في شمال مدينة الطائف يقع هذا البناء المعماري الراقي ، فهو قصر عظيم النشأة ، أبدع المصممون والبناءون في إقامته ، يجمع بين فخامة المعمار الروماني وعظمة المعمار الإسلامي ، ويطل على واحد من أهم شوارع المدينة ؛ فهو في موقع متفرد ومميز ، ومما زاده عظمة وجمالًا نزول الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن أل سعود (رحمه الله) به في بداية حكمه بعد توحيد المملكة ؛ ليدير منه شئون الحكم و أموره آنذاك .

نشأة وبناء القصر:
قام علي بن عبد الله بن عون باشا ، ببناء هذا القصر عام 1905م ، في حي شبرا بالطائف ، وتم الانتهاء منه بعد عاميين من وقت التشييد ، وقد اهتم به كثيرًا ؛ فجعل البناءون يبدعون في وضع أحجاره ونقش جدرانه ، فأصبح تحفة معمارية تسر الناظرين من الداخل والخارج .

ويحتوي القصر المكون من أربعة طوابق على (152) حجرة مزينة بالنقوش الخشبية العتيقة ، وصممت نوافذه على الطراز الحجازي ، وطليت أسقفه بالجير الأبيض ، وشيد القصر بفخامة تليق بالمملكة ، حينما أقيم على أعمدة ضخمة ، والتف السياج الرخامي حوله ليضفي عليه روعة التصميم وعظمة الإبداع .

الملحقات والمرافق بالقصر :
للقصر أربع وجهات داخلية ، ولكن أجملهما الوجهة الأمامية فقد ركز عليها الفنانون في تصميمهم ، لأنها محط أنظار القدوم ، بقاعة القصر الرئيسية هناك سلما خشبيا مزدوجا مغطى بالأغطية الفاخرة ، وأرضية القاعة من حجر المرمر .

وفي الطابق الثاني جناحان بهما غرفة كثيرة متعددة الأحجام والألوان ، أعمدتها مطلية باللون الذهبي ، تعتليها النقوش الخشبية بالأسقف المعلقة ، أما سور القصر فله طابع روماني التصميم ، يعطيه قوة وصلابة .

تحول قصر شبرا بعد ذلك لمتحف كبير ، به العديد من الأواني المنزلية التي كانت تستعمل في عصور قديمة ، واللوحات الصخرية التي نقشت عليها الكتابات ، والكثير من القطع الفخارية والحجرية ، وبعض المجوهرات والحلي ، إضافة إلى الأسلحة الأثرية القديمة من رماح ومسدسات وخناجر وبنادق ، ودروع ؛ كلها تسرد تاريخ المملكة بين أحضان هذا القصر القابع بحي شبرا في مدينة الطائف .

ويحتوي القصر على ثمانية ملاحق بالمبنى الرئيس ، والقاعة الأولى منه تشمل متحف لعصور ما قبل الإسلام ، يسرد على الناظرين أحوال البشر وحياتهم من البدائية والجهل حتى ظهور الإسلام والتمدن.

والقاعة الثانية تسرد التراث الإسلامي مرورا بهجرة الرسول وعهود الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم ، أما القاعة الثالثة فتسرد قصة توحيد المملكة ، منذ بداية الدولة السعودية إلى وقتنا هذا .

كما يشمل هذا القصر المهيب خانا شعبيا للعروض المتحفية وقاعة للفنون التشكيلية ، ومعرض للحرف الشعبية ، وبعض المكاتب الخاصة بموظفي المتحف إضافة إلى معمل التصوير الفني ، كما يضم مسجدا ومكتبة في أدواره العليا ، ليصرح بهذا صرحًا فكريًا يجذب الحاضرين من رواد العلم والفن ، وليس فقط مزارًا سياحيًا .

الأهمية التاريخية للقصر :
وللقصر أهمية تاريخية ارتبطت بوجود الملك عبد العزيز (طيب الله ثراه) ، بين جنباته خلال إقامته الصيفية بالطائف ، فقد شهد القصر حينها العديد من الأحداث الهامة  ؛ حيث استقبل فيه ابنه الملك سعود بعد عودته من إحدى المعارك مظفرًا ، واستقبله بحفاوة كبيرة على بوابة القصر .

ونزل به أيضا السلطان وحيد الدين محمد السادس أخر سلاطين بني عثمان ، حينما قدم للحجاز ، وشهد القصر أيضا ولادة ابنين من أبناء سمو الملك عبد العزيز ، وهما صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبد العزيز آل سعود ، وصاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود .

وتم تحويل القصر بعد ذلك مقرا لوزارة الدفاع والطيران ، ثم أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز بتحويله إلى متحف تراثي ، وقام جلالته بتسليمه لوزارة المعارف (التربية والتعليم حاليا) ، ثم حول بعد ذلك لهيئة السياحة والآثار ؛ ليكون متحف تاريخيًا يشهد على عظمة المعمار والتصميم .

ولازال القصر حتى الآن في حالة ممتازة ،  تجري المملكة به الترميمات والإصلاحات بصفة دورية ؛ ليظل شامخًا في قلب الطائف ؛ كأحد أهم معالمها السياحية .

By Lars