي قررت أن تبيعها إلى صديقتها آن نيل ، التي باعتها بدورها لأحد تجار المخطوطات ، وظلت معه لسنوات طويلة إلى أن تبرع بها لجامعة يال ، حيث بدأت المخطوطة في جذب الأنظار مرة أخرى.
تخمينات أخرى ..
كما طرحنا سابقًا ، أن المخطوطة كانت قد أرسلت عقب وفاة ، جروج بارسيج إلى صديقه مارسي مؤلف قاموس اللغة الأثيبوبية ، وقام هذا الأخير بمحاولة فك اللغز ، ولكنه لم يفلح وأخبر صديقه بأنه من المتوقع ، أن يكون مؤلف تلك المخطوطة الكاتب الانجليزي روجر باكون ، الذي باعها لإمبراطور أوروبا .
إلا أن الباحثين قد أنكروا وانتقدوا تلك النظرية ، ولكن هذا الأمرطرح رؤية جديدة للمخطوطة ؛ ألا وهي أن الشخص الذي قد يكون قد باع المخطوطة للإمبراطور رودلف ، هو الساحر والعرّاف جون دي ، الذي كان يعمل في بلاط الملكة إليزابيث .
ولكن الخط لم يتشابه مع ما كتب من مخطوطات آنذاك ، فاقترح آخرون أن يكون مؤلف الكتاب ، مساعده الذي ادعى أنه يستطيع تحويل التراب إلى ذهب ، وأنه قد صعد في رحلة إلى السماء ، ويعرف لغة الملائكة .
وتلك المعلومات قادت إلى استنتاجين ؛ هما أن جون دي ومساعده قد أوهما الامبراطور بأن تلك المخطوطة العابثة ، هي مخطوطة حقيقة وباعاها له بثمن باهظ للاحتيال عليه ، والرواية الأخرى ؛ ترجح أن مساعد جون دي قد تم اختطافه بواسطة كائنات فضائية ، خاصة أن هناك صورتين واحدة لجرم سماوي ، وأخرى لخلية في الأحياء ، والاثنتان لا يمكن رؤيتهما سوى ، بتليسكوب ، ومجهر ، وهما اختراعان لم يتوفرًا في ذلك الوقت ، وفي النهاية تبقى الحقيقة غائبة عن أسرار تلك المخطوطة ، حتى يومنا هذا .