ترخز منطقة الجزيرة العربية بعدد من الشخصيات التاريخية الذين أسروا الحياة الثقافية ، من بينهم الشيخ حسين عبدالله باسلامة أبرز مؤرخي القرن العشرين كان شاهدًا رئيسيًا على مرحلة التأسيس ورصد الأحداث السياسية بالمملكة عينه المؤسس عضوًا بمجلس الشورى وكان ضمن اللجنة التي قامت بوضع اللبنات الأساسية للتعليم .
النشأة والتعليم :
ولد الشيخ حسين بن عبدالله بن محمد باسلامة آل باداس الكندي الحضرمي المكي ، في غرة شهر صفر من العام 1299هـ بمكة المكرمة ، تعلم الشيخ على يد عددًا من الأساتذة في الكتاتيب ، ثم انتقل مع والده إلى الطائف ودرس في المكتب الرشدي ، وبعدها بدأ بقراءة كتب الفقه ومبادئ التفسير على يد الشيخ يوسف اليماني إمام مسجد الهادي .
وبعد وفاة والده انقطع عن الدراسة والتحصيل وانشغل بالتجارة لكي يعول أسرته ، وعندما أذنت له الفرصة جمع بين العلم والعمل ، فقرأ الجغرافيا والتاريخ على الشيخ محمد عبيدالله أفندي ، وكذلك الفلك والحساب حتى نهاية عام 1323هـ ، ونال إجازة الحديث الشريف وعلم مصطلح الحديث وأصول الفقة وعلم التفسير على يد الشيخ محمد شعيب الدوكالي المغربي .
وقام بدراسة التراجم والتاريخ وعلم الحديث عندما حضر الشيخ الفوتي لمكة المكرمة ، وقام بدراسة الأدب والشعر على الشيخ عبدالجليل براده ، فقرأ عليه كتاب الكامل للمبرد وديوان الحماسة وأدب الكاتب وديوان المتنبي والمقامات الحريرية ، وقام الشيخ بملازمة السيد حسين بن محمد الحبشي مفتي المذهب الشافعي نحو عشرة أعوام ، حتى قرأ عليه علوم الحديث والفقه والتفسير واللغة العربية .
ثم شد الشيخ الرحال لمصر ولسوريا عدة مرات ، وقام بالاجتماع مع عدد من العلماء الذين يأتون لمكة من أجل أداء فريضة الحج ، وتعرف أيضًا في رحلاته المتعددة على الممتهنون للعمل الصحفي بمصر والشام ، وقام بالكتابة والنشر في الصحف عددًا من المقالات العلمية والسياسية والاجتماعية ، فكان شأنه شأن طلبة العلم المجددون الذين درسوا شتى العلوم .
مؤلفات وكتب الشيخ :
قدم الشيخ حسين باسلامة عددًا من المؤلفات القيمة أولها كتاب الجوهر اللماع ، الذي جمع فيه أحكام الإمام الشافعي رضي الله عنه الفقهية وتم طباعته بمصر عام 1908م ، وألف كتابًا جمع فيه الخلافات بين الأئمة الأربعة والخلاف في الأوقات التي تكره الصلاة مع بيان الأدلة من الكتاب والسنة الشريفة .
وقام بتأليف كتاب الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ، وكتاب أخر عن وجوب الصلاة على النبي صلّ الله عليه وسلم ، ثم توقف مدة طويلة وصلت لخمسة عشر عامًا عن التأليف وعاد بكتاب حياة سيد العرب. وتاريخ النهضة الإسلامية مع العلم والمدنية ، وقسم الكتاب لخمسة أقسام ، وألف أيضًا الإسلام في أعلام العرب ، وتاريخ عمارة المسجد الحرام وتاريخ الكعبة المعظمة وقام بإهدائه للملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمه الله ، وتعد كتب الشيخ مرجعية علمية لكثير من الباحثين في التاريخ .
المناصب التي تقلدها الشيخ :
تم تعيين الشيخ رحمه الله في أول وظيفة له وهي سكرتير مجلس الشيوخ في حكومة الشريف حسين بن علي ، ثم التحق بعدد من الوظائف طيلة حياته العلمية كالتدريس بالمسجد الحرام في الفترة من 1345–1348هـ .
وعُين أيضًا وسكرتيراً لمجلس الشيوخ في العهد العثماني ، وتم تعينه أيضًا عضواً في المجلس التأسيسي في حكومة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ، وكان ضمن اللجنة التي وضعت اللبنات الرئيسية للتعليم ، وتم تعينه عضو في المجلس التشكيلي بجدة من أجل ترتيب الدوائر الحكومية السعودية ، وعضو في المجلس الاستشاري وعضو في مجلس الشورى ، وكذلك عضو بلجنة الحج ، وعضو بمجلس المعارف .
وفاته :
توفى الشيخ حسين باسلامة بالطائف بغرة شهر رجب لعام 1349هـ ، تاركه خلفه علومه الوفير ومؤلفاته وعلومه الغنية فرحمه الله رحمة واسعة .