هناك العديد من القصص الملهمة التي تجعل الإنسان يدرك أن بيده فعل المستحيل ، وإنه حتى وإن كان في الأعماق فبإمكانه الطفو على وجه الماء والسباحة لكي يصل إلى مبتغاه ، كما فعلت هناء اسكندر تلك الفتاة التي نشرت صورها على أغلفة المجلات وهي صلعاء لا شعر في رأسها ، فقط هي ابتسامة على وجهها محملة بوجع السرطان اللعين .
فقبل عدة أشهر حزن المجتمع بالمملكة كثيرًا عٌلى فقدان أيقونة محاربة السرطان هناء اسكندر ، التي لم يقهرها المرض وإنما قهرها موت أخيها محارب السرطان الأول في السعودية حمزة اسكندر ، الذي كان ينشر دائمًا ابتسامته العريضة بين الجميع ، ولا يعبأ بأنات المرض الشديدة مؤمنًا بأن المؤمن مبتلى وأنه جديرٌ بهذا الابتلاء .
أما أخته هناء ذات الأربعة وعشرين ربيعًا فكانت هي بادرة الأمل التي تعلق بها ألاف المرضى في العالم ، حيث كانت تقاوم المرض بكل ما أوتي لها من قوة ، بعد أن أصيبت قبل ثمانية أشهر من وفاتها بمرض ساركوما السرطان ، وهو نوع نادر جدًا من سرطان الثدي في المرحلة الرابعة ، وغالبًا ما يصيب الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 إلى 35 لأنه يتغذى على الأوعية الدموية الجديدة .
وقد شغلت هناء بمرضها هذا الرأي العام ومتابعيها عبر سنا بشات ، التي كانت تطل عليه بين الحين والأخر وتطمئنهم على صحتها ، وصحة أخيها الذي أصيب بمرض السرطان في صغره نتيجة الإهمال الطبي وحاربه لمدة أربع سنوات ، فقد كان لديه مشكلة في القلب وتجمع للمياه في الرئة ، ولكن نتيجة للإهمال الطبي تدهورت حالته ووصلت للإصابة بالمرض الخبيث .
وبعد صراع مرير مع المرض تمكن حمزة من مقاومته ، إلا أنه توفي عن عمر 25 عامٍ ففجع موته قلب شقيقته الصغيرة هناء ، ولحقت به بعد أربعة أشهر فقط من وفاته ، فقد تدهورت صحتها بشكل مفاجئ في المستشفى الجامعي بجده ، مما أدى إلى دخولها في غيبوبة ولكن قبل أن تستلم هناء للمرض ، طلبت من والدها ترتيل صورة يس ثم قرأتها بنفسها .
كانت هناء تشعر بألامًا شديدة قبل الدخول في تلك الغيبوبة ، وطلبت من والدها أن يجعل الطبيب يعطيها أي مسكن كي تقوى على تحمل الألم ، ولكن حاصرتها اللحظات المؤلمة والحزينة لوفاة حمزة ، فشردت بذهنها لتغوص في اللاوعي وتغرق في غيبوبة عميقة ، انتقلت على إثرها إلى الرفيق الأعلى بعد عشرة أيام فقط ، قضتهم في مستشفى جدة نتيجة نزيف داخلي في الدماغ أحدثه انتشار الورم .
والجدير بالذكر في قصة هناء اسكندر أنها تحلت بالشجاعة والجرأة بمساندة أخيها وذلك في مسألة خروجها على إحدى صفحات المجلات المحلية دون غطاء للرأس لتقول للعالم كله أنها ليست خجلى من سقوط شعرها وأن المرض لا يزيدها إلا قوة وجمالاً ، ولعل هذا ما جعل ايفانكا ترامب ابنة الرئيس الأمريكي تبدي انبهارها بشخصيتها المحاربة .
فهكذا كانت هناء صلبة قوية وهكذا مازالت المملكة تتذكرها كأيقونة للصبر والكفاح والتحمل ، فقد كانت تذهب لعملها رغم المرض وتوصي دائمًا أمها وأبيها بالصبر على الشدائد ، فكان ايمانها بالله قويًا أقوى من أي ابتلاء ، ولعل رغبتها في الحياة كانت متعلقة بتحقيق حلمها وحلم أخيها بإنشاء مركز كبير لمحاربة السرطان في المملكة ، ولكنها إرادة الله سبحانه وتعالى أقوى من أي شيء ، فرحم الله ابنة المملكة الصابرة الجلدة هناء اسكندر هي وأخيها الفقيد حمزة محاربي السرطان الأوائل في المملكة .