يعتقد الكثيرون أن من يمتلك المليارات ولد غنيًا ولم يبدأ من الصفر ، ولكن قصة لي كا شنغ تثبت عكس ذلك فقد كان فقيرًا جدًا لدرجة أنه لم يكن يمتلك قوت يومه ، ولد لي كا شنغ عام 1938م في جنوب الصين ، ثم هاجرت عائلته بعد ذلك إلى هونج كونج عام 1940م ، وبعد أن توفي والده بمرض الشلل اضطر لي كا شنغ إلى ترك الدراسة والتفرغ تمامًا للعمل لكي يعول أسرته الفقيرة .
حيث بدأ العمل في سن الرابعة عشر ثم مرض مرضًا شديدًا في تلك الفترة وأصيب بالشلل ، فاعتقد الجميع أنه سيموت مثل والده بنفس المرض ، ولكنه قضى فترة بالحجر الصحي وبعدها تم شفائه ، وخرج من تلك المحنة قويًا ومصرًا على النجاح فعمل في مصنع للبلاستيك .
ولم يكتفي بذلك فقط فبعد إنهاء العمل اليومي في مصنع البلاستيك ، كان يعمل ببيع الساعات ليحصل على مال يكفيه هو وأسرته للعيش ، ووصل فقر العائلة أنهم بعد وفاة والده قاموا ببيع ملابسه كي يتمكنوا من الحصول على الطعام ، حتى أن لي كان يحلق رأسه تمامًا لكي لا يذهب للحلاق إلا كل 3 شهور وذلك لتوفير المال .
واستطاع لي أن يتعلم الكثير من خلال عمله في مجال المبيعات ، كما ألم بالكثير عن صناعة البلاستيك ولذلك ترقى في المصنع وتولى مسئوليات كثيرة ، واستمر بهذا المجال حتى سن 23 سنه وكان لي كثير القراءة والتعلم ، لأن والده كان يعمل بمهنة التدريس ومن بعدها الإدارة المدرسية ، وكان لشخصيته الفضل في غرس حب القراءة والعلم لدى لي .
أما عن بدايات لي في عمله الخاص فقد حدث ذلك حينما استطاع أن يوفر مبلغًا جيدًا من المال ، اقترض عليه من بعض أصدقائه وأقاربه لكي يؤسس أول مصنع له متخصص في الألعاب البلاستيكية وصناعة الصابون وسماه مصنع تشيونج كونج .
أسس لي هذا المصنع الصغير بمبلغ 6500 دولار ، وكان في البداية يقوم بمعظم الوظائف بالمصنع بنفسه من حسابات وصيانة للماكينات ، وبعد ذلك اشترى لي أول شقة بحياته في عمر الـ 28 وكان سعيدًا بذلك للغاية ، ومما ساعده على النجاح هو اطلاعه دائمًا على الجديد في صناعة البلاستيك .
كما أنه سافر إلى أوروبا كي يتعلم أفضل طريقة لمزج الألوان وذلك ليصنع الورود البلاستيكية الصناعية بنفسه ، حيث كان الإقبال يتزايد عليها يومًا بعد الأخر ، وبعد عودته حول المصنع إلى مصنع لصناعة الورود الصناعية بأسعار زهيدة ، وقام بعقد اتفاقيات لتوريد الورود إلى الخارج ، وأصبح من أكبر الموردين للزهور الصناعية بآسيا .
وما يميز لي كا شنغ عن غيره من التجار الأثرياء هو معاملاته الجيدة ، ففي أحد الأيام طلب منه أحد العملاء إلغاء صفقة كان قد عقدها معه من قبل ، فوافق لي على الفور دون أن يتذمر أو يخسر عميله ، وكان يقول عن ذلك الموقف : أن بناء علاقات قوية بين الأشخاص أهم بكثير من المال .
ومرت الأيام وجاء عميل أخر بناء على توصية من صديق للي ، وألغي الصفقة ، حيث مدح الصديق لي وأخبر العميل بأنه يمتلك أفضل مصنع بلاستيك بهونج كونج ، فتعاقد مع مصنعه وقام لي بإنتاج بضاعة لهذا العميل لمدة 7 أشهر ، وقد اشتهر لي كا شنغ بان كلمته عقد وثقة بين الجميع ، فسمعته الجيدة كانت من أهم أسباب نجاحه .
ولكن رغم هذا النجاح فشل لي في تجديد عقد إيجار مصنعه بسبب مغالاة المالك ، فاشترى قطعة أرض جيدة لبناء المصنع عليها ، كما اشترى أراضي كثيرة بسعر زهيد أثناء الحرب إيمانًا منه بأن الحرب ستنتهي ذات يوم وسيعم الخير على الجميع .
وبالفعل هذا ما حدث فاتجه لي للاستثمار في العقارات أيضًا ، واستطاع أن يكسب الكثير من المال ، ثم دخل في عالم صناعة حاويات الشحن حتى تحكم في أكثر من 13 في المائة من صناعة الحاويات بالعالم .
وفي عام 1979م أصبح لي كا شينغ من أكبر ملاك العقارات بهونج كونج ، وهو الآن يبلغ من العمر تسعين عامًا أما ثروته فتقدر بـ 30 مليار دولار تقريًبا ، ليتحول بذلك إلى أغنى ملياردير بهونج كونج .