كان الحسن والحسين توأمان تطابقت ملامحهما بشكل كبير ، بل أمهما نفسها كانت كثيراً لا تستطيع التمييز بينهما ، إلا حين تجردهما من ملابسهما ، إذ كان على ظهر الحسين شامة صغيرة تميزه.
كان الأب يدعى شمس الدين ويعمل موظفًا في إحدى الإدارات ، وصلا الحسن والحسين إلى المرحلة الثانوية ، وكان الشبه الذي يصل إلى حد التطابق ، كثيراً ما يزعج الأساتذة في المدرسة ، وكان الحسين شديد الذكاء ، ولكنه كان مستهتراً بدروسه ، عكس أخيه الحسن الذي كان ملتزماً ومجتهداً في دراسته ، وحصل الحسن على بكالوريوس والتحق بكلية المحاماة ، بينما آخيه الحسين لم يكمل تعليمه .
بل وكان يحاول استغلال التطابق بينه وبين آخيه الحسن ، في جعله يقوم ببعض الاختبارات الشفهية بدلاً عنه ، ولكن حبل الكذب قصير وتفطنت أساتذته لذلك ، وصدر قرار رفده من المدرسة.
وبعد أن أنهى الحسن دراسة المحاماة ، فتح مكتب خاص به وأوكل لأخيه الحسين مساعدته ، في تولي شئون المكتب عند غيابه ، وبعد عامين مات شمس الدين وترك قطعة أرض ، ومبلغ من المال ارثًا للحسن والحسين .
وكان الحسين شديد الإسراف في الأمسيات والسهرات ، وبدأ الحسن يناقش مع آخيه زيادة نفقاته وسوء سلوكه ، ويحثه على ضرورة التزامه حد أدنى من التحفظ ، حفاظًا على سمعة المكتب ، لم يكن الحسين يعير أي اهتمام لما يصدر عن شقيقه من نصح ، وبعد مرور عام التقى الحسن بفتاة وتعلق بها قلبه ، وقرر الارتباط بها ولكنه لاحظ إنها لا تستطيع التفريق بينه وبين الحسين ، فخشي أن يتقاسمها معه ذات يوم .
فقرر الاستغناء عن خدمات الحسين في المكتب ، وأن يعرض عليه تقسيم الإرث ليشق كل منهم طريقه في الحياة ، واتفقا على اللقاء في أرض ورثها عن والدهما ، لفض كل خلافاتهما وتقسيم الإرث .
وفي مساء اليوم التلي التقى الحسن والحسين بتلك الأرض ، ودار بينهما نقاش حاد حول الأسباب التي جعلت الحسن يستغني عن خدمات شقيقه التوأم ، فأظهر الحسين بندقية الصيد الخاصة به ، وهدد الحسن بالقتل .
ولكن الحسن لم يكترث ، وفي لحظة اشتد فيها النقاش خرجت طلقة من البندقية ، استقرت في رأس الحسن ، وسقط على الأرض وكان يحتضر وبعد لحظات أسلم الروح ، ووجد الحسين نفسه وحيداً مع جثة أخيه .
فكر الحسين مسرعًا في إخفاء الجثة قبل حلول الصباح ، وحفر حفرة عميقة ووضع بها جثة آخيه الحسن ، ووضع معه بندقية الصيد وردم التراب ، وعاد إلى المنزل وبعد تفكير طويل دام ثلاثة أيام ، قرر الحسين انتحال شخصية آخيه الحسن ، وتوجه إلى مركز الشرطة وأبلغ عن اختفاء شقيقه الحسين .
وعاد إلى مكتب آخيه الحسن ، ليعمل مكانه وحمل وثائق هوية آخيه الحسن ، ولم يشك أحد في أمره ، وذات يوم جاءت إلى مكتبه تلك الفتاة ، التي كان يود آخيه الارتباط بها ، فخشي أن تكشف أمره ، فتحدث معها وأخبرها أنه غير رأيه في الزواج منها ، وأصابتها تلك الكلمات الجافية الصدمة ، وانسحبت في هدوء وعيناها تدمعان .
وبذلك تخلص الحسين من تلك الفتاة ، التي قد تكشف حقيقته ، وبعد مرور 10 سنوات جاء قرار بنزع ملكية الأرض من ورثة السيد شمس الدين ، لإقامة مشروع عام في تلك الأرض ، وعندما جاء القرار تذكر جثة آخيه التي دفنها هناك .
فبادر برفع دعوة قضائية ضد ذلك القرار ، ولم يفلح الأمر ففكر في الهروب للخارج ، لكن تجديد جواز السفر ، سيتطلب منه تجديد بطاقة هويته فلم يفلح الأمر أيضاً ، وبعد عدة أيام اكتشف العمال وجود الجثة وبندقية الصيد ، تم استدعاء الحسن للمثول أمام الشرطة للتحقيق حول وجود تلك الجثة في أرضه ، فأنكر أن يكون لديه علم بالجثة أو ببندقية الصيد ، بل وأخبرهم أن آخاه الحسين ، هو من كان يتردد كثيرًا علي تلك الأرض .
ووضع الحسن رهن الاعتقال ، وكنوع من الاجراء الروتيني تم رفع بصماته ، وكانت النتيجة التي كشفتها ذلك التحريات ، أنه هو الحسين شمس الدين ، وأنتحل شخصية آخيه وبقياسات الجمجمة تبين أن الجثة هى للحسن آخيه ، وبعد ضغط من الشرطة اعترف بجريمته وأحيل إلى المحكمة الجنائية ، في تهمة قتل مع سبق الاصرار ، وانتحال هوية أخيه ، وممارسة مهنة المحاماة دون أي مؤهلات.