جرائم القتل بعضها مدهش وبحق ، ليس فقط لبشاعة الجريمة أو كم ما بها من عنف ودموية ، وإنما يكمن الأمر أحيانًا في طبيعة العلاقة ، التي تجمع بين القاتل والضحية ، ولعلنا نندهش كثيرًا ونقف حائرين أمام أب يقتل أبناءه ، بكل قسوة وكأن قلبه لا يشعر بالألم لأجلهم ، مثله مثل أي ذكر لديه مشاعر أبوه ، نحو أطفاله وفلذات كبده ، ولكن هل تختلف الأمور مع اختلاف الظروف ، ليصيروا الأطفال ضحية الأب القاتل ؟

بداية اكتشاف الجريمة :
في تمام الخامسة فجرًا بأحد شوارع بروكسل البلجيكية ، بدأ يتصاعد دخان من إحدى السيارات ، المتوقفة بأحد الشوارع الجانبية بالقرب من أحد العقارات ، الكائنة بالشارع والمكونة من خمسة وعشرين طابقًا ، حيث لم ينتبه السكان إلى الحريق سوى بعد أن تزايد وارتفع الدخان بالأفق لينتبهوا ويبلغوا رجال الإطفاء ، ويلحق بهم رجال الشرطة والتحقيقات أيضًا .

خيوط وملابسات الحادث :
بعد قدوم رجال الشرطة وأثناء تفقد السيارة المحترقة ، وجد رجال الشرطة جثة لرجل ، قد ارتمت أسفل العقار الشاهق ، وبالفحص السريع له تبين أن الجثة لرجل متوفى ، ومن الجلي أنه قد ألقى بنفسه من الأعلى ، وبالبحث عن هويته تم التعرف على بعض بياناته ، وعلم رجال التحقيقات أنه رجل يدعى سمير ويبلغ من العمر تسعة وثلاثين عامًا ، وهو تونسي مقيم في بلجيكا ، ويعمل سائق تاكسي لتلك السيارة التي وجدوها محترقة ، وتبين فيما بعد أنه هو من أشعل النار بالسيارة قبل أن يصعد إلى شقته ، ويلقي بنفسه من الطابق العشرين ليلقى مصرعه في الحال .

مفاجأة جديدة :
بالطبع توجه رجال التحقيقات إلى العنوان ، المدون على هوية الرجل لإبلاغ أهله بما حدث له ، وتبين الحقيقة ومعرفة ملابسات الواقعة وما دفعه للانتحار ، ولكنهم عندما وصلوا إلى شقة الرجل ، ظلوا يطرقون الباب مرارًا ولا استجابة ممن بالداخل ، ليضطروا في النهاية إلى كسر باب المنزل ، ويتفاجئوا بما وجدوه بالداخل ، حيث ارتمت جثث أفراد الأسرة الصغيرة داخل المنزل .

وكانت الجثث لامرأة وثلاثة أطفال من الجلي أنهم زوجة الرجل وأبنائه ، وبعد الفحص تبين أن جثة السيدة هي لطليقة الرجل ، وتدعى ربيعة وتبلغ من العمر ستة وثلاثين عامًا ، وقد تلقت طعنة غادرة بسكين قضت عليها في الحال ، أما الأبناء فقد تبين أنهم ثلاثة ذكور وأنثى ، وقد تم قتلهم طعنًا أيضًا ليلقوا حتفهم ، قبل أن يقدم سمير على الانتحار .

خلافات :
واصل رجال التحقيقات بحثهم حول الأسباب ، والدوافع التي قادت سمير لمثل هذا الجرم البشع ، بحق أطفاله ثم طليقته خاصة وأن الطلاق كان قد وقع قبل الجريمة بوقت قصير ، فأكد بعض الجيران أن الزوجين كانا مستأجران لتلك الشقة ، قبل عدة سنوات وكانت جيرتهما طيبة ، إلا من بعض العراك والخلافات التي تنشب فجأة ، لتتعالى أصواتهما وقد يحدث نفس الأمر بالشارع ، ولكن لا أحد يعلم سر تلك الخلافات المتكررة ، والتي انتهت بهما إلى الطلاق .

وهذا نفس ما أكده حتى المسئولون ، بالمدارس التي كان مسجل بها الأطفال الأربعة ، حيث أكدوا أن كلا الزوجين كانا على خلق ، وليس لهما أية خلافات أو تصادمات مع أي شخص ، بالإضافة إلى أن الأطفال أنفسهم كانوا ذو أخلاق عالية ، وهذا ما أحزن الجميع بشأن مقتلهم وفراقهم ، وقد شوهد سمير عقب إتمام الطلاق الرسمي بينه وبين زوجته ، وهو ينقل بعض الأغراض الخاصة به من شقته إلى منزل بالعقار المجاور ، مما يعني أن الأمور كانت تسير بشكل طبيعي وأن الانفصال قد تم بصورة كاملة .

وهذه الشهادات التي أفادهم بها شهود العيان ، والجيران بشأن الأسرة دفعت رجال التحقيقات للمزيد من التحري ، من أجل معرفة الحقيقة فقد يكون بالأمر شبهة جنائية وأراد الجاني ، أن يوصل رسالة مفادها أن الرجل قد قتل أسرته ثم انتحر ، في حين أن الأمر قد يكون ذو خلفية جنائية .

By Lars