لا يقبل النجاح إلا بكل كادح وقف على بابه وأصر أيُما إصرارًا على الدخول ، فالمرء منا حين ينفذ صبره ويدير ظهره للهدف بالطبع لا يحصل عليه ، أما الحالمين الظافرين فهم من حلموا بتحقيق الهدف واستطاعوا بالسعي أن يجدوه ماثلًا أمامهم على أرض الواقع كهذا الملياردير السوداني الذي بدأ رحلته من العدم .
ميلاده ونشأته :
هو محمد فتحي إبراهيم سوادني الأصل مصري النشأة ، حيث ولد في جنوب النوبة بشمال السودان عام 1946م ، ثم غادر مع عائلته إلى مصر حيث درس بها وتعلم في مدارسها ، وكان من أوائل الثانوية العامة آنذاك .
دراسته وعمله :
بدأ الشاب السوداني في دراسة الهندسة بجامعة الإسكندرية ثم بعد تخرجه منها ، هاجر إلى انجلترا عام 1974م وهناك حصل على شهادة الماجستير في هندسة الكهرباء من جامعة برادفورد .
وتلا نجاحه هذا عدة نجاحات تمثلت في حصوله على شهادة الدكتوراه في الاتصالات النقالة من جامعة برمنغهام ، ثم التحاقه للعمل في شركة اتصالات بريتش تيليكوم وتدرجه بمناصب الشركة ، حتى وصل إلى منصب الرئيس التقني لقسم الاتصالات النقالة هناك .
بدايته في عالم الاستثمار :
كان الملياردير محمد إبراهيم أو مو كما يطلق عليه مهتمًا بمتابعة الاستثمارات في أفريقيا ، حيث كان على يقين تام بأن إفريقيا هي الملعب المناسب لكل من يريد المغامرة واللعب في سوق المال .
وذلك بسبب ما قالته له زميلته الإسبانية أثناء الدراسة عن زواجها من رجل عصامي هولندي الجنسية ، والتي قابلته في رحلة بإفريقيا أخبرها فيها أنه صنع ثروته كلها هناك ، حيث ذهب إلى إفريقيا أول مرة وليس معه من المال إلا ما يكفيه من العيش لمدة أسبوع واحد فقط .
ولكنه على الرغم من ذلك تمكن من إنشاء إمبراطوريته في خمس سنوات ، وعندما تخرج مو إبراهيم ظل هذا الكلام في رأسه حتى قرأ مقالة عن كمية الوقت والمجهود الضائعين في الدول التي لا تمتلك وسائل اتصال مسموعة .
الأمر الذي جعله يركز على مجال الاتصالات النقالة ، ويحاول أن يدخل بها إفريقيا متحديًا بذلك كل المثبطين الذين نصحوه بألا يفعل هذا ، بسبب الفساد المنتشر بإفريقيا والدخول الضعيفة للأفراد الذين لا يستطيعون شراء هاتف نقال .
الانطلاقة بدأت من أفريقيا :
ولكن مو لم يستمع لهم وأصر على إدخال شبكة هاتف نقال إلى إفريقيا ، وكان ذلك عام ١٩٨٩م حيث أسس شركته msi التي عنت بتقديم الاستشارات والبرمجيات والحلول لمشاكل الاتصالات النقالة واستطاع فيها أن يحقق نجاحًا كبيرًا .
ولأنه كان رجلًا محبًا للخير والنجاح نصح أحد عملائه بالحصول على ترخيص لإنشاء شركة كشركته في أوغندا ، ولكن لم يستجيب العميل لنصيحته ونحاها جانبًا فتقدم مو نفسه لفتح شركة اتصالات نقالة في أوغندا .
وبدأ العمل بشركة أوغندا بعدد صغير من العمال بلغ عددهم ه فقط ، وواجه حينها مشكلات كبيرة منها أنه كان يحتاج لتمويل يصل إلى 16 مليون دولار ، بالإضافة إلى استشراء الفساد والرشاوى في قلب المجتمع الإفريقي آنذاك .
وكان الحل حينها أمام مو إبراهيم هو اكتساب ثقة العملاء والمستثمرين للحصول على التمويل اللازم لنجاح شركته ، والذي ساعده في ذلك برغم تلك المعوقات السالف ذكرها أنه كان اللاعب الوحيد في سوق الهواتف النقالة هناك بدون منافسة .
فاستطاع الحصول على تمويل كافي ولكنه واجهته مشكلة أخرى وكانت هي الأصعب ، وهي كيف سيقنع الأفارقة بشراء هاتف محمول وشحن رصيد له في حين أن دخل الأفراد وقتها كان ضئيل جدًا ، وللتغلب على ذلك بدأ بإنتاج بتقنيات رخيصة وبيع خطوط الاتصالات بعقود شهرية ، وكان البيع فقط للبطاقات مسبقة الدفع فكانت كل عائلة إفريقية تشترى هاتف نقال واحد للعائلة .
وانطلقت شركته في أوغندا باسم celtel ثم توسعت داخل إفريقيا في الجابون وسيراليون والكونغو ومالاوي ، وهذا التوسع تطلب منه مبالغ لا حصر لها ، فقرر بيع شركته msi واستثمار حصته منها في شركة cel .
وكان لمو مبدأ كبير في عمله التجاري حيث رفض الانصياع للرشاوى والفساد التي كانت تغرق به تلك الدول الإفريقية ، ولهذا استمر نجاحه ونال ثقة العملاء على مر السنين ، فذاع صيته وانتشرت فروعه وزاد ربحها .
عمل الخير في حياته :
فقرر أن يقدم لتلك المجتمعات التي وقفت إلى جواره أعمالًا خيرة ، من بناء مدارس ومستشفيات ومساعدة الفقراء ، فزاده الله من فضله زيادة كبيرة حيث بدأ عدد عملاء شركته في الزيادة سنة بعد الأخرى .
فزادت أرباحها بشكل خيالي حتى وصل عدد عملاء الشركة عام ٢٠٠٤م إلى 5.2 مليون مشترك ، وكان العائد السنوي من العملاء آنذاك 614 مليون دولار ، وفي عام 2005 باع مو إبراهيم حصته لشركة زين الكويتية مقابل 3.4 مليار دولار .
وقد بلغ نصيبه هو شخصيًا من تلك الصفقة 2 مليار دولار ، وبعدها تحول إلى ممارسة الأعمال الخيرية ، ومساعدة الدول الأفريقية في تطوير ذاتها كنوعًا من رد الجميل كما كان يقول مو إبراهيم .