كثيرًا ما وضعت المجاعات والحروب البشر في مآس عديدة ، وغيرت من طبيعتهم البشرية وصاروا أقرب للحيوانات في تناول الطعام أو أكل لحوم البشر ، ولقد استعرضنا سابقًا عددًا من تلك المجاعات والحصار للعديد من المناطق والدول ، التي أجبرت أبناءها على تناول لحم بعضهم البعض ، ولكن قد نجد في بعض الأحيان عائلات كاملة تعيش على التهام لحوم البشر دون مجاعة أو كارثة ، عملت على تغيير طبيعتهم البشرية التي تنأى عن أكل اللحم البشري ، دون مبرر واضح أو جدوى ، ولكم ارتكبت لعديد من الجرائم في حق الكثيرين من أجل الطعام فقط .
ساوني بين ، هو اسكتلندي الأصل ، وُلد بعائلة ريفية على بعد عدة أميال شرق مدينة إدنبرة ، إبان فترة تولي الملك جيمس الأول لاسكتلندا ، وكان يعمل أبوه في مجال تسييج المزارع ، وظل يُعد ساوني منذ نعومة أظفاره للعمل في نفس المجال ، وبالفعل ساعد ساوني والده كثيرًا ولكنه كان بطبيعته كسولاً وخمولاً ، ولا يرغب في العمل من الأصل ، فقام بعد فترة رغم أنه كان يتكسب من عمله هذا ، بالفرار مع امرأة تشبهه في الطباع إلى جانب ريفي يبعد عن منزل عائلته لمسافة بعيدة ، وعاشا حياتهما معًا.
عاش ساوني وزوجته بعيدًا عن البشر داخل أحد الكهوف المطلة على شاطئ غالوي ، ولم يكن لهما اختلاطًا بأي شخص ، حيث ظل كلاهما داخل الكهف لفترة خمس وعشرون عامًا ، أنجبا خلالها الكثير من الأبناء والحفدة ، وعلموهم أن يعيشوا جميعًا مثلهم بعيدًا عن الاختلاط بأي كائن غيرهم ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، فقد بدأ ساوني وزوجته في اختطاف البشر ، ولم يتوقفا عند هذا الحد بل قاموا بقتل كل من وقع في أيديهم بكل قسوة.
كان كل من يمر بالمنطقة التي تعيش بها عائلة ساوني يختفي بشكلٍ غامض ، ولم يفهم أحد ما السر حول هذا الأمر ، فقد كانت تلك العائلة الدموية تعمل على تقطيع جثث الضحايا أيًا كانت الضحية فقد تكون امرأة أو طفلاً أو حتى رجل!
الكل يتم تقطيعه وإعداده ليصبح وجبة شهية لعائلة ساوني المتوحشة ، وبعد أن يتم الحصول على لحم الضحية ، تقوم العائلة بإلقاء عظام الأكف والأقدام والبقايا في البحر ، ولكن بعيدًا عن المنطقة التي يقبعون بها حتى لا تثير تلك البقايا الشكوك حولهم ، وبالطبع كانت مياه البحر المتحركة يمينًا ويسارًا تقذف بتلك البقايا على شواطئ متجاورة ، مما يثير الرعب في نفوس كل من يراها من الناس ، ويحتار لجميع من أين أتت؟
كانت الأعداد الكبيرة للأشخاص المختفين بالمنطقة التي يعيش بها عائلة ساوني ، تثير الشكوك حولهم مما دفع البعض لإرسال الجواسيس والعساسين من أجل الحصول على أية معلومات ، فكان البعض منهم سيئ الحظ ولم يعد قط ، بينما من عاد منهم لم ير شيئًا يثير الشبهات حولهم بالدليل القاطع.
ثارت الشكوك حول أصحاب الفنادق والنزل المفتوحة بالقرب من عائلة ساوني أيضًا ، حيث أن بعضهم كانوا قد أتوا من أماكن بعيدة وباتوا ليلة أو اثنتين بأحد الفنادق ، وبالتالي ألقي القبض على أصحاب تلك الفنادق وتم التحقيق معهم بل وتعذيبهم من أجل الاعتراف بتلك الجرائم ، وأُعدم منهم أيضًا البعض ! مما دفع الآخرون لإغلاق نزلهم تجنبًا لنفس المصير .
ظلت العائلة متخفية عن الأنظار داخل كهفهم الذي كانت تغمره المياه مع المد ، مما جعل فرق التفتيش التي كانت ترسلها الدولة لا تشك بأن أحدهم قد يعيش داخل تلك الكهوف المظلمة ، وفي أحد الأيام وعندما هجم أفراد العائلة على رجل يمتطي جواده وزوجته ، سقطت الزوجة من فوق الجواد وهنا تجمع حولها أفراد العائلة وقطعوا حنجرتها وثيابها وأخرجوا أحشائها وجروها إلى داخل الكهف لالتهامها ، فصمد الزوج وقام بمقاومتهم بسيفه وسلاحه لأنه علم بأنه سقوطه ، سيجعله يلقى نفس المصير وقاوم حتى فر هاربًا من براثنهم بالفعل.
وذهب الرجل إلى المفتشون وأخبرهم بما حدث معه ، فقاموا بتهدئة روعه وأخذوه إلى العاصمة جلاسكو لشرح ما حدث له إلى الملك ، فأمر بحشد فرق التفتيش والذهاب مع الرجل لتمشيط المنطقة والقبض على العائلة المتهمة ، ذهب الرجال إلى المنطقة وظلوا يبحثون لفترة طويلة ولم يجدوا شيئًا مثيرًا ، رغم مرورهم إلى جوار الكهف المظلم ولكنهم لم يتوقعوا أن يعيش أحد ما بمثل هذا المكان .
وبمجرد انحسار المد وانكشاف الكهف نبحت الكلاب وأخذت تعوي بشكل مثير مما دفع القائد إلى حشد رجاله والدخول إلى الكهف دون أن يتوقع أن يجد شيئًا ، ولكن كانت دهشته كبيرة عندما وجد بقايا ضحايا العائلة والكثير من العظام والبقايا البشرية ، وعند مداهمة المكان وجد أفراد عائلة ساوني وكانت مكونة من 8 أبناء ، والكثير من الحفدة نتاج زواج المحارم بين الإخوة والأخوات ، وتم إلقاء القبض على العائلة كاملة وتقطيع أيدي وأرجل الرجال جميعًا وتركوهم ينزفون حتى الموت ، وتم إحراق النساء كافة جزاء لما اقترفته تلك العائلة من إثم .