أدى الحاج أحمد صلاة العصر ثم قرر التوجه إلى الميناء ، لعله يظفر بسمك شهي لوجبة العشاء ، فخرج الرجل وأستوقف سيارة أجرة وعندما توقفت السيارة ، فوجئ بوجود زبون بجوار السائق ، فتردد ولكن سائق التاكسي سأله عن وجهته ، ولما علم أنه يريد التوجه إلى الميناء ، دعاه إلى الركوب .
أجرى الرجل الموجود بجوار السائق مكالمة هاتفية ، يتحدث فيها بصوت مسموع جداً ، وفهم الحاج أحمد من تلك المكالمة ، أن ذلك الزبون مقاولاً في البناء ، وأن لديه مشكلة مع شخص يبيع مواد بناء ، ولم يوفي لك الشخص بوعده وأنه صرف شيكاً ، قد دفعه له الزبون على سبيل الضمان .
بعد أنهى الرجل مكالمته عاد سائق الأجرة ، لرفع صوت كاسيت السيارة ثم رن جوال الزبون مرة أخرى ، وانخرط في الرد وكان موضوع أخر وذكر في تلك المكالمة ، وقال : أن لم يسدد ما في ذمته ، سأنحره كما تنحر الشاه ، كما أضاف وقال : قل له أنى بن الخياط وليسأل ، عني ليعرف المزيد .
كان السائق والحاج أحمد ينصتان لمكالمة الزبون ، في صمت واندهاش ثم توقفت السيارة في محطة ، لبيع الوقود ونزل الزبون وتمكن الحاج أحمد عن نزول ذلك الرجل من رؤية وجهه ووشم في يده ، وما أن تحركت السيارة حتى تكلم السائق ، وذكر أن ذلك الزبون من الناس الذين لا يقدمون ، أدنى احترام للآخرين حيث لم يكف عن الحديث ، منذ أن ركب .
في باب الميناء نصبت طاولات خشبية ، وضع عليها أصناف مختلفة من السمك ، وتوقفت السيارة هناك ونزل الحاج أحمد ، واشترى بعض السمك وعاد إلى منزله حيث أعدت له زوجته العشاء ، وجلسا لتناوله معاً .
وفي اليوم التالي نشرت صحيفة محلية ، خبر العثور على جثة رجل لفت في كيس بلاستيكي ، وبعد إخضاعها للتشريح تبين أن تلك الجثة ذبحت ، في تلك اللحظة تذكر الحاج أحمد ذلك الزبون ، الذي هدد ما كان يتحدث معه عبر الجوال ، بالقتل ذبحًا كالشاة .
وفيما كتب في الصحيفة أن ما تم الحصول عليه ، من شهادات لهوية القتيل تؤكد أنه شابًا في الثلاثين من عمره ، يعمل في البناء وقد عثر علي هوية لشخص يدعى (العطار) كما عثر على رخصة قيادة ، تخص الشخص ذاته وعثر ايضًا على فاتورة لبيع بعض مواد البناء .
انتبه ضابط الشرطة لتلك الوثائق التي عُثر عليها ، بجوار الجثة المطوية في الكيس البلاستيكي ، وكان الشخص المقتول هو العطار الذي عُثر على هويته ، ورخصة القيادة الخاصة به وبفحص الوثائق ، تم اكتشاف عدة بصمات منها بصمات القتيل ، وكان يتعين الوصول لأصحاب البصمات الأخرى .
بعد عدة أيام رأى الحاج أحمد شخصًا ، وشعر أنه رآه من قبل ولكنه سرعان ما تذكر ، أنه هو الشخص نفسه الذي كان في التاكسي ، ذلك اليوم والذي هدد بذبح أحدهم كما تذبح الشاه ، وكان الحاج أحمد متابعاً لقصة ذبح العطار ، والذي ذكرته قصته منذ أيام قليلة في أحدى الصحف .
راودت الحاج أحمد عدة أفكار ، ومنها أنه ربما يكون ذلك الشخص قد نفذ تهديده ، وقتل هو السيد العطار ثم واصل سيره ، وشعر بأنه عليه أن يبلغ الشرطة بما سمعه من تهديد ، في تلك الليلة ووقف واسترجع ذكريات ذلك اليوم ، حتى تذكر أسمه الذي لفظه أثناء إحدى مكالمته ، نعم أنه قال إنه يدعى (بن الخياط) .
قرر الحاج أحمد التوجه لمركز الشرطة في اليوم التالي ، وفي صباح الغد اتجه الحاج أحمد إلى مركز الشرطة ، وأخبر الشرطي أنه منذ أن قرأ خبر العثور على جثه العطار ، أن لديه ما يلح عليه ضميره لأخباره للشرطة ، وحكى له عن ذلك الشخص الذي كان يتحدث في الهاتف ، ويهدد أحدهم بالنحر مثل الشاة .
فسأله الضابط عن مواصفات ذلك الشخص ، وذكر الحاج أحمد أنه لمح ملامحه ولمح وشما على يده اليسرى ، كما كشفت البصمات التي وجدت على الهوية عن أسماء ثلاثة أشخاص ، منها اسم القتيل واسم امرأة واسم رجل يدعى حمودي ، وكشفت التحريات أن تلك السيدة التي عُثر على بصماتها ، هى خطيبته ثم تم التوصل إلى حمودي ، وكان مقاولا للبناء ونفي صلته بالقتيل .
كان تفسير حمودي لوجود بصمته على هوية القتيل ، أنه شغله يومًا وتسلم منه البطاقة ، ثم أعادها إليه ولاحظ الضابط على يده اليسرى ، وجود وشم يشبه ما وصفه الحاج أحمد ، وعندما سأله الضابط عن لقبه أخبره بدون تردد (بن الخياط) ، فسأله الشرطي عن سر تهديد النحر بالشاة ، الذي هدد به في إحدى مكالماته الهاتفية .
ذكر بن الخياط وأخبره أن ذلك التهديد جاء بعد أن رفض دفع مبلغ من المال اقرضه اياه من قبل ، وكان في حاجة لذلك المال ولما انتبه لما قاله ، أدرك أنه لا مجال من التراجع عن الاعتراف ، وأقر بأنه نفذ تهديده وذبحه كما تذبح الشاه .